في جلسة الحوار الأخيرة التي عقدت بين حزب الله وتيار المستقبل تحت رعاية الرئيس نبيه بري، تم التوافق على تشكيل لجنة تضم خبراء ومتخصصين من الأفرقاء الثلاثة للبحث في مسألة قانون الإنتخاب. وجرى الاتفاق على أن تعقد هذه اللجنة اجتماعات دورية بشكل سري وبعيد من الإعلام. في موازاة ذلك، شكّلت لجنة ثلاثية أيضاً من الحزب وحركة أمل والتيار الوطني الحر، وقد بدأت عملها أيضاً. هدف اللجنتين هو التقريب في وجهات النظر حيال القانون الانتخابي الجديد، في ظل الرفض القاطع لبعض القوى للنسبية الكاملة.
رغم الموقف المعلن للثنائي الشيعي عن التمسك بالنسبية الكاملة، إلا أنه في الكواليس يبدي كل من الحزب والحركة تفهماً لهواجس الآخرين، ويوافقان على أن الظرف غير مناسب للشروع في إقرار هكذا قانون، وإن كان الثنائي يعتبر هذا التفهم تنازلاً لمصلحة الخصوم، فإن المستقبل يعتبر أن الثنائي أيضاً سيكون متضرراً من النسبية الكاملة، لأن سيفسح المجال أمام أطراف شيعية معارضة بالدخول إلى الندوة البرلمانية. وتعتبر المصادر أن هذه النقطة المشتركة تمثّل تقاطعاً للمصالح بين الأخصام.
كل هذه الهواجس ستكون مطروحة على الطاولة في الفترة المقبلة، تماماً كما ستكون مسألة التحالفات الانتخابية وارتباطها بالقانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات حاضرة أيضاً. وأولى ثمار نقاش هذه الهواجس تجسّد في الزيارة التي أجراها وفد من حزب الله النائب وليد جنبلاط في كليمنصو. وكان جنبلاط قد رفع الصوت عالياً ضد "حرب الإلغاء" التي يريد البعض شنها، مبدياً استعداده للتعاون مع حزب الله في المرحلة المقبلة، لكنه اعترض على محاولات محاربته او إلغائه أو استهدافه من خلال قانون انتخابي لا يراعي صحة التمثيل أو يهدف إلى شن حملة إلغائية ضده. ما دفع الحزب إلى طمأنته، والتأكيد أنه يتفهم هواجسه وحريص على مراعاتها.
عملياً، سيكون الشهر المقبل، هو شهر قانون الانتخاب بامتياز، ولكن هل ستجري الانتخابات في موعدها؟ إذا حصل ذلك، فسيكون وفقاً لقانون الستين. أما في حال إقرار قانون جديد، فذلك سيحتم تأجيلاً تقنياً للانتخابات قد يتخطى الستة أشهر ويصل إلى السنة، لتتخذ وزارة الداخلية الاجراءات اللازمة تماشياً مع هذا القانون، والاستعداد لأكثر من خمسة عشر ألف قلم إقتراع، وإجراء دورات تدريبية لرؤساء الأقلام.
بناء على المعطيات المتوافرة، لا يبدو أن إقتراح النسبية الكاملة سيسلك دربه حالياً. لذلك، فإن خيار الستين مازال مطروحاً بقوة في ظل رفض أي تمديد جديد للمجلس. أما الخيار الثاني فهو القانون المختلط، الذي تعمل اللجان المتخصصة على تدوير زواياه ليصبح ملائماً للجميع. وأياً تكن الصيغة التي سيجري التوافق عليه، ستبقى محافظة على خصوصية الشوف وعاليه، وذلك بما يتلاءم مع رغبة جنبلاط.
إلا أن صيغة المختلط تشكّل مادة اعتراض لدى التيار الوطني الحر، إذ يعتبر عدد من نواب تكتل التغيير والإصلاح أن صيغة المختلط لا تراعي صحة التمثيل، ولا وحدة المعايير، فيما يذهب البعض منهم إلى المطالبة باجراء الانتخابات النسبية وفقاً للقانون الأرثوذكسي. ما يرفضه بشكل قاطع كل من بري، الحريري، حزب الله، وجنبلاط.
حتى الآن، يتمسك تيار المستقبل باعتراضات عديدة على كيفية تناول مسألة قانون الانتخاب. وفيما يناقش الإقتراح المقدم من حركة أمل، ويقضي بانتخاب نصف أعضاء المجلس على أساس نسبي، والنصف الآخر على أساس مذهبي، يكمن اعتراض المستقبل، على آلية توزيع الدوائر في هذا المقترح، خصوصاً دائرة بيروت الثالثة، طرابلس، وعكار. ويرى أن بقاء المقترح بتقسيماته الحالية، يعني ضربة قاسمة للمستقبل. وبالتالي فهو لن يوافق على السير بإقتراح برّي من دون إدخال تعديلات أساسية تناسبه.
في المقابل، يؤكد عدد من النواب أن قانون الستين أصبح من الماضي، ولا يمكن اجراء الانتخابات على أساسه. وهنا يعتبر النائب علي فياض لـ"المدن" أن القانون المختلط قد يجد طريقه إلى الإقرار حالياً، وإن لم يكن القانون الأفضل والمثالي، لافتاً إلى أن هناك العديد من الصيغ التي يجري بحثها، وهي اجراء الانتخابات على مرحلة أولى وفقاً للقانون الأكثري، على أن تكون مرحلة تأهيلية على أساس القضاء، فيما المرحلة الثانية تكون على أساس النسبية ضمن توزيع الدوائر الانتخابية على أساس المحافظة.
ولكن، هل هناك قطبة مخفية في مكان ما؟ لا جواب واضحاً حتى الآن، لكن البعض يعتبر، أنه في مفاوضات الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري التي انتجت انتخاب رئيس للجمهورية، طالب المستقبل بالبقاء على الستين لمرة أخيرة، أو بتأجيل الانتخابات لمدة سنة، في الظاهر يبدو التيار الوطني الحر من أشد الرافضين لذلك، وذهب الوزير جبران باسيل أبعد من ذلك بمطالبته بالنسبية الكاملة. ما اعتبره بري يصعّب التوصل إلى قانون جديد. وهنا، ثمة من يسأل: "هل أن هذا السجال، والمزايدة بين بري والوزير جبران باسيل للبقاء على الستين، ولكن تحميل المسؤولية للحريري؟". هذا ما هو غير واضح حتى الآن.
وبطبيعة الحال، فإن أي قانون جديد للانتخابات، أو حتى البقاء على الستين، فإن الأنظار بعدها ستتوجه إلى التحالفات السياسية والانتخابية. وهذه قد تتغير مجدداً، لاسيما على صعيد العلاقة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وبين الوطني الحر والقوات اللبنانية.
الانتخابات: قانون جديد يستدعي التأجيل لسنة
منير الربيعالخميس 2016/12/29

خيار الستين مازال مطروحاً بقوة (علي فواز)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها