حجم الخط
مشاركة عبر
وسط الجلبة السياسية حول استعداد الرئيس سعد الحريري دعم ترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، يبرز سؤال واحد، جوابه كفيل بتوضيح مسار التسوية المفترضة. هل الإعتراضات في المواقف وفي طرح بنود خلافية على الصيغة التحاصصية في العهد الجديد، هي لبلورة إتفاق شامل مع عون، أم أنها عراقيل توضع ليستحيل انتخابه؟ الأمور ليست واضحة بعد، خاضعة لأخذ وردّ، وستظهر في ختام جولات الحريري الذي سيستكمل لقاءاته المحلية مع مختلف الأفرقاء، على أن يغادر إلى تركيا في محاولة للقاء ولي العهد السعودي محمد بن نايف بمسعى من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن ثم إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين.
لا مجال لاستباق الأمور بالنسبة إلى حزب الله. تفكيك العقد لا تتم بالجملة، بل بالمفرق. صحيح أنه حتى اليوم لا بوادر لحلّ الأزمة الرئاسية، وتبدو أن حظوظها تراجعت، لكنها عملياً، لا تزال في مكانها، تراوح بين منزلتين، من حيث المبدأ. منطقياً، التسوية "ماشية"، أما لجهة النقاش التفصيلي فلا تزال متعثّرة، وتنتظر مزيداً من الاتصالات.
عثرتان تدفعان الأفرقاء اللبنانيين إلى الإحجام عن تبنّي خيار عون، الأولى عدم إعطاء المملكة العربية السعودية الموافقة النهائية على هذا الخيار، والثانية معارضة الرئيس نبيه بري لوصول عون إلى سدّة الرئاسة بشكل قاطع وهذا أمر مبدئي بالنسبة إليه، وهو أهم أسباب عدم تقدّم. من أسباب رفض برّي عون هو أنه يعتبره خطراً على الكيانية اللبنانية، والنظام، وينازعهم في السلطة، كما أنه يطمح إلى إستعادة صلاحية الموارنة.
حين ينتهي الاعتراض، في المبدأ، يأتي وقت البحث في بنود السلّة التي يريدها بري، وفق المصادر. وعليه، الجميع ينتظر رئيس المجلس. لذلك، يبرز السؤال عن إمكانية تدخل حزب الله للتسوية بين حلفائه، لكن المصادر تجيب سريعاً أن الحزب لم يتدخّل حين اقترب سليمان فرنجية من الوصول إلى الموقع الأول في الدولة، ولم يضغط لانسحاب ميشال عون. وفي مراحل لاحقة لم يتدخل لانسحاب فرنجية لمصلحة عون، فلماذا الآن يتدخل الحزب للضغط على برّي؟ وفي الأساس الحزب غير قادر على ذلك.
وتلفت المصادر إلى أن جولات الحريري مازالت بدون نتيجة، فهو لم يستطع إقناع أحد، ويحتاج إلى إقناع برّي، الذي إذا سار بالتسوية، سيسير النائب وليد جنبلاط.
ولكن، هل تحول الحريري من شخص يعارض انتخاب عون، إلى مؤيد لترشيحه وانتخابه وداعم له، ومن ثم أصبح هو من يخوض معركة وصوله إلى بعبدا عبر إقناع الرافضين؟ تجيب شخصية بارزة بتأكيد ذلك، وتقول: "طبعاً، هذه هي عبقرية حزب الله، إذ انتقلت بقوى الرابع عشر من آذار، من ترشيح سمير جعجع، إلى طرح مرشح توافقي، ومن ثم انتقلت إلى ترشيح أقطاب قوى 8 آذار، بدءاً بفرنجية واليوم عون، وهم يطلبون من حلفاء المرشحين القبول بأحدهما".
كل ذلك بالنسبة إلى حزب الله بسبب سوريا وتطورات ميدانها، وما تحققه إيران وحلفاؤها هناك، إلى أن وصل الأمر بأبرز المقربين من الحريري إلى إقناعه، بأن الحزب سيعود من سوريا منتصراً. وبالتالي فلنعطه ميشال عون في الرئاسة، ليكسب الحريري رئاسة الحكومة، أفضل من المرحلة التي قد تلي. ويستطيع الحزب فرض مرشّحه للرئاسة من دون حصول الحريري على أي مكسب. هذا الكلام يؤشر أيضاً إلى أن الحزب يستفيد في مختلف الاحتمالات، وتأخير إنجاز الاستحقاق لا يضرّه.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها