حجم الخط
مشاركة عبر
كمن يضع الماء في السلّة. كل الحراك السياسي يدلّل على أن قطرة ماء واحدة لن تصمد في السلّة، رغم غزارة الملقى فيها. لا يزال الحراك خجولاً، الآمال على خلوات آب الثلاث ضئيلة. وحده النائب ميشال عون يتسلّح بالأمل. منذ عشاء السفارة السعودية تغيّرت ملامحه. لا يمانع تكرار زيارة الرياض، إذا ما دُعي إليها، لا للتعزية هذه المرّة، إنما لأخذ البركة. أحداً لن يقدر على ملء سلّة الرئيس نبيه برّي. قالها له أحد الساسة من الصف الأول. الأولوية هي لانتخاب الرئيس. هذه التسوية الوحيدة القادرة على نسج أي تسوية أخرى. عدا ذلك، الأزمة طويلة ومعلّقة على حبال الخرائط المتغيرة.
تحرّرت من الفيتو السعودي، يقول عون. في السابق كان يعتبره ممهوراً بختم الوزير الراحل سعود الفيصل. تغيّرت المملكة الآن، كما تغيّرت مواقف الأفرقاء اللبنانيين، من "القوات اللبنانية" إلى "الحزب التقدمي الإشتراكي"، وليونة "مستقبلية"، وانفتاح الديبلوماسية السعودية عليه. يخرق الركود تصريح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير من القمة العربية في نواكشوط. لكن بعض الآذان اللبنانية صمّاء. لا أحد يريد أن يقرأ الأحداث والتطورات، يقول سياسي بارز. كبير هو حجم التسليم السياسي اللبناني بقضاء الإقليم وقدره. وصل إلى حدّ تجاهل التعليق على بيان صادر عن مجلس الأمن يدعو اللبنانيين إلى الدخول في تسوية سياسية على قاعدة حماية بلدهم.
دعا الجبير اللبنانيين إلى تغليب المصلحة الوطنية على ما عداها من مصالح فئوية ضيقة، وهي تتمثّل بإنهاء الفراغ الرئاسي. لا أحد يقدّم طرحاً واضحاً وصريحاً، يجيب سياسي خلال التشاور حول خلفية هذا الموقف. كل المواقف تحمل اللبس والتفسير. يختلف العرب على تحديد وجهاتهم الإستراتيجية، ونظرتهم إلى المسائل الدينية. خوفهم من الإمعان في الإختلاف يدفعهم إلى اتخاذ المواقف الصورية والتجميلية. قد يعتبر البعض كلام الجبير دفعة على الحساب لعون، والبعض الآخر قد يراها قطعاً للطريق عليه، بأنه يجب أن يفهم أنه ليس الوحيد على الساحة وعليه التخلّي عن طموحه وحساباته الشخصية.
بعد المواقف المستجدة لبعض الأفرقاء، تبقى الكرة في ملعب "تيار المستقبل". إما أن يوافق على السير بعون أو يبقى على موقفه. يغوص المستقبليون في البحث والتمحيص. يحسبون نقاط الضعف ونقاط القوة، ونسب الربح والخسارة من أي قرار قد يتخذونه. الخلاصة الوحيدة لديهم، أن أحداً لا يمكنه الوثوق بعون، وهو الأسرع في الإنقلاب على التزاماته. بعض الصقور في التيار الأزرق، لا يريدون الخسارة بفعل الإنتظار، إما الهجوم أو المهادنة على قاعدة إيجاد حلّ. لكل من "القوات" وجنبلاط أهدافه المعلنة، وافقا على عون. "حزب الله" أيضاً يدّعي ذلك وتشغله سوريا والإقليم. رئيس مجلس النواب يريد السلة وفرنجية. "المستقبل" وحده ليس لديه وظيفة، عليه تحديد وظيفته السياسية والسير بها، إما عون، أي التسوية وانتخاب رئيس، أو اختيار طريق سياسية أخرى مع تحديد وجهتها المواجهتية.
أحدهم لا يرى ضرراً في انتخاب عون، والعودة إلى الإمساك بمفاصل الأمور والتسويات. قد يكون خيار عون خسارة، لكنها تكون ناتجة بقرار وخيار. وبذلك لا نكون موظفين عند أحد في السياسة. فإن لم نكن قادرين على الربح، نتخذ قراراً يجنّبنا الخسارة الكاملة، من دون استدراجنا إلى ملعب الخصم. نحمي الطائف والتوازن، والنظام. أيضاً كان لعون موقف لافت في هذا الصدد ولم يلتفت إليه أحد. يردّ آخر على هذا الكلام، بأن على "المستقبل" التوجّه إلى المجلس والمضي في خياره بترشيح فرنجية، ولكن عون يفوز إذا ما ضغط "حزب الله" على برّي. وبذلك لا يكون "المستقبل" استدرج إلى ما يريده الحزب. وهكذا تكون الخسارة ديمقراطية.
لا تستوي الديمقراطية في لبنان، فمن يخسر في هكذا استحقاق بعناد وبدون تقديم التنازلات، سيكون مهمّشاً في العهد العتيد. لذلك، يفضلّ هؤلاء اجتراح التسويات المعتادة التي لا تقتل الديب ولا تفني الغنم. بموازاة هذا النقاش المستمرّ، يقود الدكتور سمير جعجع معركة عون. البلد لا يحتمل، وإذا كان "حزب الله" فعلاً يريد الفراغ بحسب قناعة "القوات" و"المستقبل"، فعليهما حشره أكثر، وإحداث مزيد من الإرباك في صفوف "8 آذار"، يوافق بعض المستقبليين على وجهة النظر هذه، ولاسيماً أنها تُبعد عنهم أي اتهام بالتعطيل.
هذا النقاش الدائر، يبقى عالقاً بين وجهتين، القرار السعودي، وعلاقة "المستقبل" مع شارعه وشعبيته. أحد نواب "المستقبل" المسيحيين قال للحريري إنه إذا ما وافق على عون، سيبقى هو السنّي الوحيد مع تيار المستقبل، ويعلّق آخر بأن ذلك يحتاج إلى نقاش وحساب الربح والخسارة. بالنسبة إلى الموقف السعودي، يقول مريدو عون إن الفيتو لم يعد موجوداً، وقد وجد سابقاً بفعل فيتو سمير جعجع، الآن قد تكون الأمور تغيّرت. لكن اليوم انخراط "المستقبل" بتأييد عون للرئاسة، وذلك لعدم تحمّل المسؤولية في الفراغ الرئاسي، فإن ذلك سيحمّله مسؤولية الفراغ طوال السنتين الماضيتين. وبذلك سينجح الحزب بتحميل "المستقبل" مسؤولية ذلك الفراغ، وبأنه كان عليه الموافقة على هذا الخيار منذ البداية. لكن ذلك يبقى مقروناً بما يمكن أن يحصّل سياسياً. وما بين الوجهتين يعتبر عون أن البراغماتية عاجلاً أم آجلاً، وإستناداً إلى التطورات الداخلية والدولية، قد توصله إلى بعبدا.
تحرّرت من الفيتو السعودي، يقول عون. في السابق كان يعتبره ممهوراً بختم الوزير الراحل سعود الفيصل. تغيّرت المملكة الآن، كما تغيّرت مواقف الأفرقاء اللبنانيين، من "القوات اللبنانية" إلى "الحزب التقدمي الإشتراكي"، وليونة "مستقبلية"، وانفتاح الديبلوماسية السعودية عليه. يخرق الركود تصريح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير من القمة العربية في نواكشوط. لكن بعض الآذان اللبنانية صمّاء. لا أحد يريد أن يقرأ الأحداث والتطورات، يقول سياسي بارز. كبير هو حجم التسليم السياسي اللبناني بقضاء الإقليم وقدره. وصل إلى حدّ تجاهل التعليق على بيان صادر عن مجلس الأمن يدعو اللبنانيين إلى الدخول في تسوية سياسية على قاعدة حماية بلدهم.
دعا الجبير اللبنانيين إلى تغليب المصلحة الوطنية على ما عداها من مصالح فئوية ضيقة، وهي تتمثّل بإنهاء الفراغ الرئاسي. لا أحد يقدّم طرحاً واضحاً وصريحاً، يجيب سياسي خلال التشاور حول خلفية هذا الموقف. كل المواقف تحمل اللبس والتفسير. يختلف العرب على تحديد وجهاتهم الإستراتيجية، ونظرتهم إلى المسائل الدينية. خوفهم من الإمعان في الإختلاف يدفعهم إلى اتخاذ المواقف الصورية والتجميلية. قد يعتبر البعض كلام الجبير دفعة على الحساب لعون، والبعض الآخر قد يراها قطعاً للطريق عليه، بأنه يجب أن يفهم أنه ليس الوحيد على الساحة وعليه التخلّي عن طموحه وحساباته الشخصية.
بعد المواقف المستجدة لبعض الأفرقاء، تبقى الكرة في ملعب "تيار المستقبل". إما أن يوافق على السير بعون أو يبقى على موقفه. يغوص المستقبليون في البحث والتمحيص. يحسبون نقاط الضعف ونقاط القوة، ونسب الربح والخسارة من أي قرار قد يتخذونه. الخلاصة الوحيدة لديهم، أن أحداً لا يمكنه الوثوق بعون، وهو الأسرع في الإنقلاب على التزاماته. بعض الصقور في التيار الأزرق، لا يريدون الخسارة بفعل الإنتظار، إما الهجوم أو المهادنة على قاعدة إيجاد حلّ. لكل من "القوات" وجنبلاط أهدافه المعلنة، وافقا على عون. "حزب الله" أيضاً يدّعي ذلك وتشغله سوريا والإقليم. رئيس مجلس النواب يريد السلة وفرنجية. "المستقبل" وحده ليس لديه وظيفة، عليه تحديد وظيفته السياسية والسير بها، إما عون، أي التسوية وانتخاب رئيس، أو اختيار طريق سياسية أخرى مع تحديد وجهتها المواجهتية.
أحدهم لا يرى ضرراً في انتخاب عون، والعودة إلى الإمساك بمفاصل الأمور والتسويات. قد يكون خيار عون خسارة، لكنها تكون ناتجة بقرار وخيار. وبذلك لا نكون موظفين عند أحد في السياسة. فإن لم نكن قادرين على الربح، نتخذ قراراً يجنّبنا الخسارة الكاملة، من دون استدراجنا إلى ملعب الخصم. نحمي الطائف والتوازن، والنظام. أيضاً كان لعون موقف لافت في هذا الصدد ولم يلتفت إليه أحد. يردّ آخر على هذا الكلام، بأن على "المستقبل" التوجّه إلى المجلس والمضي في خياره بترشيح فرنجية، ولكن عون يفوز إذا ما ضغط "حزب الله" على برّي. وبذلك لا يكون "المستقبل" استدرج إلى ما يريده الحزب. وهكذا تكون الخسارة ديمقراطية.
لا تستوي الديمقراطية في لبنان، فمن يخسر في هكذا استحقاق بعناد وبدون تقديم التنازلات، سيكون مهمّشاً في العهد العتيد. لذلك، يفضلّ هؤلاء اجتراح التسويات المعتادة التي لا تقتل الديب ولا تفني الغنم. بموازاة هذا النقاش المستمرّ، يقود الدكتور سمير جعجع معركة عون. البلد لا يحتمل، وإذا كان "حزب الله" فعلاً يريد الفراغ بحسب قناعة "القوات" و"المستقبل"، فعليهما حشره أكثر، وإحداث مزيد من الإرباك في صفوف "8 آذار"، يوافق بعض المستقبليين على وجهة النظر هذه، ولاسيماً أنها تُبعد عنهم أي اتهام بالتعطيل.
هذا النقاش الدائر، يبقى عالقاً بين وجهتين، القرار السعودي، وعلاقة "المستقبل" مع شارعه وشعبيته. أحد نواب "المستقبل" المسيحيين قال للحريري إنه إذا ما وافق على عون، سيبقى هو السنّي الوحيد مع تيار المستقبل، ويعلّق آخر بأن ذلك يحتاج إلى نقاش وحساب الربح والخسارة. بالنسبة إلى الموقف السعودي، يقول مريدو عون إن الفيتو لم يعد موجوداً، وقد وجد سابقاً بفعل فيتو سمير جعجع، الآن قد تكون الأمور تغيّرت. لكن اليوم انخراط "المستقبل" بتأييد عون للرئاسة، وذلك لعدم تحمّل المسؤولية في الفراغ الرئاسي، فإن ذلك سيحمّله مسؤولية الفراغ طوال السنتين الماضيتين. وبذلك سينجح الحزب بتحميل "المستقبل" مسؤولية ذلك الفراغ، وبأنه كان عليه الموافقة على هذا الخيار منذ البداية. لكن ذلك يبقى مقروناً بما يمكن أن يحصّل سياسياً. وما بين الوجهتين يعتبر عون أن البراغماتية عاجلاً أم آجلاً، وإستناداً إلى التطورات الداخلية والدولية، قد توصله إلى بعبدا.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها