newsأسرار المدن

القمة العربية: لبنان الغائب الأبرز

منير الربيعالثلاثاء 2016/07/26
جامعة.jpg
اكتفت القمة بالتنديد بالتدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
للمرّة الأولى يغيب بند لبنان عن البنود الروتينية للقمم العربية. لم يلحظ البيان التضامن مع لبنان كما درجت العادة. الأحوال تغيّرت، ولم يعد خلالها من المتاح بيع المواقف بالنسبة إلى دول الخليج، فقد نأت السعودية وقطر والإمارات العربية بنفسها عن التضامن مع لبنان، فيما تحفّظت البحرين. ما أفقد لبنان الإجماع التضامني حوله. لم يشنّ هجوم مباشر على "حزب الله"، الذي تسبب نشاطه بتهميش لبنان على حدّ تعبير من دعا إلى مواجهة التدخّل الإيراني في شؤون الدول العربية. فبقي التجاذب على حاله، وما كان في الإمكان أن ينعكس إيجاباً على علاقة لبنان بدول الخليج، ولاسيما بعد لقاء الرئيس تمام سلام والملك السعودي للتهنئة بعيد الفطر، عاد وتبدّد. تمسّك سلام باعتبار حزب الله جزءاً من النسيج الوطني اللبناني، فيما تمسّك الخليجيون برفض ذلك، واعتبار لبنان رهينة لدى الحزب.

خالفت حسابات الحقل اللبنانية حسابات بيدر القمة. في وقت كان من المفترض أن يرافق كلّ من الوزراء علي حسن خليل، جبران باسيل، ووائل أبو فاعور، الرئيس سلام في هذه المشاركة، اعتذر الوزراء الثلاثة مؤخراً كلّ لأسبابه. ووفق مصادر متابعة، إن هذا الرفض جاء بعد تخوّف من جانب هؤلاء الوزراء، من طرح مسألة تصنيف "حزب الله" إرهابياً، ولذلك فضّلوا الإعتذار وعدم الحضور على إصدار هكذا بيان، خصوصاً مع تخوّف من عدم استطاعة الرئيس سلام معارضة ذلك. لكن كل شيء تغيّر، لم يُطرح الأمر على الجلسة العامة، إذ إنها خلال المداولات بين الوزراء والدول أبدت بعض الدول تحفظاتها على ذلك. وبالتالي، تراجعت الدول المطالبة بذلك عن مطلبها، لكنها رفضت التضامن مع لبنان. وهذا إن دلّ على شيء، فعلى إستمرار الإجراءات الخليجية بحق لبنان التي اتخذت قبل أشهر رداً على تدخّل "حزب الله" في الدول العربية.

اكتفت القمّة بالتنديد بالتدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة. وهذا وحده كان كافياً للتدليل على "حزب الله"، لكن بعض السقوف المرتفعة انخفضت. هناك العديد من الدول رفضت ذلك، ورفضت الدخول في منحى تصعيدي بمواجهة إيران، الجزائر، تونس مصر، ولبنان. وهذا ما حال دون التصعيد.

يقول ديبلوماسي عربي لـ"المدن": "العرب، كي لا يختلفوا في ما بينهم، لا يطرحون القضايا الخلافية. ما يؤدي إلى تعليق قضاياهم ومشاكلهم وتأجيل حلولها وتكبيرها. لكن الأكيد من خلال البيان والمداولات، أن لبنان ليس أولوية في هذه المرحلة، وليس هناك ما يستدعي التضامن معه في هذه المرحلة، إلا من باب واحد وهو باب اللاجئين السوريين، فيما تتركز الأولوية على دول تشهد حروباً وتتحلّل كسوريا، العراق، ليبيا واليمن".

بالنسبة إلى ما طرحه الرئيس سلام حول مطالب لبنان من الدول العربية، فهو منطقي لكنه غير قابل للتحقيق، لا سياسياً ولا عسكرياً ولا حتى مالياً، في هذه المرحلة، وليس بسبب مواقف لبنان أو بعض أطرافه فحسب، إنما بسبب التطورات الإقليمية التي لا تسمح بذلك.

يبدو "حزب الله" أكثر المرتاحين لما خرجت به القمّة العربية. لم تهاجمه، أكد رئيس الحكومة شعبيته الوزارنة، وجُنّب التصنيف الإرهابي. الأمر بالنسبة إلى الحزب ليس بسيطاً ولا يمكن التعاطي معه بشكل عابر، بل ينسبه إلى ما هو أبعد وأوسع من تلك التفاصيل، معتبراً أن شيئاً دولياً وإقليمياً ما يتغير. ليس على صعيد الدول الرافضة للتصعيد فحسب، بل هناك من يعتبر أن ثمة أجواء تنازلية قد تلوح في الأفق إنطلاقاً من الأمر الواقع، سورياً، عراقياً، ويمنياً، بفعل عدم التوصل إلى أي حلّ للأزمة يلائم الأهداف السعودية. بالإضافة إلى ذلك، أن الإرهاب يضرب كل دول العالم، وهذا يحتّم اتخاذ مواقف جديدة. يضاف ذلك إلى مفاوضات تجري بين روسيا والولايات المتحدة، حول حلّ الأزمة السورية، والتقارب الروسي التركي والإيراني التركي، والذي سيعزز الموقف السياسي لمحور الممانعة.

ليس من العادي بالنسبة إلى من هم في صفّ الحزب سياسياً، أن لا توافق الدول على تمثيل المعارضة السورية في الجامعة، فمثلاً جيبوتي التي كانت أول الدول المتضامنة مع السعودية في إجراءاتها ضد لبنان و"حزب الله"، رفضت ذلك التمثيل. وهذا دليل على بعض التغيير في بعض المواقف، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصر، وفي ذلك دلائل عديدة.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها