حجم الخط
مشاركة عبر
لم يكن للحظة، من السهل تخيّل الرئيس فؤاد السنيورة من دون "تيار المستقبل". ارتبط اسمه بالتنظيم، برئاسة الكتلة، وبكل بياناتها ومواقفها. حتى أنه الممثل الوحيد للتيار في الاستحقاقات الاساسية، من طاولة الحوار الوطني، إلى حوار بعبدا، وبالعودة أكثر إلى رئاسته أول حكومة بعد انتخابات العام ٢٠٠٥.
نظر إليه جمهور "المستقبل"، باعتباره المثال الصلب للتعبير عن تصوراتهم، ولا سيما أثناء صموده في مرحلة حصار السراي الحكومي. بالعودة إلى تلك الحقبة، كان لافتاً إلى أن السنيورة ضرورة مستقبلية، للمواجهة، للتشبث بالثوابت التي انتشر على أساسها التيار بعد ١٤ آذار ٢٠٠٥. بعد فترة التسوية والمهادنة، جاء دور الرئيس سعد الحريري. هكذا انقسمت الصورة في التيار الأزرق.
نظر إليه جمهور "المستقبل"، باعتباره المثال الصلب للتعبير عن تصوراتهم، ولا سيما أثناء صموده في مرحلة حصار السراي الحكومي. بالعودة إلى تلك الحقبة، كان لافتاً إلى أن السنيورة ضرورة مستقبلية، للمواجهة، للتشبث بالثوابت التي انتشر على أساسها التيار بعد ١٤ آذار ٢٠٠٥. بعد فترة التسوية والمهادنة، جاء دور الرئيس سعد الحريري. هكذا انقسمت الصورة في التيار الأزرق.
استمر السنيورة على نهجه، فيما دخل الحريري السراي بتسوية معينة، وترأس حكومة ثانية بتسوية أشمل، أبرز بنودها ما ورد على لسان الوزير نهاد المشنوق قبل أيام. لم تصل التسوية إلى نهايتها، فشلت، وكان اسقاط حكومة الحريري، ومغادرته البلد، ليبقى السنيورة وحيداً يلملم شظايا التيار.
منذ فترة ليست بالقصيرة، حكي كثيراً عن الاختلاف في وجهات النظر بين السنيورة والحريري حول الاداء السياسي، وعندما كان يتعاظم هذا الكلام، كان السنيورة يسارع إلى التأكيد أن القرار في "المستقبل" واحد، صاحبه ابن رفيق الحريري، والجميع يلتزم به. من الحوار مع النائب ميشال عون، والحديث عن امكانية ترشيحه، إلى الحوار مع "حزب الله"، وصولاً إلى ترشيح النائب سليمان فرنجية، كان السنيورة المعارض الصامت.
منذ اشهر عدة، اتخذت الأمور منحى تصاعدياً بين دول الخليج وعلى رأسها السعودية مع إيران، ومع "حزب الله" بشكل مركز، فرضت المملكة عقوبات على لبنان والحزب، وانتظرت من "المستقبل" برئاسة الحريري اتخاذ خطوات عملانية لمواجهة الحزب. لم يكن في استطاعة الحريري فعل شيء. استمرّ بالحوار مع الحزب، بتأمين الغطاء الحكومي له. لم يرق ذلك السعودية، لكن لدى الحريري ذريعة أساسية، أن هناك توازناً سياسياً في لبنان بين "المستقبل" و"حزب الله"، وازمته المالية لا تسمح له القيام بأي خطوة، ففضل المهادنة لإنجاح مبادرته، التي على ما يبدو لن تمرّ سعودياً.
كانت الحظوة الأكبر من نصيب الوزير أشرف ريفي، الذي أعلن استقالته من الحكومة، حظي برضى وتقدير سعوديين، إلى أن جاءت الصاعقة في انتخابات طرابلس، واكتسح ريفي الشارع السني بنتيجتها. إلى حينها، كان السنيورة على صمته، حتّى أعلن أنه على تواصل دائم مع ريفي، وهذا ما عاد الأخير وأكده. وفي كلام الرجلين، إشارات لا بد من التوقف عندها.
مند فترة حاولت السعودية لم شمل الطائفة السنية، وارادت التآلف بين جميع قياداتها. هذا كان ينطوي على عدم ثقة بالحريري وقدرته على ضبط الشارع والتعبير عن هواجسه. بعد نتائج الشمال تغيّرت المعادلة، بالنسبة إلى السعودية، فإن ريفي و"نوستالجيا" حقبة السنيورة هي التي تمثّل وتعبّر عن مزاجية الشارع والطائفة.
وبناء على النتائج، أعلن الحريري الاستعداد لإجراء نقد ذاتي في التيار لكل المرحلة السابقة، متعهداً بالمحاسبة، وصولاً إلى إجراء انتخابات للمكتب السياسي والمنسقين. الهدف من ذلك محاولة إصلاح الأمور، ويسعى إلى استعادة ثقة الناس والمملكة في آن. لكن، بحسب ما تؤكد مصادر لـ"المدن"، فإن الخيار السعودي واضح، ويتمثّل بالسنيورة وريفي.
في كل وقت، يؤكد المسؤولون السعوديون أنه لا يمكن للسنة الاستمرار من دون "المستقبل"، فهو تيار الاعتدال والمنتشر على الساحة اللبنانية كلها، لكن الملاحظات تسجّل على ادائه وتوجهات رئيسه. ولذلك، تلفت المصادر إلى أن السعودية تؤيد اجراء الانتخابات، التي قد تمنح الغلبة لمصلحة السنيورة.
ولأن السنيورة يعلم ذلك، لم يخرج من التيار، بل عمل على تنظيمه، تأطيره، وشد أواصره، خصوصاً أنه يعرف أن عمقه الوجودي يستمدّه منه، وأي خروج عن هذه الحالة الشعبية يعني استمراره "رئيس حكومة سابق". على عكس ما فعله ريفي، الذي خرج من عباءة التيار مشكلاً حالة شعبية واسعة في الشمال، وأعلن صراحة استعداده للبدء بالعمل على تشكيل حالة سياسية.
يحتاج "المستقبل" إلى تغيير وتجديد. وهذا أيضاً ما تريده السعودية، وعلى هذا يلتقي كل من ريفي والسنيورة والسعودية. وهذا ما يفتح الباب أمام احتمالات جديدة في التيار بعد الانتخابات التي ستجرى. والاكيد هنا، أن وهج السنيورة سيعود بحسب ما تقول مصادر "المدن" ناقلة عن السعوديين قولهم: "إن السنيورة اثبت صلابة وحسن تدبير بشكل استثنائي، على عكس الحريري، الذي غلب على مسيرته الارتباك والتضعضع".

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها