حجم الخط
مشاركة عبر
خرج نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قبل أيام، معلناً ان حلّ الأزمة اللبنانية قد يطول. وفي وقت اتخذ سياسيون لبنانيون كلام قاسم بأنه إشارة على أن إنتخاب الرئيس سيؤجل إلى سنة على الأقل، إذ قال إنه لا يجب على أحد الحديث عن أي أفق لحلّ للرئاسة، يبدو أن حلّ الأزمة اللبنانية يتخطى مجرّد إنتخاب رئيس للجمهورية، كما أنه يتخطى مسألة السلّة المتكاملة.
عند سؤال أي شخصية سياسية حول كيفية الخروج من الأزمة الحالية، لا سيما بعد ارتباطها بسوريا واليمن، وبنشاط حزب الله الخارجي، سرعان ما يأتي الجواب مبهماً، لا أحد يملك إجابة واضحة على هذا الأمر، هذا لا يقتصر فقط على الوضع السياسي، لا بل على الوضع المالي والإقتصادي، بالإضافة إلى وضع كل طرف في بيئته ومع حلفائه. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الصورة غامضة وقاتمة بحسب ما يقول مرجع سياسي بارز لـ"المدن".
المرحلة المقبلة، ستبقى كما هي حالياً، مع ازدياد الترهّل في مؤسسات الدولة وإداراتها، إلى جانب إستمرار الإنهيار في القطاعين الإقتصادي والمالي، في ضوء الجمود محلياً، والإجراءات الخليجية ضد لبنان، والدولية ضد حزب الله. سياسياً الأزمة مستمرّة وآخذة في التوسع أكثر فأكثر، وفق ما يقول المرجع، من دون إيجاد أي ضوابط او إشارات لبعض الحلول، ووجهتها، سواء اقتصرت على ما هو سياسي عادي، أي رئاسة جمهورية مقابل رئاسة حكومة وعدد من المواقع، أم وصلت إلى ما يمسّ بجوهر النظام والدستور عبر فرض تعديلات دستورية في بعض المراكز والسلطات، أو حتى وصولاً إلى تغيير جغرافي أو ديمغرافي ربما، في غمز إلى ما يجري في القلمون السوري.
لكنّ وفق ما تؤكد شخصية حزبية رفيعة لـ"المدن" فإن المسألة اللبنانية وعلى الرغم من ارتباطها بالإقليم وتطوراته، إلا أن هناك إمكانية لحلّها لبنانياً، عبر مبادرة حقيقية من قبل تيار المستقبل، وتحديداً الرئيس سعد الحريري، وذلك على قاعدة لربماً هي المرّة الأولى التي يتناولها الحزب، وتنطلق من أن المستقبل ينطلق في لبنان من امتداد عربي واسع يمنحه غطاء سياسياً يسمح له بالتعاطي مع الجميع من منطق القوة على الرغم من حالات ضعفه، لكنه لا يجيد الإستثمار في ذلك.
يضع القيادي في الحزب، ما يجري في لبنان بالنسبة إلى المستقبل، في ميزان ضيّق جداً وخاص، بمعنى أن الرئيس سعد الحريري طرح مبادرته بترشيح النائب سليمان فرنجية، فقط من بوابة عودته إلى رئاسة الحكومة، لعلّ ذلك يسهم في تحسين علاقاته السعودية، وبالتالي إنعكاس ذلك إيجاباً على وضعه المالي. لكن ذلك لا يسمح للحريري بتحقيق ما يريد بحسب وجهة نظر حزب الله، إذ أن عليه المبادرة بجدية أكبر لحلّ الملفات العالقة، وتقول "ليس الإستعداد في مقابلة تلفزيونية للقاء السيد حسن نصر الله كاف لحلّ الأزمة، لا بل ذلك يجب أن ينطلق من قناعة لدى الحريري بوجوب تقديم التنازلات لحلّ الأزمة، ليس في ما يتعلّق بالتعاطي مع ترشيح النائب ميشال عون، لا بل في تقديم تنازلات جدية.
الحلّ الناجع بالنسبة إلى الحزب الآن، هو بإيجاد طريقة "حكمية" جديدة تطمئن الجميع، يعطي على ذلك أمثلة عديدة، كسويسرا مثلاً وتقسيمها إلى أقاليم على رأس كل إقليم حاكم، وتؤكد الشخصية أن هذا الكلام لا يستند إلى أي رؤية فدرالية أو ما شاكل، لا بل للإستدلال على أن هناك العديد من الدول التي عانت ما يعانيه لبنان ووجدت الحلول لها.
ولكن ما هي رؤية الحزب لحلّ الأزمة اللبنانية؟ تجيب الشخصية الحزبية، أن لبنان دخل في حرب استمرّت 15 عاماً للوصول إلى إتفاق سياسي ودستوري غير صيغة العام 1943، وبالتالي المطلوب اليوم لتفادي الإنفجار هو وعي سياسي والتوجه إلى إيجاد صيغة ترضي الجميع، وبما أن السنة هم الأكثرية، ويتمتعون بالصلاحيات الكبرى في الدولة، وينطلقون من عمق عربي واسع، عليهم تقبّل الجميع، والتنازل لهم لطمأنتهم، بمعنى أن على الطرف السني في البلاد التنازل لصالح المسيحي في مكان، وخصوصاً رئاسياً، مع تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية وتعزيزها، بالإضافة إلى منح الشيعة الدور الذي يستحقونه نسبة لدورهم وحجمهم وموقعهم، وقد يكون ذلك عبر تعديل صلاحيات رئيس الحكومة، أو إستحداث منصب جديد هو نائب رئيس الجمهورية، أو ربما قد يتجلّى ذلك أمنياً في الدولة، على صعيد الأجهزة الامنية الرسمية.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها