لا تجري الرياح السورية وفق ما تشتهيه سفن "حزب الله" وإيران من خلفه. كل المعطيات تتفاقم لتفوق قدرته على التحمّل. حتى بعد إدخال إيران لجيشها الرسمي إلى سوريا، بآلاف العناصر والضباط، لا تزال الأمور تتفلت من بين أيديها وأيدي حلفائها. كل ما يحكى عن الحلّ السياسي لسوريا، والإتفاق الدولي على صيغة المرحلة الإنتقالية، لا يبدو أن لطهران علاقة به، لا بل هناك من يستبعدها من الصيغة التقريرية، للمستقبل السوري.
خلال أسبوعين متتاليين، تلقت إيران والقوى المتحالفة معها ضربتين متتاليتين في حلب، خسروا خلالها عشرات القتلى الى جانب خسارتهم مناطق معينة، حتى بعد الإستعانة الإيرانية بالقبعات الخضر، بساعات قليلة تلقّت هذه القوات ضربة موجعة في تلّة العيس ما ادى إلى مقتل عدد من ضباط وعناصر الجيش الإيراني، ومن عناصر "حزب الله" بالإضافة إلى أسر عنصر جديد للحزب يدعى محمد ياسين من بلدة مجدل سلم الجنوبية.
وقع "حزب الله" بين فكي كماشة، لم يعد باستطاعته التقدّم ولا التراجع، بهذا الكلام يلخّص احد اعضاء فريق المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا لـ"المدن"، لافتاً إلى أن الوضع أكبر بكثير من قدرة الحزب على التحمّل، وكان عليه عدم التورط في هذا الصراع، وإن كان لا بد من ذلك، فكان عليه الإكتفاء بالإنتشار على الحدود اللبنانية السورية، وليس الدخول إلى العمق السوري، لانه خسر بذلك نخبة عناصره وقوته.
عن المفاوضات الدولية حول سورية، وإمكانية الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة، يقول: "هناك إتفاق أساسي وأصبح واضحاً ومعمماً بين الدول الكبرى المتمثلة بروسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وصيغة هذا الإتفاق أعلمت بها الدول الإقليمية ومن بينها دول الخليج وإيران، لكن طهران ترفض الحلّ السياسي إلا وفقاً لما تراه مناسباً لمصالحها، ولذلك فإن نظرة إيران لحلّ الأمور يتلخّص بتحقيق نصر عسكري كبير في منطقة أساسية من مناطق سوريا، على ان تفرض نتائج هذه المعركة وجه الحلّ السياسي. بمعنى أن إيران لا تعترف بمرحلة إنتقالية، ولا بإشراك المعارضة فيها، إنما تريد بقاء النظام السوري، كصاحب السلطة المطلقة، او ربما قد توافق على مناطق نفوذ أو على ما يشبه الوضع العراقي".
وتؤكد الشخصية المعنية بالشأن السوري، أن إيران تريد تحقيق نصر في حلب، لاعتبارها العاصمة الثانية لسوريا، وبالتالي منها يمكن فرض الحل السياسي الذي تريده، لانها تعتبر ان نصرها يعني سحق المعارضة، وحصرها في إدلب فقط، بعد السيطرة على حمص ومحيطها ودمشق ومحيطها، فيما يبقى الشرق السوري منسياً بانتظار التدخل الدولي للإطاحة بتنظيم داعش. وعليه تلفت مصادر "المدن" إلى ان حزب الله ومن خلفه إيران يعززان وجودهما في حلب وتحديداً من منطقة حندرات بغية التقدم والتوسع أكثر.
حتى إذا ما تم التوصل إلى حلّ سياسي حول سوريا، فإن المصادر تعتبر انه لن يكون لإيران الحصة الكبرى، او ما تتمناه، نظراً للإتفاق الروسي - الأميركي، لا بل إن حصة الأسد ستكون من نصيب روسيا، خصوصا ان دول الخليج لا يمكن ان ترضى بسيطرة إيران على سوريا، حتى ان التنسيق الخليجي الدولي حول محاربة الإرهاب، يهدف إلى سحب البساط من تحت قدمي طهران، وما تدعيه من محاربة الإرهاب.
وإنطلاقاً من هذه النظرة، تعتبر المصادر أن حزب الله سيكون الخاسر الأكبر عند انتهاء الحرب السورية، خصوصاً ان طهران تلقّت العديد من الرسائل التي تفيد بوجوب الطلب من الحزب الإنسحاب من سوريا والعودة إلى لبنان، وسط تهديدات بتوجيه المزيد من الضربات له على غرار الضربات الإسرائيلية التي تلقاها في مختلف المناطق السورية. حتى إذا ما انسحب الحزب من العمق السوري وتوجه الى الحدود اللبنانية السورية فإن ذلك لا يعني ان مشكلة الحزب ستحلّ، لا بل سيتعرّض للمزيد من الضربات على يد المعارضة السورية. وتؤكد المصادر انه حتى لو حققت إيران وحلفاؤها بعض التقدم العسكري، فإن ذلك لن يستمرّ لان هناك قوى إقليمية لم تعد تسمح بذلك، وهي مستعدة لدعم المعارضة بالسلاح النوعي إذا ما أصرت طهران على إفشال الهدنة والحلّ السياسي.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها