newsأسرار المدن

سماحة كان يعمل في سجنه...صدقوه

سناء الجاكالأربعاء 2016/01/20
2.jpg
لبنان لا يزال دولة أمنية مصادرة من حزب الله (تصوير: ريشار سمور)
حجم الخط
مشاركة عبر
يستحق التوقف تصريح المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد ميشال سماحة، بعد إطلاق سراحه بـ"أنه سيتابع عمله بشكل طبيعي، وانه لم يوقف عمله السياسي".
فالجملة المقتضبة التي نطق بها سعادة المستشار متعالياً ومتباهياً، حملت تاريخاً دموياً لا يزال سائداً في لبنان، وعلينا تقبله بـ"شكل طبيعي".


كما ان كلام سماحة المسجل خلال تخطيطه للتفجيرات، يثبت حبكة السيناريو الدائر منذ بداية الثورة السورية لتحوير مسارها، وفق ما كان يهدد به رئيس النظام السوري، واستثمار الساحة اللبنانية لتفعيل الانقسام المذهبي الحاد ونقل مفاعيله من النفوس والنصوص الى أرض الواقع.
ودوي التفجيرات التي شهدتها مناطق لبنانية خلال السنوات الثلاث الماضية، دليل على مواصلة القيام بواجب يجب ان لا يعيقه سجن ومحاكمات تكاد تكون صورية على رغم الأدلة الثابتة. وتحديداً اذا درسنا جدوى هذه العمليات الارهابية التي اينعت مزيداً من الغرق في الجحيم السوري بدعم من البيئة الحاضنة، والاتجاه الى زج لبنان أكثر فأكثر في خضم المعادلة الاقليمية مباشرة، لتبقى الورقة اللبنانية ساخنة فتساهم في تحسين اوراق النظام الاسدي للبقاء على قيد الحياة وحصوله على مكتسبات جديدة تدعم وضعه.


وحده توصيف العمل بـ"السياسي"، بدا نشازاً في سياق تصريح سماحة الافتتاحي لمرحلة الحرية. الاصح كان الاكتفاء بـ"العمل"، على اعتبار ان الورشة ناشطة على النار وبالنار وليس بالسياسة، كما ان هذا ما كان يقوم به سماحة ليس فقط مع اندلاع الثورة السورية، ولكن قبل ذلك بكثير، فالرجل لم يكن عاطلاً عن العمل. على العكس، الكل يعرف ان نجمه كان الى صعود وصولا الى رتبته الاستشارية والى قرار منعه من دخول الولايات المتحدة بصحبة شخصيات لبنانية وسورية بحجة "التورط أو إمكانية التورط في زعزعة الحكومة اللبنانية"، و"رعاية الإرهاب أو العمل على إعادة ترسيخ السيطرة السورية على لبنان".


خطأ العامل النشيط انه ضبط بالجرم المشهود، واعترف بكل التهم التي أُسندت إليه، وهي تهم أمنية على جانب كبير من الخطورة، على ما قال وزير الداخلية آنذاك مروان شربل، ليحاكم بتهمة إدخال 24 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان، بالاتفاق مع مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان، ووضع مخطط يفضي إلى تفجير هذه العبوات في منطقة عكار بشمال لبنان بموائد إفطار رمضانية، ومحاولة قتل نواب ورجال دين بينهم مفتي عكار، والسعي الى تفجير موكب البطريرك الماروني لدى زيارته عكار بهدف إشعال فتنة طائفية، بالاضافة الى استهداف معارضين للنظام السوري ومواطنين.
صحيح ان عملية سماحة الذي ضُبط بالصوت والصورة وهو ينقل متفجرات تطيح لبنان واستقراره، كان ثمنها غالياً وداميا ومرتفعاً بشكل مخيف مع اغتيال اللواء وسام الحسن.


لكن هكذا هو العمل وهكذا هي متطلباته، وسماحة ليس الملتزم الوحيد به، هو واحد من العاملين، وبما أكثرهم إخلاصاً، لذا كانت رتبته عالية في الشركة المغفلة والتي تضم عدداً من الذين يحميهم رب عملهم، بحيث يصبح القضاء معبراً يمكن الافلات منه، او هو مرحلة انتقالية، للعودة الى العمل.. او حتى إجازة قصرية.


والسبب ان لبنان لا يزال دولة أمنية مصادرة من قبل حزب الله ومرجعيته التي تشتد قبضتها.
 ردود الفعل على اطلاق سراح سماحة تريح الحزب ومرجعيته، التي تتعامل مع الخصوم بازدراء متزايد، مستغربة سذاجتهم واصرارهم على تصوير أنفسهم شركاء في الوطن..


ولم يكن ينقص الا اعلان رسمي عن ان مرحلة السماح انتهت الى غير رجعة، وحان زمن القوى المتحالفة مع ايران والنظام السوري، وحده دون غيره، وبات طبيعيا اطلاق سراح سماحة ليعاود نشاطه، مع موجات ساخنة من الاستقواء بالتحولات الظرفية التي تأتي لمصلحة ايران ونظام الأسد وبالطبع حزب الله.


ولم يكن ينقص الناطق باسم الحزب عندما زجر الذين لم يفهموا مغزى التحولات الظرفية، واستنكروا اطلاق سماحة على مواقفهم المزعجة الا ان يقول لهم: استفيقوا. ميشال سماحة كان يعمل في سجنه، وهو سيواصل عمله ..  صدقوه.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث