وأخيراً، وبعد تأجيل لخمسة أيام وما شهدتها من حرق للأعصاب وحبس للأنفاس، تمت عملية إطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة، منذ الثاني من آب 2014. كان من المفترض أن تنجز الصفقة يوم الجمعة الماضي، إلا أن بعض المستجدات التفاوضية حالت دون ذلك، وبعض الشروط أدت إلى تأخير الأمر، إلى صباح الأول من كانون الأول 2015.
ستة عشر عسكرياً استردوا حريتهم، بعد مكوثهم سنة وأربعة أشهر في الأسر لدى جبهة النصرة، في مغاور وجرود القلمون السوري. على مدى ثلاثة أيام خاض الجانب اللبناني مفاوضات شاقة مع جبهة النصرة من أجل الوصول إلى الخاتمة السعيدة، وكانت هذه المفاوضات تتعلق بتأمين مساعدات طبية وغذائية للاجئين السوريين، بالإضافة إلى تأمين ممرّ آمن لجرحى جبهة النصرة إلى بلدة عرسال للمعاجلة.
صباح الثلاثاء، كانت الإجراءات اللوجستية والأمنية بالنسبة للأمن العام اللبناني منجزة، لا سيما بعد إتمام الإتفاق مع ساعات الفجر الأولى، وعند التاسعة صباحاً تسلّم الأمن العام جثة الجندي محمد حمية حيث نقل إلى مركز اللواء الثامن في اللبوة ومن ثم إلى المستشفى العسكري، وكانت هذه الإشارة الأولى لبدء تنفيذ الإتفاق.
بعدها، دخل موكب الأمن العام والصليب الأحمر إلى منطقة وادي حميد في جرود عرسال، حيث انتظروا وصول جبهة النصرة برفقة العسكريين إلى النقطة المتفق عليها للتسلم والتسليم، بالتوازي كانت قافلة المساعدات للاجئين المؤلفة من خمس عشرة سيارة شحن تتوجه إلى عرسال لتفريغ حمولتها. وقرابة الساعة العاشرة والنصف، وصل موكب النصرة إلى وادي حميد، وتزامناً وصل وفد الأمن العام الذي يقلّ السجناء الثلاثة عشرة ومن بينهم خمس نساء أفرج عنهم من السجون اللبنانية، كما وصل اللواء عباس ابراهيم شخصياً للإشراف على العملية.
وعند وصولهم إلى نقطة التسلم والتسليم، وجه العسكريون المخطوفون في أول ظهور لهم في موكب تابع لـ"جبهة النصرة"، الشكر الى أمير جبهة النصرة في القلمون، "أبو مالك التلي" والشيخ مصطفى الحجيري "أبو طاقية"، وأعربوا عن فرحتهم بتحريرهم، متمنين اطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى تنظيم "داعش".
وأكدوا ان المعاملة التي تلقوها خلال الاشهر الـ16 الماضية، كانت معاملة جيدة، معربين عن أملهم ان تتم اعادة النازحين الى منازلهم وان تتأمن لهم المساعدات الغذائية.
وبعد إطلاق سراحهم، توجه العسكريون المحررون في سيارات الصليب الأحمر، إلى بيروت وفوراً إلى ساحة رياض الصلح حيث استقبلهم الأهالي، ونظم له استقبال رسمي في السراي الحكومي احتفاء بتحريرهم من جبهة النصرة. وبهذا يكون طوي ملف أساسي من تبعات أحداث عرسال في العام 2014، ليتبقى جزء أساسي آخر وهو قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها