newsأسرار المدن

الجنسية اللبنانية.. نكش قي قبور الديموغرافيا

منير الربيعالثلاثاء 2015/11/10
C:\Users\Rainbow10\Desktop\201510\20151020\مجلس النواب    ريشار سمور\4.jpg
سقطت مبدأية "وقفنا العد" (تصوير: ريشار سمور)
حجم الخط
مشاركة عبر

مع كل استحقاق مفصلي في البلاد، يعود الإنقسام الطائفي، ليست المرة الأولى التي تقضي الحسابات العددية الطائفية والمذهبية على تحالفات سياسية، كذلك هو الأمر خلافياً حول مسألة إستعادة الجنسية أو اكتسابها، وإن كان الطرف المسيحي يعتبرها مسألة إستراتيجية ومهمة، إلا أن الطرف المسلم يعتبرها لا تخرج عن إطار الحروب الدونكيشوتية المسيحية ضمن صراع المزايدات الشعبوية.
 

مكمن الخلاف على مسألة الجنسية، يقع بين شقين، الأول هو إستعادتها وهو مطلب الطرف المسيحي، فيما اشترط الطرف المسلم متمثلاً بتيار "المستقبل"، وبصمت من قبل الثنائي الشيعي، بمنح الجنسية أو اكتسابها، أي ما يعرف بمنح المرأة اللبنانية الجنسية لزوجها وأولادها.
 

في الخلافات التقنية، تشير مصادر متابعة لـ"المدن" إلى أن الإعتراضات تكمن في بعض التفاصيل التي يلحظها اقتراح القانون، مثل إمكانية إستعادة الجنسية بالوكالة وليس من قبل الشخص نفسه، وهذا يعني أن شخصاً بإمكانه حيازة خمسين وكالة مثلاً عن أشخاص آخرين ليستعيد لهم جنسيتهم، بالاضافة الى اعتماد ما يسمى سجل المغتربين، بشرط أن لا يطبق هذا السجل على اللبنانيين الذين هاجروا إلى بلد عربي، وبالتالي فإن "المستقبل" يعارض هذا الأمر.
 

لا شك أن أي نقاش من هذا النوع، يفرط تحالفات سياسية وينشئ أخرى جديدة، إذ أن المسيحيين يتكتلون في مواجهة المعترضين، إنطلاقاً من حسابات عددية ضيقة. يراهن المسيحيون منذ سنوات على إقرار قانون إستعادة الجنسية للمسيحيين والمسلمين في المهجر، تنطلق حساباتهم من أن أعداد المسيحيين تفوق بكثير أعداد المسلمين، وهم بذلك يطمحون إلى إعادة رفع أعداد المسيحيين، لكن ثمة تجربة فاشلة حصلت مؤخراً، وهي تجربة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لجهة محاولة إقناع اللبنانيين في الإغتراب بتسوية أوراقهم للمشاركة في العملية الإنتخابية من الخارج، وكانت الأرقام خجولة جداً حينها.
 

ينطلق الطرف المعترض في المقابل، والذي يطرح اكتساب الجنسية، من مبدأ تغليب الطائفة التي يمثل عددياً، بمعنى أن هناك مئات آلاف اللبنانيات المتزوجات من سوريين وفلسطينيين ومصريين وغيرهم، وبالتالي في حال إقرار هذا القانون يرتفع عدد المسلمين إلى أضعاف عدد المسيحيين. وبين هاتين الحلقتين يدور النقاش. وتضع مصادر سياسية عبر "المدن" في هذه الخانة الرسالة التي وجهها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى الرئيس سعد الحريري بأنه المؤتمن على إرث أبيه رفيق الحريري خصوصاً فيما يتعلق بالمقولة الشهيرة: "وقّفنا العد".
 

وتشير مصادر "المدن" إلى أن خوف الطرف المعترض من تجنيس ملايين المسيحيين الذين هاجروا على مر السنين، خصوصاً أن تيار "المستقبل" يبدو نادماً على طرح مسألة المقايضة، وفق ما تشير مصادره لـ"المدن". وتضع المصادر تراجع المستقبل عن مطلبه بإكتساب الجنسية تماشياً مع استعادتها كي لا يفهم الأمر بأنه على سبيل المقايضة، وتقول إن هناك بحثاً عن مخارج لهذا المأزق.
 

ويتضح من خلال هذه القراءة، أن أكثر المستفيدين من إقرار قانون إستعادة الجنسية، هم اللبنانيون الموجودون داخل الأراضي المحتلة، والذين غادروا لبنان مع مغادرة الإحتلال الإسرائيلي، إذ قارب عدد الذين ذهبوا إلى إسرائيل في العام 2000 حوالى 7600، تبقى منهم 3 آلاف داخل إسرائيل، وهم سيكونون أكثر المستفيدين من هذا القانون، لأن من هاجر في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي بالتأكيد لن يستعيد جنسيته اللبنانية ويتخلى عن جنسية الدولة التي حصل عليها، وكذلك من هاجر في السبعينيات فلن يسعى إلى إستعادة الجنسية اللبنانية، وفي حال وجد من يفعل فبالتأكيد أن العدد سيكون ضئيلاً مقارنة مع الذين جهزوا أوراقهم للإنتخاب في الخارج.
 

وعلى ضفة "8 آذار"، كان واضحاً الموقف الذي جاء صراحة على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر أن إدراج قانون إستعادة الجنسية هو بمثابة إرضاء لعون، أو بمعنى بيعه إياه، لتمرير الجلسة، وفي هذا السياق قد يأتي صمت "حزب الله" إزاء هذا الموضوع، لأن الهم الأساس بالنسبة إلى الجميع هو إقرار البنود المالية.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها