عاد التصعيد بين المملكة العربية السعودية وإيران على كل الجبهات. لبنانياً بدا واضحاً أن حلفاء كل طرف لا يزالون جزءاً من المعركة. وعليه تزامن الهجوم الإيراني الأخير مع استقبال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله وفوداً حوثية مطالبة بالدعم والمساندة.
تؤكد مصادر إيرانية رفيعة المستوى لـ"المدن" بأن هناك قراراً إيرانياً للتصعيد بوجه السعودية. وعليه طالبت إيران الحزب بتوسيع الهجوم على المملكة، عبر كل الوسائل الممكنة، وبدأ ذلك عبر الرد الإيراني على التعاطي السعودي مع مسألة حادثة منى. وتشدد المصادر أن الجانب الإيراني يستخدم كل شيء للضغط على السعودية، من أجل الحصول على إعتذار سعودي كما الضغط لفرض تسوية في اليمن.
وتعتبر المصادر الإيرانية أن الفرصة مؤاتية للضغط على السعودية، خصوصاً أنها تخسر في سوريا، وعلاقتها مع الولايات المتحدة ليست كما كانت في السابق في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما، فيما تحظى إيران بعلاقات جيدة معها، بالإضافة إلى أن الوضع السعودي بحسب وجهة النظر الإيرانية، لم يعد متماسكاً كما كان سابقاً لا سيما على الصعيد الداخلي إذ هناك صراع أجنحة بين العائلة، إلى جانب الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعانيها المملكة بسبب إنخفاض أسعار النفط، وارتفاع تكلفة حرب اليمن، هذه الحرب التي لم تستطع السعودية حتى الآن من تحقيق ما تريده فيها خصوصاً ان الصواريخ الحوثية تسقط في الأراضي السعودية، ويضاف كل ذلك إلى الوضع في سوريا، حيث دخلت روسيا بقوة لدعم النظام السوري.
وبعد تراجع الدور الإيراني في سوريا لحساب الدور الروسي الذي أخذ زمام المبادرة العسكرية والسياسية، أعاد الإيراني تصويب أنظاره إلى العراق واليمن، وهو يريد بأي ثمن تحصيل تنازلات من السعودية. لذلك يترافق الضغط الإيراني على السعوديين في مختلف الجبهات، مع تقديم مبادرة سياسية لحلّ أزمة اليمن، إلا أن السعودي رفض أي طرح في هذا الموضوع، معتبراً أنها مبادرة لا قيمة لها. وتشير مصادر "المدن" بأن لا حوار مع إيران قبل إنهاء أزمة اليمن، لأنهم يرفضون أي حديث في هذا الأمر حالياً.
وفق ما علمت "المدن" من مصادر دولية بارزة، فإن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالقيام بوساطة لحصول لقاء إيراني - سعودي، إلا أن هذا الأمر رفضته السعودية، لأن المملكة لا تريد أن تجلس على أي طاولة قبل حلّ أزمة اليمن، لأن السعودي يعتبر أنه لا يريد الحصول على مكتسبات في اليمن من كيسه، فهو يعتبر أنه يحقق إنجازات في اليمن، ولذلك يهرع الإيراني للقائه.
ماذا عن إسرائيل؟ إلى الآن على ما يبدو أن إسرائيل محيدة عن الصراع، خصوصاً أن همها الأساسي هو عدم إزعاجها بأي شكل إنطلاقاً من الأراضي السورية، وهنا تؤكد المصادر أن روسيا تكفلت بهذا الأمر واعطت تل أبيب الطمأنة التي تريدها عبر تنسيق كل ما يجري في سوريا عسكرياً واستخبارياً. وعليه العدو تغيّر، إسرائيل محيدة، وحلّت السعودية مكانها.
لا خوف لدى الحزب أو إيران من أي تحرك إسرائيلي، لأن "العدو" يراقب ما يجري من حوله، حيث كل أعدائه المفترضين يتقاتلون في ما بينهم، وينهون بعضهم البعض، والتقسيم المذهبي والطائفي الذي لطالما حلمت إسرائيل به، يتحقق من دون دفع أي تكاليف. كما لا تتخوف إسرائيل من أي عمل عسكري من قبل "حزب الله" ضدها، فالحزب منشغل في سوريا، وفقد عدداً من كوادره في سوريا، وبالتالي فإن النظرة الإسرائيلية لأي معركة مع الحزب مستبعدة حالياً، وتشير التقارير العسكرية الإسرائيلية إلى أن الحزب يحتاج إلى عشر سنوات لإعادة بناء قواته ومقوماته من أجل الدخول مجدداً في حرب ضدها، أولوية الحزب اليوم هي للإرهاب ولمحاربة داعش، أما إسرائيل تبقى عدواً تنضبط قواعد الصراع معه، وفي حالة هدنة غير معلنة إلى أجل غير مسمى.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها