خفت الحديث عن الحوار المرتقب بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية". أكثر من لقاء بين أمين سر تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" ملحم رياشي، عقد. رغم ذلك لم يحصل لقاء الخصمين بعد. بعض السياسيين يؤكدون أنه سيتأخر أكثر، فيما مؤشرات أخرى تضاف إلى معطيات متوافرة لـ"المدن" تشير إلى أن الحوار أصبح في حكم الفاشل بسبب الخلاف حول الملف الرئاسي.
عند إطلاق الحديث عن الحوار بين الفريقين كثرت التكهنات. النقطة الأساس التي دفعت إلى الشروع في هذا الحوار هي الإنتخابات الرئاسية، وضرورة تحريك الركود الذي يصيب هذا الملف. أدرك "التيار" و"القوات" أن تحقيق الخرق المطلوب رئاسياً، صعب محلياً وإقليمياً. توسع النقاش بما أن طريق بعبدا مسدود، وسط تمنيات بإستمراره، ليشمل: العلاقة بين الحزبين، الشارع المسيحي، تحسين أوضاع المسيحيين في السلطة والإدارة، وتعزيز دورهم وصلاحياتهم بالإضافة إلى أمور مشتركة أخرى.
وصل الطرفان الى حائط مسدود. لم يتفقا على الملف الرئاسي، ولم يتفقا على تجاوزه لصالح الملفات الأخرى. وصلت هذه الأجواء وفق مصادر مطلعة الى مرجعية دينية مسيحية بارزة. التقت هذه المرجعية بعض أعضاء تكتل "التغيير والإصلاح"، وجرى الحديث حول آخر تطورات الحوار المرتقب بين "التيار" و"القوات". إستشفت المرجعية من اللقاء أن عون وأعضاء تكتّله على قناعة بأن نتيجة الحوار ستؤدي إلى إنتخاب جعجع لعون رئيساً، لأن الهدف من الحوار بالنسبة لعون هو الوصول الى بعبدا، ولا شيء سوى ذلك، وأنه "لا يمكن أن يتنازل عن هذا الأمر لأنه يعتبر هذه الدورة فرصته الأخيرة".
أكثر من ذلك، تجزم المصادر المطلعة لـ"المدن" بناء على معلومات أن عون لن يقدم على عقد جلسة الحوار مع جعجع ما لم يكن قد حصل على ضمانة بالموافقة على إنتخابه، وتقول نقلاً عن لسان عون إنه لن يمنح جعجع صورة معه مقابل لا شيء، لأنه "لا يمكن إعطاء جعجع شرعية مسيحية من خلال اللقاء من دون مقابل".
هذه التطورات دفعت المرجعية الدينية إلى التواصل مع جعجع. تكشف المصادر أن المرجعية أوصلت رسالة إلى معراب تطلب فيها من جعجع توضيح موقفه من هذا الأمر. وجاء في مضمون الرسالة: "إذا كنت تريد إنتخاب عون فهذا جيّد، واذا لا فمن المستحسن عدم البقاء على هذا الوضع لمدّة أكثر، لأن الرجل يبني آمالاً على ذلك"، ورغم أن رد جعجع لم يعرف بعد إلا أن المصادر تجزم أن جعجع لا يمكن أن يلتزم بإنتخاب عون، وهو لن يقدم على زيارته إلّا بعد الحصول على تنازل منه عن الترشح، وضمان البحث عن مرشّح توافقي بينهما.
عاد الجميع الى المربع الأول رغم الوقت المستنزف. الخلافات بين "التيار" و"القوات" لا تستحق وفق مصادر مسيحية متابعة حواراً. لا تشنّج في الشارع بين الخصمين على صورة ما هو حاصل بين "المستقبل" و"حزب الله". عليه إن كان للحوار غاية أو هدف فهو الرئاسة حصراً. وعليه أيضاً لا يبدو أن عون في وارد التنازل الآن، ولا جعجع في وارد تخطي التاريخ ورفع لواء التأييد لعون. وبالمطلق يبدو أن الحوار أصبح في مهب رياح بعبدا التي يتحكم بها أكثر من طرف داخلي وأقليمي ودولي ما لم تخرج كلمة السر من مكان ما فترغم الديوك على الجلوس والتوافق رئاسياً أولاً قبل التفاصيل المسيحية الأخرى.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها