الخميس 2014/01/02

آخر تحديث: 01:13 (بيروت)

صيدا 2013 : في غربة الاسير

الخميس 2014/01/02
صيدا 2013 : في غربة الاسير
الإرهابيون الجدد (تصوير: علي علوش)
increase حجم الخط decrease
أحمد الأسير سار في شوارع صيدا بطلاً يطالب مؤسسات الدولة بالتحرك والفعالية وضبط الأمور. ناشد الجيش الضرب بحزم وتسلّم الشارع وإلغاء كل سلاح غير شرعي. هاجم حزب الله فزاد الأنصار من حوله. واجه شقق الحزب في عبرا، مرة ومرتين وكانت الثالثة ثابتة. وقع أو أوقع في المحظور، فانتهى. بغضون ساعات، تحوّل إلى الوجه الإرهابي رقم واحد في صيدا ولبنان، ومع استمرار العلميات الأمنية يرتفع اسمه أكثر على لوائح الإرهاب.
 
في صيدا تجد من يحلف بغربة أحمد الأسير ويدعو إلى فكّ تهمة الإرهاب عنه. دعوات وصلوات وتأملات صادقة تخرج علناً من أفواه اقتنعت إلى حد الموت ببراءة الشيخ أحمد، ومن عقول مؤمنة حتى النخاع بأنّ مؤامرة ما تمّت فبركتها لحرق صورته وكسرها.
 
ومع كل فصل أمني يستجدّ في صيدا أو بيروت، يزداد تورّط أنصار الأسير في القتل والتفجير أكان في استهداف سفارة إيران أو في الهجوم على حاجزي الجيش في مجدليون وعند نهر الأولي. شباب مسجد بلال بن رباح شيّعوا قبل ايام محمد الظريف، أحد المتورطين في هذه العمليات الأخيرة. كان الظريف منهم، رافقهم في المسيرات وشاركهم في الاعتصامات واستمع مثلهم إلى خطب الأسير، وغضب مثلهم يوم سقط موقع عبرا. 
 
الظريف فجّر نفسه بقنبلة على حاجز للجيش أما همّ فلم يتجرؤوا بعد على فعلة مماثلة. تماماً كما فعل معين أبو ظهر وعدنان المحمد عند مدخل السفارة الإيرانية في الجناح. كانا منهم ايضاً، في يوم مضى شاركوهم اعتصام "الكرامة" على الأتوستراد الشرقي لصيدا، شيّعوا سوياً قتلى سقطوا في اعتداءات وتناوبوا على السهر على مدخل المسجد لحمايته وحماية شيخه.
 
بعض منهم مات أو استشهد أو قُتل أو قَتل نفسه بعبوة ومنهم من ينتظر هذه الفرصة، هذا ما يقال علنية في صيدا والجوار. باسم ثورة سورية مسروقة أو بغطاء رفع المظلومية عن الطائفة السنية أو بلباس الكره والعداء للطائفة الشيعية، يسير هؤلاء تحت جناح الشيخ أحمد. إلا أنّ الأسير اختفى، خرج من عبرا ولم يعد إلا عبر تسجيلين صوتيين باتا قديمي العهد نسبة للتطورات الأخيرة. فجّر مقرّبان منه السفارة الإيرانية ولم يطلّ ليعلن الانتصار. هاجم أنصاره حواجز الجيش ولم يتبنّ العملية، بينما ظهر رجله الأول فضل شاكر، وبمناسبة عيد الميلاد، بأنشودة "إن المسيح مبارك". وكأنّ لا شيء حصل قبل أيام وأسابيع، كأنّ الظلم – المفترض- بحق أهل السنة سقط وكأنّ النظام البعثي في سوريا رحل إلى غير رجعة وكأنّ حزب الله خفّت سطوته على البلد.
 
الشيخ الذي لطالما جاهر في مواجهة حزب الله وشتم إيران ووضعها في محور الشياطين والأبالسة لم يخرج للاحتفال باستهداف السفارة الإيرانية. وإذا كان فضل شاكر قادراً على تسجيل أنشودة وجمعها صوتياً وتقنياً بحسب "الأصول الإسلامية" فلا بد أن يكون إصدار تسجيل صوتي للأسير أسهل بكثير. ألا يثير هذا الأمر القليل من الشك؟ خصوصاً وأنّ الأسير في أمسّ الحاجة إلى خدمة مماثلة لرفع أسهمه في الشارع السني المعادي بكل جوارحه للحزب وسياساته الداخلية وعلاقاته الخارجية وتدخلاته العسكرية في سوريا. 
 
هذه هي رحلة الأسير في عام 2013. شيخ أسس حالة، فأخذ معه مدينة إلى مكان لم تعتده من قبل. استفاد من غياب القيادة السياسية للطائفة السنية كي يبني أمجاده بكلام في الهواء. صدقه كُثر. صعد نجمه. أخطأ. اختفى. كل هذا في عام واحد. أنصاره ينتظرونه في عام 2014 كي يظهر، ويعود إلى الصدارة. على الأرجح سينتظرون طويلاً. 
 
كل هذا لا يلغي أن من يعرف أحمد الأسير بوجهيه، الإرهابي والعاقل، يعلم أنّ الحالة التي أنشأها والتابعة له عاجزة عن ارتكاب أكثر من اعتصام يتبع صلاة جمعة. ومن موقعه المتواري هو عاجز عن التواصل مع أعوانه وأنصاره، حتى انّ إدارة عملية ممثالة لعملية السفارة تفوق قدرته. فيمكن القول إنّ الأسير أسس وربّى واختفى، وإذ بذراع ما تطوّر وتقطف في صيدا والجناح وربما أبعد من هنا بكثير.
increase حجم الخط decrease