الثلاثاء 2013/11/12

آخر تحديث: 05:55 (بيروت)

حزب الله: إفهموني وإلّا

الثلاثاء 2013/11/12
حزب الله: إفهموني وإلّا
"حزب الله" لخصومه: لا تصعبوا الأمور (المدن)
increase حجم الخط decrease
وكأننا عدنا إلى مرحلة 7 أيار والأيام القليلة التي سبقته. منذ زمن لم يخرج نواب أو مسؤولو حزب الله إلى المنابر لاستخدام لغة التهديد والرّد والصاع والصاعين. فمجالس ذكرى عاشوراء أعادت وجوه كتلة الوفاء للمقاومة إلى عدسات الكاميرات بعد أشهر طويلة من الصمت المنظم. هو صمت لم يعد يطاق، بحسب المقربين من الحزب، لشدة الهجمات الكلامية المتواصلة التي تشنها قوى 14 آذار منذ أشهر. 
 
الصمت الذي ولّد الكبت في نفوس مسؤولي الحزب، بدأ يتفجّر بوجه كل من تناول الأمين العام في الحزب وخطاباته وسياساته. صمت وكبت مصحوبان بسلّة ضغوط يعيشها الحزب على وقع المتغيّرات في المنطقة. متغيّرات تبدأ بالمحادثات الدولية والإقليمية من إيران إلى سوريا ولا تنتهي بالواقع الميداني في على الأراضي السورية. 
 
ضغوط التشتت الحاصل في البلد والفراغ المستمر في حياته السياسية يشغل بال الحزب، ويضاعف هواجسه الأمنية من التهديدات والأفعال الأمنية المحيطة بالضاحية الجنوبية. وكل هذا لا يجنّب حزب الله الضغوط اليومية التي بات يعيشها في قلب منطقته وبين أهله، ضغوط اقتصادية واخرى اجتماعية وثالثة أخلاقية يحكمها الفساد.
 
وإذا كانت كل هذه الهواجس لا تطال الضاحية وحدها وتمتد إلى كل المناطق والأحزاب والمجتمعات الأخرى، إلا أنّ العين هي دائماً على حزب الله. فهو من وضع نفسه في خانة القوة والجبروت والقدرة هذه. إذ لطالما رسم لنفسه هذا الإطار، فصنع حوله هالة الانتصار الدائم. 
 
بين كل هذا، عاد الحزب إلى أرض الواقع. وعلى غير العادة يستمرّ منذ أشهر في تبرير مشاركته في حرب سوريا. الأمر الذي لم نعتد عليه سابقاً، إذ كان يكفي ان يذكر أمينه العام هذا الأمر أو ذاك حتى يسحب الملف من التداول والإعلام. فتحسم الأمور ويجري تجاوزها. إطلالة إعلامية تلو الأخرى وتوضيح تلو الآخر، لم يزد خصوم الحزب إلا تمسكاً بالمطالبة بخروجه العسكري من سوريا. ليصبح هذا المطلب أساسياً في تحريك اي ورقة سياسية في الحكومة أو المجلس النيابي. فزاد التعقيد تعقيداً وضغوطاً على أبواب ظروف إقليمية مطلوب منها تحديد مسار الأمور في العقد الجديد، بين ملف نووي إيراني ونظام الأسد وواقع ومصير وتأثير دول الخليج العربي. 
 
من السهل القول إنّ حزب الله يبحث عن خطاب القوة والنصر في ظلّ هذه الظروف الإقليمية، وإنه يريد التأكيد على أنّ أي تسوية لن تكون على حسابه وحساب سلاحه ومشروعه. وبالطبع سيخرج عدد من مثقفي 14 آذار للتبشير السريع والمتحمّس بسقوط الحزب، كما درجت العادة في السنوات الثماني الماضية.
 
فهؤلاء أصحاب نظرية "كسب الأسد سوريا فخسر حلفاؤه لبنان". هكذا قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري من المملكة السعودية وهذا ما فهمه فريق 14 آذار. وهم على هذا المنوال منذ ثماني سنوات أيضاً، يتعلقون بحبال التصريحات الأميركية والأوروبية وينتظرون بياناتها. بينما الحزب ومن معه لا يرى في لبنان وسوريا إلا ساحة واحدة، تمتد من حدود فلسطين إلى حدود العراق، تماماً كما يراه الغرب وأميركا. فلما لا يشعر الحزب بالقوة؟ 
 
تصعيد الحزب في خطابه ليس إلا تذكيراً بأنّ الساحة واحدة لا يمكن فصلها. بين إسقاط نظام الأسد في سوريا من جهة، ومد الجسور النووية مع إيران من جهة أخرى، الأولوية ليست سلاح حزب الله ولا مشاعر فريق 14 آذار وجموعه وطوائفه. الحزب يدرك هذا الأمر جيداً، وتهديداته الأخيرة بحسب المقربين منه ليست إلا تنبيهاً لخصومه بعدم تصعيد وتصعيب الأمور أكثر.
 
الحزب فهم الرسائل الإقليمية أسرع من خصومه، ويدعوهم إلى الحوار والنقاش مجدداً، لأنّ الحسم في هذه الساحة مؤجل. هو لن يحسم وكذلك هم، هذا ما فهمه حزب الله وما على الجميع فهمه.
increase حجم الخط decrease