في 18 الجاري أعلنت الخارجية الإيرانية نهاية اتفاقية صفقة إيران النووية التي عقدت في العام 2015. وعلى الفور، أعلنت الخارجية بأنها لن تلتزم بعد الآن بالقيود على برنامجها النووي، التي فرضتها الاتفاقية "التاريخية" مع الدول العالمية، والتي لم تعد قائمة. لكنها صرحت أيضاً بأن إيران تبقى منفتحة على المفاوضات، و"مستعدة للحوار مع الشركاء الدوليين"، وأضافت بأن "إيران تؤكد بقوة إلتزامها بالدبلوماسية".
موقع obozrevatel الأوكراني الذي نقل مع سواه من المواقع التصريحات الإيرانية هذه، قال في 18 الجاري إنه أشار سابقاً إلى قيام إيران بتسريع بناء منشأة نووية سرية تحت جبل كيرك، وتقع بالقرب من مجمع نطنز النووي. ولم تسمح السلطات الإيرانية لبعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول المنشأة، رغم المطالبة بزيارتها.
حسب الإعلام الروسي في 9 الجاري، أعلن الرئيس الروسي أن بلاده تلقت إشارات من إسرائيل بانها معنية بالتسوية السلمية للصراع بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأبلغتها للجانب الإيراني. لكن تصريحات بوتين لم تلق أي صدى في إسرائيل ولم يعلق عليها إعلامها. بل لا ينفك هذا الإعلام (الناطق بالروسية) يتحدث بشكل شيه يومي عن "الجولة الثانية" من الحرب الإسرائيلية على إيران. ومنذ نهاية الجولة الأولى في أواخر حزيران/يونيو المنصرم لم يصدر عن القيادة الإسرائيلية ما يشير إلى عكس ذلك، بل تستمر إسرائيل في إعداد جبهتها الداخلية إلى مثل هذه الجولة. فقد نقل موقع detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية في 26 الجاري، عن مكتب نتنياهو، أنه نشر تقريراً باسم "الموساد" كشف كيف كانت إيران تصدر الإرهاب إلى أنحاء العالم. وأشار التقرير إلى أن إيران، ومنذ 7 أوكتوبر 2023، عززت جهودها لإلحاق الأذى بالإسرائيليين واليهود.
يزعم التقرير أن من أهم الآليات التي أنشأتها طهران لهذا الغرض، هيكلٌ بقيادة سردار عمار، القائد رفيع المستوى في الحرس الثوري الإسلامي. ويقود عمار وحدة القوات الخاصة "أحد عشر ألفًا"، بقيادة إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الإيراني، والتي تُجري عملياتٍ خاصة في الخارج.
كانت الترويكا الأوروبية المشاركة في التوقيع على الصفقة النووية في العام 2015 قد تحسبت للتفسير الإيراني القائل بسقوط العقوبات التي أقرها مجلس الأمن الدولي مع النهاية الرسمية للاتفاقية. وخاضت عدة جولات من المفاوضات مع إيران لإقناعها بالعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن عقد صفقة جديدة قبل اللجوء إلى آلية "snapback"، التي يتضمنها قرار مجلس الأمن الدولي الذي تبنى الاتفاقية، وتنص على استئناف العقوبات الدولية على إيران في حال خرقت اتفاقية الصفقة. ولما لم تعد إيران إلى طاولة المفاوضات، عمدت الترويكا في أواخر آب/أغسطس المنصرم إلى تفعيل هذه الآلية.
وكما كان متوقعاً، وقفت روسيا والصين إلى جانب إيران في تفسيرها القائل بسقوط كل العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على إيران منذ العام 2006، مع إنتهاء اتفاقية الصفقة النووية الإيرانية. واتهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف سكرتارية المنظمة الدولية والدول الغربية بشن هجوم على مجلس الأمن الدولي، الذي اضطر إلى اتخاذ القرار بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، واعتبر القرار غير شرعي، حسب موقع المجموعة الإعلامية الروسية RBC في 22 الجاري.
كما دعمت روسيا والصين إيران في اعتبارها أن صلاحية وكالة الطاقة الذرية الدولبة في عرض تقارير فصلية عن البرنامج النووي الإيراني على مجلس الأمن، قد انتهت مع انتهاء مفاعيل قرار المجلس 2231 الذي تبنى اتفاقية الصفقة الووية في العام 2015. ويشير موقع الخدمة الروسية في وكالة الأناضول التركية في 25 الجاري، إلى أن المندوبين الدائمين للدول الثلاث في فرع المنظمة الدولية في فيينا قد وجهوا رسالة مشتركة إلى المدير العام للوكالة الدولية بهذا الشأن.
يذكّر الموقع التركي أن إيران، وبغية الحؤول دون إطلاق آلية "snapback"، توصلت إلى اتفاق مع وكالة الطاقة النووية بالقاهرة في 9 أيلول/سبتمبر المنصرم، تنص على استئناف عمليات تفتيش الوكالة التي توقفت إثر حرب الإثني عشر يوماً. وعلى الرغم من إيجابية الاتفاق، اعتبرته الدول الأوروبية غير كافٍ. وبعد أن فشلت المفاوضات الأوروبية الإيرانية في التوصل إلى نتيجة وانتهت الفرصة التي يتيحها عمل الآلية المذكورة في 28 الشهر المنصرم، عادت مجدداً عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران تلقائياً.
موقع الأعمال الروسي myseldon رأى في 20 الشهر الجاري أن روسيا والصين تشكلان عقبات جدية في وجه الجهود الحثيثة لتوسيع رقعة الضغط على إيران. ويقدم البلدان لطهران دعماً سياسياً واقتصادياً كبيراً، مما يجعل من الصعب تبني عقوبات موحدة على الساحة الدولية.
نقل الموقع عن المحلل الروسي يوري بارانشيك إلى أن إيران وروسيا والصين أكدوا في رسالتهم الموحدة إلى منظمة الأمم المتحدة، أن قرار مجلس الأمن الدولي 2231 الذي اتخذ في العام 2015 لدعم صفقة إيران النووية قد انتهت مفاعيله في 18 الجاري من العام الحالي. واعتبرت هذه الدول أن جميع الالتزامات وآليات التحقق، بما فيها آلية إعادة فرض العقوبات، لم تعد نافذة، ويجب رفع مسألة البرنامج النووي الإيراني عن جدول أعمال مجلس الأمن.
موقع The Insider الروسي المعارض، والذي يصدر في البلطيق، رأى في 20 الجاري أنه بعد اتفاق غزة، قد تصبح إيران التالية في قائمة "السلام المفروض". وأشار الموقع إلى أن ترامب في كلمته خلال قمة شرم الشيخ افترض رفع العقوبات عن إيران، "لكن طهران نفسها ليست في عجلة من أمرها" للقاء الغرب في منتصف الطريق، خصوصاً بعد تشديد العقوبات عليها بمبادرة من الدول الأوروبية في سبتمبر/أيلول الماضي. ورغم الوضع الاقتصادي المتردي والتراجع الخطير في قدراتها الدفاعية بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة، تصر إيران على مواصلة برنامجها النووي. وكما تظهر الأحداث الأخيرة في غزة ولبنان، فضلاً عن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية هذا الصيف، فإن ترامب ونتنياهو، هما من الزعماء الذين يفضلون خيار الضربة الصاروخية على المفاوضات طويلة الأمد. وإحدى الطرق للحصول على تنازلات من طهران قد تكون إبراز الاستعداد لهذه الضربة للحصول على هذه التنازلات.
بعد تعنت إيران في العودة إلى المفاوضات التي قطعتها حرب الإثني عشر يوماً، بدأ الأوروبيون بعملية استئناف فرض العقوبات عبر آلية snapback تلك، مع التأكيد على الاستعداد للتوصل إلى تقييد إيران الكامل بالتزاماتها عبر الوسائل الدبلوماسية. إلا أن طهران لم تكن ترغب في العودة إلى طاولة المفاوضات، ودخلت العقوبات حيز التنفيذ في نهاية سبتمبر/أيلول.
يستعرض الموقع تفاصيل التطورات بشأن النووي الإيراني التي أعقبت عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وبينها مهلة الستين يوماً التي منحها لإيران للعودة إلى طاولة المفاوضات، وحرب الإثني عشر يوماً التي انطلقت مع نهاية المدة المذكورة. وينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن احتمال اندلاع الجولة الثانية من الحرب.
يرى الموقع أنه في ظل رفض النظام الإيراني القاطع للحوار، يبقى أمام الغرب حل دبلوماسي وحيد: إبراز الاستعداد لأسقاط نظام خامنئي. وإذا بقي خامنئي على تعنته، فكما أظهرت الجولة الأولى من الحرب، لن تكون السلطات الإسرائيلية الحالية ولا الأميركية راغبة في التفاوض حيث قد تكون الضربة الصاروخية حلاً أكثر فعالية.
