لا تقتصر على اليمين الإسرائيلي المتطرف الاعتراضات والانتقادات لخطة ترامب بشأن إنهاء الحرب في غزة، والتي عبّر عنها مباشرة وزيري ائتلاف نتناهو الحاكم. فقد رأى بتسليل سموتريتش أن خطة ترامب قديمة وتمثل "عودة إلى مقولة أوسلو". وأضاف بالقول إنها "فرصة تاريخية ضائعة لتحرير أنفسنا أخيرًا من قيود أوسلو". ووصف الخطة بأنها "فشل دبلوماسي مدوٍّ ورفض لكل دروس السابع من أكتوبر، وبرأيي، هذا سينتهي بالدموع"، على ما نقل عنه موقع TRT التركي في الأول من الجاري,
كما رأى سموتريتش أن أبناء الإسرائيليين "سيجدون أنفسهم مضطرين من جديد للحرب في غزة". وقال، إن ما يجريي ينطبق عليه قول آينشتاين: تكرار الأمر عينه عدة مرات، وتوقع الحصول على نتيجة مختلفة.
ونقل أيضاً الموقع التركي ما صرح به الوزير الآخر المتطرف إيتامار بن غفير في جلسة للكابينت، حيث رأى في الخطة "خطراً على أمن إسرائيل". وتوجه إلى نتنياهو بالقول "أتفهم أنك تعرضت للضغوط، لكن لم يكن ينبغي لك أبدًا قبول اتفاقية مليئة بالثغرات".
لم يكن سموتريتش الوحيد الذي ذكرته خطة ترامب باتفاقيات أوسلو. فقد نقل في 5 الجاري موقع Detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية نصاً للموقع الإسرائيلي المعروف Walla وضع له عنوناً جامعاً "ترامب يريد جائزة نوبل، إسرائيل تستسلم للضغوط وحماس تربح الوقت".
رأى الموقع في مطلع نصه أنه منذ السلام مع مصر فاتفاقيات أوسلو إلى المفاوضات مع حماس، استغل الرؤساء الأميركيون من كارتر إلى ترامب الضعف الدبلوماسي للقادة الإسرائيليين لتعزيز أجنداتهم الخاصة، وفي بعض الأحيان على حساب المصالح الإسرائيلية. ويستعرض الموقع الخطوات التي يقول إنها يمكن أن تحول خطة ترامب إلى أداة بيد حماس.
يسترسل الموقع في الحديث عن ظروف مفاوضات كامب ديفيد السرية مع مصر، وكيف أن إسرائيل كانت تنطلق من موقع القوة في خوض المفاوضات، من دون أن تأخذ بالاعتبار أن الاتفاقيات سيتم التوقيع عليها بوجود الرئيس الأميركي، الذي ألزم إسرائيل بالخضوع لإصرار مصر على الانسحاب من كل سيناء، بما فيها العريش. ويقول، إن امتثال القادة الإسرائيليين للرؤساء الأميركيين لم يوفر نتنياهو أيضاً. ففي الأسبوع الماضي، وبعد مؤتمر صحافي مشترك، اضطر نتنياهو، بصورة مذلة، لتقبل إعلان ترامب مساء الجمعة عن خطته. ويناقض هذا الإعلان خطاباته الأسبوع السابق على إعلان الخطة في نقطتين: مواصلة الأعمال الحربية والاعتراف برد حماس.
لقد وافقت حماس على المرحلة الأولى من الخطة، التي تتضمن إطلاق سراح الرهائن والإفراج عن حوالى 2000 سجين فلسطيني. للوهلة الأولى لم يغير رد حماس شيئاً في الخطة، لكن في الواقع تم فصل واضح بين المرحلة الأولى والمراحل اللاحقة، والتي بموجبها على حماس أن تتخلى عن سلاحها. وإعلان ترامب قبول موقف حماس، يمنح حماس إمكانية تقويض حتى المرحلة الأولى: عودة جميع الرهائن.
يعدد الموقع 5 خطوات يمكن أن تقوم بها حماس لجعل شروط الصفقة تميل لصالحها.
نزع الضغط العسكري، وهو ما يجعل المفاوضات النهائية تجري ليس "تحت النار"، مما يحرر حماس من الضغط عليها في مدينة غزة.
كسب الوقت، وقف إطلاق النار الذي فرضه ترامب، قد يسمح لحماس بتخريب عملية إطلاق سراح الرهائن.
يتوقف الموقع بعد ذلك عند إمكانية استخدام حماس للحق في تسمية المساجين الذين سيطلق سراحهم، وكذلك عند شررط سحب القوات الإسرائيلية من المناطق التي تقول حماس بوجود رهائن أحياء أو أموات فيها، وأخيراً إمكانية مماطلة حماس في إعادة جثامين الرهائن الإسرائيليين.
يقول الموقع بأنه ليس متاكداً من أن حماس بالضرورة سوف تعطل المفاوضات. فالرئيس الأميركي بحاجة لنتيجة ملموسة تتمثل بإطلاق سراح الرهائن في أقل من أسبوع، لأن لجنة جائزة نوبل سوف تجتمع بعد أسبوع، وحماس تدرك أنها ستثير غضب ترامب إذا لم تلتزم بكل شروط الخطة.
صحيفة Gazeta,ru الروسية نقلت في 6 الجاري عن صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية قول مصدر مطلع لها، إن خطة الرئيس الأميركي لحل الصراع في قطاع غزة كانت بمثابة تحول غير متوقع وغير سار بالنسبة لنتنياهو، واعتبره بمثابة خيانة. وأضافت الصحيفة البريطانية بالقول إن مسودة الخطة الأميركية تم إطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلي عليها خلال وجوده في نيويورك بحضور أقرب مستشاريه والسياسيين الأميركيين.
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن الخطة الأميركية لم تكن الضربة الوحيدة التي تلقاها نتنياهو من ترامب. فقد كانت مسودة الخطة نتيجة لضغوط مكثفة من جانب قطر والمملكة العربية السعودية ودول إسلامية مؤثرة أخرى، لعبت على غضب الرئيس الأميركي إزاء الهجوم الذي شنته إسرائيل في أيلول/سبتمبر على المفاوضين السياسيين من حركة حماس في الدوحة.
وفي ختام نصها القصير قالت الصحيفة الروسية، إن تقارير سابقة أشارت إلى أن إسرائيل وجدت نفسها في وضع التبعية للولايات المتحدة بعد موافقتها على صفقة ترامب.
وكالة الأناضول التركية نقلت في 2 الجاري عن خبراء إسرائيليين تأكيدهم بأنهم لا يثقون بخطة ترامب بشان غزة.
قدم الموقع التركي للنص بالتذكير بأن حكومة نتنياهو كانت قد رفضت الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي. ورغم بنود الاتفاق، رفضت تل أبيب بدء المرحلة الثانية من المفاوضات، وقطعت المساعدات الإنسانية عن غزة بشكل كامل في الثاني من آذار/مارس، وفي 18 منه انتهكت وقف إطلاق النار واستأنفت الضربات بكثافة أكبر.
وفي وقت لاحق، ورغم تزايد الضغوط الدولية، واصلت إسرائيل فرض شروطها، وعرقلت فعليًا مفاوضات تجديد الاتفاق. وكان أبرز مثال على ذلك محاولة اغتيال وفد حركة حماس في الدوحة.
أشار الموقع إلى أن عالم الأنثروبولوجيا الإسرائيلي جيف هالبر (Jeff Halper)، والناشطة في منظمة "مقاتلون من أجل السلام" كارلي روزنثال (،Carly Rosentha) شرحا للوكالة سبب شكوكهما بشأن خطة ترامب.
نقلت الوكالة عن هالبر قوله إن الخطة نفسها قد تكون مفيدة إذا نجحت بالفعل في وقف الاحتلال الإسرائيلي والهجمات على غزة. إلا أنه يرى إنه حتى لو أطلقت حماس سراح الرهائن الإسرائيليين، فليس هناك ما يضمن أن إسرائيل لن تستأنف هجماتها. والخطة لا تزال اقتراحاً فقط، "لكن نحن نعرف أن إسرائيل سبق لها أن انتهكت اتفاقيات التبادل، "فلماذا ستبدل سلوكها الآن؟". وستكفي طلقة واحدة من أي مصدر حتى تستغلها إسرائيل لشن هجوم جديد. وأكد هالبر أن هدف إسرائيل يبقى القضاء على حماس، "المعقل الأخير للمقاومة الفلسطينية. وإذا لم يُثمر الاتفاق عن حل سياسي للقضية الفلسطينية، فهذا يعني أن هدف إسرائيل قد تحقق".
يقول هالبر أن خطة ترامب تتضمن تعابير مشفرة ليس الكل يفهمها. فالسلطة الوطنية بوسعها المشاركة في إدارة غزة فقط بعد إجراء الإصلاحات. وهذا يعني أن عليها الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وان تكف عن اللجوء إلى المحاكم الدولية وعن النقاش حول المستوطنات.
أما كارلي روزنثال التي تمثل حركة "محاربون من أجل السلام" فقد اكتفت باستعراض نشاطات الحركة، والتأكيد على دعمها لمختلف المبادرات الدولية التي تستطيع وضع نهاية للحرب والإبادة الجماعية في غزة، والعنف الذي يعاني منه "الفلسطينيون والإسرائيليون".
