الثلاثاء 2023/06/06

آخر تحديث: 06:11 (بيروت)

عن تمدد الحرب الى الداخل الروسي

الثلاثاء 2023/06/06
عن تمدد الحرب الى الداخل الروسي
increase حجم الخط decrease

أداء الجيش الروسي خلال سقوط باخموت الذي لم تعترف بنهائيته أوكرانيا حتى الساعة، على الأقل رسمياً، يشير الى أنها قد تكون المعركة الدموية الأخيرة قبل أن تتحول الحرب الأوكرانية نهائياً إلى حرب مواقع، كما هي عليه منذ أشهر. ومعركة باخموت، على الرغم من دمويتها، كانت العنوان الأبرز لحرب المواقع هذه. فالجبهة لم تتبدل جغرافيتها منذ أن بدأت المعركة في آب المنصرم، وسقوط المدينة لم يبدل جغرافية خطوط الجبهة بشكل ملحوظ. فكما صرح قائد المجموعة الأوكرانية التي دخلت منطقة بلغوراد الأسبوع الماضي، كانت مساحة المنطقة التي سيطرت عليها مجموعته ليوم كامل أكبر من مساحة باخموت. ولم يصدر عن القيادة العسكرية الروسية ما يشير إلى أنها في صدد الإعداد لمعركة كبيرة. بل هي منشغلة الآن، بالإضافة إلى تكثيف القصف على كييف والبنى التحتية الأوكرانية، بالخلاف المحتدم بعد باخموت بين سيد مرتزقة "فاغنر" يفغيني بريغوجين والجيش الروسي. ووصل الخلاف، ولأول مرة، أن نشرت مواقع بريغوجين شريط فيديو لضابط روسي محتجز لدى مرتزقته.  

تجربة الجيش الأوكراني خلال حوالي 18 شهراً من الحرب، وتمكن وحداته المقاتلة في الفترة الأخيرة من تخطي الحدود الروسية وتنفيذ عمليات داخل المناطق الروسية، وآخرها في 4 الجاري، وبلوغ مسيّراته العاصمة الروسية والكرملين، يعزز التوقع بأن الهجوم الأوكراني المضاد سيتجنب تكرار معركة باخموت في خوض المعارك الدموية الطويلة. وقد يكون إرباك الجبهة الداخلية الروسية بواسطة الهجمات المتكررة على المناطق الروسية، والتي بدا بها  الهجوم الأوكراني المضاد، قد تكون أحد الأشكال التي ستعتمدها أوكرانيا بديلاً للمعارك الدموية الطويلة

موسكو، من جانبها، والتي تشجعت بتجربة مجموعة "فاغنر" الناجحة في معركة باخموت، يبدو أنها ستتجنب أيضاً خوض المعارك الطويلة. فهي، وكما يشاع، لم تسمح بعودة المجموعة إلى مواقعها السابقة، بل ستوظف تفوقها الجوي في مواصلة قصف المدن الأوكرانية، وستعمد إلى تشكيل فصائل مشابهة لمجموعة "فاغنر" إن صح ما نشره الموقع التشيكي  Aktualni ZPRAVYفي 26 المنصرم. ومن دون أن يذكر مصادره، نشر الموقع نصاً بعنوان "" Roscosmos" شكلت الشركة العسكرية الخاصة بها  Uranus التي ستصبح تهديداً هجيناً لأوروبا". وروسكوسموس هذه هي وكالة الفضاء الرسمية الروسية التي تتولى جميع المهمات المتعلقة بشؤون الفضاء والتعاون مع المؤسسات العالمية المشابهة. ويدخل في مهماتها تطوير السياحة على الأرض وفي الفضاء، لكن ليس تشكيل فصائل مرتزقة، على غرار "فاغنر"، بمهمات مشبوهة.

قال الموقع بأن مسؤولي مكتب ماكييف الرسمي لشؤون الصواريخ التابع لروسكوسموس أخذوا يتلقون أخيراً "إقتراحات" بتوسيع صفوف فصيل "أورانوس"، وإلا فهم مهددون بالطرد. وتقتضي خطة تشكيل الفصيل على تجنيد 400 مرتزقاً يوقعون عقداً مع وزارة الدفاع الروسية. وحسب الموقع، بعد التدريبات القتالية الضرورية، سوف يُستخدم المرتزقة في أوكرانيا، وقد يكون في بلدان الإتحاد الأوروبي أيضاً. ويرى أن روسيا تصعد من تهديداتها لأوكرانيا والإتحاد الأوروبي، حيث تضيف إلى إبتزازها النووي التقليدي وعمليات قصف محطة زاباروجيه النووية لتوليد الكهرباء، تشكيل شركات عسكرية خاصة تقودها كبريات الشركات الرسمية. فبعد إشعال حربها على أوكرانيا، لم تبق شركة روسية رسمية واحدة بعيدة عن الإنخراط في العدوان المسلح، حسب الموقع.

ويرى الموقع التشيكي أن تشكيل كتيبة "أورانوس" على قاعدة روسكوسموس لم يكن مفاجئاً في ظل العسكرة الشاملة في روسيا. فالكتيبة تم تشكيلها رسمياُ من قبل رابطة "السيف والدرع" للمنظمات الرياضية وقدامى المحاربين، لكنها تصبح الجيش الخاص لروسكوسموس الذي يتولى تمويلها. 

يقول الموقع بأن تشكيل الشركة العسكرية الخاصة في روسيا، قد ضاعف تهديد الكرملين الهجين لأوروبا.  فمجموعة مرتزقة "فاغنر" أخذت تتموضع تدريجياً في دول الاتحاد الأوروبي. وهي جزء من التهديد الروسي الهجين الذي يمكن أن يستخدمه الكرملين لزعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي في أوروبا. أما مجموعة روسكوسموس "أورانوس"، فيرى الموقع أنها تأكيد آخر على التهديد الإرهابي من جانب روسيا. 

يستنتج الموقع مما جاء به دون ذكر مصدر معلوماته، بأن المرتزقة الذين سيتدفقون إلى أوروبا، سيشكلون، بخبراتهم القتالية في أوكرانيا، تهديداً لم يسبق للأوروبيين أن شهدوا مثيلاً له. ويرى أن روسكوسموس تقوم بتوسيع رقعة التهديدات الهجينة لأروروبا. ولذا يقترح على الأخيرة فرض عقوبات ملموسة على الشركة الروسية التي تساعد بوتين في مواصلة حربه ضد أوكرانيا. 

موقع الأسبوعية الإلكترونية الروسية holod نشر في 27 المنصرم مقابلة مطولة مع أحد مسؤولي "فيلق المتطوعين الروسي" (فصيل من الروس المقاتلين إلى جانب اوكرانيا)، والذي أعلن مسؤوليته عن إقتحام منطقة بيلغوراد الأسبوع الماضي. يقول الموقع أنه إتصل مع رئيس أركان الفيلق ألكسندر (لم يفصح عن إسمه الكامل) عبر ممثل الفيلق إيليا بوغدانوف، ونقل عنه قوله بأن مقاتلي الفيلق مستعدون لنقل العمليات القتالية إلى أراضي روسيا، وأن عملية بيلغوراد ستتكرر كثيراً في المستقبل. ويشير الموقع إلى أنه تحدث مع ألكسندر عن إسقاط نظام بوتين، العلاقة بالجيش الأوكراني، فيلق "حرية روسيا" وآفاق الهجوم الأوكراني المضاد. ويؤكد الموقع أنه لا يستطيع في ظروف الحرب تأكيد أو نفي قسم مما صرح به ألكسندر.

في الرد على سؤاله عن الهدف من إقتحام الفيلق منطقة بيلغوراد، قال ألكسندر بأنها ليست المرة الأولى ولا المدينة الأولى، وأن الآليات المصفحة التي إستخدموها في الإقتحام ليست أجنبية. وأشار إلى أن أحد أهداف الإقتحام كان يقوم في سحب قسم من القوات الروسية من الجبهة إلى المناطق المتاخمة للحدود. 

الهدف الآخر للإقتحام ـــــ نقل الحرب إلى الأراضي الروسية. وقال بأن الفيلق يخطط لعمليات أوسع، وقد يقومون في المرة القادمة بإقتحام منطقة أكبر، ويحتفظون بها لمدة أطول " أيام، أسابيع أو أشهر".  

 وقال ألكسندر أن حرس الحدود والجمارك الروس إنسحبوا بسرعة من مركز العبور الذي هاجموه، ووصل متاخراً الطيران الروسي والدبابات والآلات المصفحة. وأشار إلى أن كل مقاتلي الفيلق وقياديه شاركوا بالإقتحام، وبلغ عددهم بضع مئات، بالإضافة إلى بعض ممثلي فيلق "حرية روسيا" (روس مناهضون للحرب يجندون أبناء الجالية الروسية في أوروبا للقتال إلى جانب اوكرانيا).

ولدى سؤاله عن تأكيد وزارة الدفاع الروسية بأن المهاجمين فقدوا 70 قتيلاً وعدداً من الآليات العسكرية، قال ألكسندر بأن عدداً من المقاتلين أصيب بجروح طفيفة ومتوسطة، لكنهم لم يفقدوا أي قتيل أو آلية عسكرية، بل أخذوا أسرى وكسبوا عدداً من الآليات. لكن موقع الأسبوعية الروسية، وبالإستناد إلى مصادر أخرى،  قال بخسارة المقتحمين قتيلين وآليات عسكرية.

أما كيف عبروا في طريقهم إلى الهدف عدداً من القرى وقاموا بعمليتهم ثم عادوا إلى مواقعهم، قال ألكسندر بأن قسماً من المقاتلين كان في مكان العملية قبل وقوعها، "ولا يزال هناك حتى الآن"، ومهمته الإستطلاع. وقال بأن مهمتهم لم تكن تقتضي البقاء والتمركز حيث نفذوا عمليتهم. وأكد بأنهم بقوا في مكان العملية "ما يكفي من الوقت". وقال بأن مئات من الرجال بلغوا على الآليات المصفحة مركز منطقة في روسيا، وبقوا حوالي يوم هناك سيطروا خلاله على منطقة تبلغ مساحتها 43 كلم مربع "أكبر بقليل من مساحة باخموت". "لكن القوات الروسية حاولت إحتلال باخموت حوال سنة، ولم تحتلها حتى النهاية، بينما نحن إحتلينا المنطقة في يوم واحد".

وأكد أن المقتحمين لم يتكبدوا أي خسائر ، بل قتل مواطن روسي أثناء تمهيدهم المدفعي للعبور، وأسروا أكثر من عسكري روسي. 

     

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها