الإثنين 2023/06/05

آخر تحديث: 06:55 (بيروت)

الجبهات الموحدة بعين فلسطينية

الإثنين 2023/06/05
الجبهات الموحدة بعين فلسطينية
increase حجم الخط decrease

"التقى الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، القائد زياد النخالة، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بيمان جبلي، في العاصمة اللبنانية بيروت". هذا الخبر الوارد على موقع "حركة الجهاد الإسلامي" على الانترنت قبل 6 أيام، عنوان للمرحلة الحالية في لبنان، أكان دوره كقاعدة للعمل السياسي والعسكري الفلسطيني، أو ارتباطه بالمحاور الأخرى من خلال اتفاقات وتفاهمات داخلية (بين أعضاء هذا المحور).

لكن كيف علينا قراءة الخطاب السياسي الفلسطيني (لدى حركتي حماس والجهاد الإسلامي) بعد هذا الإعلان عن المحور؟ 

من المهم للداخل اللبناني رصد موقع لبنان في الخطاب الفلسطيني، إما لأن فيه أبرز التطورات السياسية والأمنية وأهمها على الإطلاق وسط التفاهة المكررة، أو لانعكاساته الأمنية على البلد الغارق في أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية-السياسية.

بداية، من الواضح أن لهذه الاستراتيجية أثراً مفصلياً كونها تضع ايران و"حزب الله" في موقع قيادة هذه المواجهة، أو تنسيقها بالحد الأدنى. في "يوم القدس" في نيسان (أبريل) الماضي، صمم قائد حركة "حماس" في قطاع غزة يحي السنوار، احتفالاً خُصصت فيه كلمة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بما يدل على التموضع الحالي للتنظيم في موقع ثابت بالمحور. لكن الأساسي فيه أن السنوار تحدث بلغة وعبارات ترسم الخطوط العريضة لاستراتيجية محور المقاومة بالمرحلة المقبلة. يتحدث بصراحة عن دور "حزب الله" في الأمن الفلسطيني، ويشكره والقيادة الإيرانية على ذلك. المسألة الثانية التي من الضروري الإشارة اليها في الخطاب الفلسطيني هي مركزية معركة القدس والمقدسات فيها، وهو تركيز بالسالب، مقارنة مثلاً بهدف الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وحدودها أراضي الـ1967.

التركيز على حماية المقدسات هو عنوان فضفاض، تماماً مثل التأرجح في خطاب "حزب الله" لتبرير المقاومة للداخل اللبناني بين استعادة المناطق المتنازع عليها وضرورة الردع أو "الحماية" من العدوانية الإسرائيلية، أو تبريرات المشاركة في حرب سوريا.

وهنا كلام واضح كذلك للشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" الأسبوع الماضي (من بيروت) عن كون قضية القدس "مسؤولية كل الأمة"، و"أننا في الصف الأول ولم نتوقف عن القتال وإعداد العدة لتحريرها". وقضية القدس مفتاح للعمل السياسي و"رافعة لكل من يعمل لها، والمفتاح الأول لاستنهاض الأمة من أجل فلسطين أن تكون لديهم القناعة المبنية على أسس وعقيدة صلبة"، وفقاً لأبرز قادة الحركة في الضفة الغربية. العاروري يختار عنواناً دينياً مفتوحاً لنشاطه السياسي، فالقدس هي "مركز الصراع مع الاحتلال، وقلب الصراع في القدس هو المسجد الأقصى الذي يعتقد الاحتلال أنه مركز الهيكل المزعوم". 

وهنا يسرد العاروري تفاصيل قد يراها البعض عقائدية وخارجة عن السياق، لكنها مفصلية في فهم عناوين العمل الفلسطيني بالمرحلة المقبلة، ومحاولة استقطاب الخارج العربي والإسلامي على أساسها. ذاك أن رهان "حماس" هو "على شعوب الأمة في التحرك أن تقابل جرائم الاحتلال في المسجد الأقصى بردات فعل ... نثق بأن أمتنا وشعبنا سيحاسب الاحتلال على شتم رسولنا الكريم واقتحام الأقصى، وعدوان الاحتلال على الأقصى سيؤدي لاقتلاعهم حتمًا من أرضنا الطاهرة"، وكذلك على أن "المقاومة تشد من أزرها وتجمع صفوفها، وفي المقابل تتعاظم الخلافات بين أعدائنا في مقدمة لتشتتهم وانهيارهم". وهذا كلام يرد في صيغ مختلفة على لسان الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد نخالة، مواجهة القدس مركز الصراع.

المهم أن موقع لبنان في هذه المعادلة أساسي، وهو مركز لوجستي للعمل السياسي والتنسيق العسكري الفلسطيني مع المحور. وبناء على ذلك، من الضروري فهم مستوى المخاطر الماثلة أمامه بالمرحلة المقبلة، وهي تظهر عبر التهديدات على مستويين، الأول هو الاغتيالات (تهديدات إسرائيلية باستهداف قادة فلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية) والثاني الحرب الشاملة الناجمة عن خطأ في احتساب ردات الفعل المقابلة. والخطر الأخير ليس مستبعداً، بما أن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله هدد بصراحة بالدخول في المواجهة حين تُستهدف "المقدسات الدينية" في القدس، والأخيرة هدف متكرر للقوى المتطرفة الممثلة في الحكومة الإسرائيلية. 

قريباً، قد يستفيق اللبنانيون وبلدهم بالكامل وسط حقل ألغام من الصعب الفكاك من دروبه الموصدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها