الجمعة 2023/06/02

آخر تحديث: 16:47 (بيروت)

جبهات موحدة أو مفتوحة؟

الجمعة 2023/06/02
جبهات موحدة أو مفتوحة؟
increase حجم الخط decrease

قيل الكثير مؤخراً في خصوص استراتيجية توحيد الجبهات في صفوف المحور الخاضع لقيادة إيران، والضعف السياسي والمعنوي على الجانب الإسرائيلي المقابل، لكن اللغط الحاصل خلال الأيام الماضية حول انفجار في قاعدة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة على الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا، أعاد طرح أسئلة متعددة، أهمها عن طبيعة هذه الجبهة "الموحدة" وانعكاساتها داخلياً.

أولاً، حتى لو كان انفجار "القيادة العامة" الخاضعة للنظام السوري وأجهزته ناجماً عن خلل في تخزين صواريخ أو التعامل معها، بما أدى إلى مقتل 5 عناصر واصابة آخرين، يُثير الحدث أسئلة متعددة عن تحولات النشاط الفلسطيني المسلح على الأراضي اللبنانية، وانعكاساته السياسية. أهم هذه الأسئلة على ارتباط بالموقف غير المسيحي على المستوى السياسي، وهذا يجب أن يتضح أكثر فأكثر خلال الفترة المقبلة. هناك معنى خاص لوجود مروحة متنوعة وواسعة من الفصائل الفلسطينية الناشطة عسكرياً خارج المخيمات، أكان على الحدود السورية-اللبنانية أو اللبنانية-الإسرائيلية. بيد أن المراجعات الحاصلة للمشاركة في الحرب، وتحديداً من "الحركة الوطنية" وأقطابها، غالباً لحظت واعترفت بالخطأ التاريخي، وهو دعم النشاط الفلسطيني المسلح من لبنان، وانعكاسات ذلك على الوضع الداخلي ومجمل الأراضي اللبنانية. من المطلوب اليوم، موقف لبناني موحد بكافة الأطياف وعلى مستوى وطني أوسع في مواجهة هذا التبدل في التركيبة الأمنية الداخلية.

ثانياً، بات خطاب "توحيد الجبهات" أكثر وضوحاً من ذي قبل، وحاضراً بصفته قيمة في مجال ردع القوات الإسرائيلية، والأهم في ربط الأمن الفلسطيني بذلك اللبناني. على سبيل المثال، ما جاء أخيراً على لسان نائب رئيس المجلس التنفيذي في "​حزب الله​" الشيخ علي دعموش عن تبدل معادلات الصراع ‏ "لمصلحة محور المقاومة"، لأن "العدوان الصهيوني الأخير على غزة فشل، ولم ‏يستطع الاسرائيلي تحقيق ما كان يريده". 

عملياً، أمن لبنان يرتبط بفشل العدوان الإسرائيلي على غزة، لأن الإحباط هناك يُعزز الموقف على الحدود اللبنانية. طبعاً، هذا منافٍ للمنطق، لكن أسلوب التفكير على ارتباط بطبيعة العمل الميداني، وبما أن هناك تعاوناً مع الفصائل الفلسطينية في رسم خطوط الردع وإدارة غرفة العمليات العسكرية، ينعكس ذلك على أسلوب تحليل التهديد الإسرائيلي للبنان. الردع بات أشبه بسلسلة أكواب ماء متصلة، لو نقص أحدها، من الضروري تصحيح الخلل بإعادة التوزيع بين الأجزاء. وهذه كلفة يتحملها لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية وضمنها القدس الشرقية المحتلة والأماكن المقدسة، والداخل السوري، والى حد أقل العراق واليمن وبشكل متساوٍ. هذا الواقع بات يتسلل بوضوح الى الخطاب السياسي كذلك. 

لهذا السبب، تساءل دعموش في كلمته عينها أن "اسرائيل فشلت وهزمت في غزة أمام فصيل واحد هو الجهاد الاسلامي، فكيف سيكون ‏حالها اذا واجهت كل فصائل المقاومة الفلسطينية مجتمعة؟ وبالتالي كيف سيكون مصيرها اذا ‏توحدت الساحات وفتحت الجبهات وانهمرت الصواريخ من كل حدب وصوب على الكيان ‏الصهيوني؟". والربط بين فلسطين ولبنان صار واضحاً كعين الشمس، إذ تابع هذا المسؤول الحزباللهي أن "إسرائيل لم تعد قادرة على تغيير معادلة تساقط الصواريخ على الكيان أمام أي عدوان ‏على فلسطين أو ​لبنان​، وهذا تطور نوعي واستراتيجي في مسار الصراع استطاعت المقاومة في ‏لبنان وفلسطين أن تفرضه على العدو".

ولكن الربط بين الأمن في البلدين، ما زال في المرحلة التأسيسية. حالياً، تنطلق الصواريخ من الأراضي اللبنانية في حال الاعتداء على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة، لكن المواجهة لن تبقى محصورة في هذا الإطار. ذاك أن حسابات الضعف والقوة في إسرائيل، على ارتباط بعاملين أساسيين، وهما ليسا ثابتين اطلاقاً. أولاً، قدرة القيادة السياسية الحالية على إيجاد مخارج للأزمة الداخلية، وهذا قد يتحقق بالتفاوض وبحلول وسط. وثانياً، الوضع الاقتصادي الإسرائيلي الذي إن نحا باتجاه النمو أضعف القدرة على الرد، وإن مال باتجاه الانكماش فتح باباً للتصعيد على قاعدة "ليس لدينا ما نخسره".

لبنان بأزمته الحالية وحاجته للنمو والتعافي الاقتصادي والمالي والسياسي، بغنى عن الدخول بمثل هذه المواجهة. لكن متى كان واقع البلد عنصراً في صنع سياساته ومستقبله ومصيره؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها