الخميس 2023/05/25

آخر تحديث: 10:24 (بيروت)

منصة"تويتر"تفضح مالكها..وتخيب مرشحها

الخميس 2023/05/25
منصة"تويتر"تفضح مالكها..وتخيب مرشحها
increase حجم الخط decrease

مني أغنى رجل في أميركا ايلون ماسك بفشل مخجل وهو يحاول دخول معترك السياسة من أوسع أبوابه، وتحولت المناسبة التي أرادها صدمة مدهشة على شبكة "تويتر" التي يملكها، لإطلاق ترشيح حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس لتحدي الرئيس السابق دونالد ترامب في تزكية الحزب الجمهوري ، الى فضيحة تقنية محرجة استدرّت تهكمًا فوريًا من خصوم ديسانتس المحافظين والليبراليين الذين كانوا ينتظرون اكتمال عقد المتنافسين في المرحلة التمهيدية التي ستحدد من سيواجه الرئيس جوزيف بايدن في الإنتخابات التي ستجري في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. 

بكّر ماسك المولود في جنوب افريقيا والذي يملك شركتي "تسلا" و"سبايس إكس" في التمهيد لخوض غمار السياسة الأميركية، فأظهر ميوله المحافظة اجتماعيًا وأخلاقيًا واقتصاديًا اثناء رئاسة ترامب التي أطلقت العنان للتحالف اليميني الديني وملحقاته المتطرفة، ونقلت المشاعر العنصرية من عتمة الهوامش والغموض الى المجرى الرئيسي للحياة العامة، فباشر التصريح عن ميوله الحزبية اليمينية في مسائل المثلية والإجهاض والإقتصاد والضرائب قبل أن ينقل مسكنه من ولاية كاليفورنيا، التي ساهمت سياساتها الصديقة للتكنولوجيا والبيئة في النمو الهائل لمشاريعه، الى ولاية تكساس التقليدية، ليتوّج إنعطافته مع صفقة شراء منصة "تويتر" وملابساتها التي أظهرت تحيزه للتزمت الذي ما لبث أن حوّلها الى رديف الكتروني لشبكة "فوكس نيوز" من حيث استقطاب الجمهوريين وتهميش الديمقراطيين.

كذلك بكّر ماسك في تأييد ديسانتس الحاكم الجمهوري الشاب لثالث أكبر ولاية أميركية، وهو ما اثار حفيظة ترامب الذي تجاهل قرار ماسك شخصيًا برفع الحظر عن حسابه في "تويتر" ولم يظهر اهتمامًا بالعودة اليها والتغريد من خلالها، وقابل ديسانتس ذلك بالتزامه توظيف أموال الحسابات التقاعدية الكبيرة لولايته في المنصة لدعمها بعد خسارتها للكثير من المستثمرين والمعلنين. فبعد النتائج المخيبة للجمهوريين في الانتخابات النصفية العام الماضي وتحميل ترامب شخصيًا مسؤولية ذلك، غرّد ماسك أنه سيؤيد ديسانتس للرئاسة اذا ترشح، وكان ذلك في حينه أهم تزكية يتلقاها، كما سبق له أن دعا ترامب الى التقاعد وعدم الترشح مرة جيدة بسبب تقدمه في السن، وهو ما رد عليه الأخير بوصف ماسك بأنه "فنان هراء" (Bullshit artist). وفي تغريدة طويلة لاحقًا قال ترامب أن ماسك كان يتذلل له للحصول على امتيازات وأنه كان قادرًا على جعله يركع له ويستجديه لو أراد ذلك، وهو ما رد عليه ماسك بتعبير "اني اقهقه من ..." (Lmaooo).

حرض ماسك الأسبوع الماضي على تهيئة الجو لإطلاق حملة ديسانتس بطريقة غير مسبوقة وتوفير أوسع متابعة لها، فسرًب عبر شبكة "إن. بي. سي" خبرًا مفاده أن ديسانتس سيعلن ترشحه في مقابلة معه يديرها رجل الأعمال المقرب منه ديفيد ساكس، وتفاعلت وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي مع الإعلان بشدة، خصوصًا وأنها المرة الأولى التي يتم فيها ذلك، حيث ان المعتاد أن يتوجه المرشح الى مؤيديه في احتفال شعبي في دائرته الانتخابية أو عاصمة ولايته، لكن الترويج الكبير أدى الى نتائج عكسية حيث انهارت خدمات "تويتر" تحت ضغط حوالي نصف مليون متابع حاولوا مشاهدة المقابلة ومشاركتها مباشرة على صفحاتهم، وفوجئ المتابعون باختفاء صفحة ماسك نفسه الذي اضطر للظهور مجددًا على صفحة المقدم، فيما كانت أصوات المهندسين الذين كانوا يحاولون اصلاح الخلل تتردد مع أصداء مزعجة، واضطر ديسانتس الى الانتظار اكثر من عشرين دقيقة ليتمكن من قول جملة واحدة وهي أنه يعلن ترشحه ليتعطل البث مجددًا ويغادر حوالي نصف المتابعين قبل استئناف الخدمة واتمام المقابلة.

ولم تفلح محاولة ديسانتس اللاحقة خلال مقابلة مع "فوكس نيوز" ليصنع مخرجًا ايجابيًا حين قال ان الجمهور الكبير كان المسبب للعطل، فالعنوان الرئيسي للتغطية الإخبارية كان عن العطل وليس عن الترشح، وهو ما سارع منافسه الأبرز الذي يتصدر استطلاعات رأي المحافظين ترامب الى التصويب عليه فقال في مداخلة على المنصة التي يملكها:" كارثة، كل حملته ستكون كارثة ِشاهدوا"! كما غردت مديرة لجنة العمل السياسي التابعة له كارولين ليفيت قائلة: "فشل اعلان ديسانتس دليل آخر على عدم أهليته للمنصب"، كذلك غرد بايدن ملمحًا الى التعثر التقني للإعلان فقال "بغض النظر عما حصل يمكن ان نسمع بوضوح برنامج عمل ديسانتس". لكن آخرين صوبوا على ماسك واعتبروا أن فشل "تويتر" انعكاس واضح لحجم الضرر الذي الحقه بالمنصة منذ امتلكها وتسلم ادارتها حيث فصل الكثير من الكفاءات المهنية والخبرات بطريقته العشوائية.

مع ترشح ديسانتس يكتمل الى حد كبير مشهد التنافس الجمهوري ويراهن عليه خصوم ترامب من المحافظين ليكون المرشح الأوفر حظًا لإعادة الجمهوريين الى البيت الأبيض بعد خسارة العام 2020، لكن دون ذلك عوائق كثيرة أهمها شخصية ديسانتس غير المحببة شعبيًا وسمعته كشخص غير قادر على اكتساب مودة محدثيه أو الجمهور بسبب نرجسيته المفرطة وعدم قدرته على الحوار مع من يخالفه الرأي وهذا ما يظهر في عدائيته للصحافيين ومنع الكثير من المراسلين من تغطية جولاته أو مقابلته، وسيزداد التركيز على ذلك بعد دخوله حلبة التنافس رسميًا، كذلك فإن سياساته اليمينية المتزمتة ضد الجامعات والمدارس والمثليين وحق الإجهاض واستهدافه لشركات كبيرة تختلف معه في المواقف، مثل خلافه المعلن مع مؤسسة والت ديزني وهي أكبر رب عمل في ولايته تجعله عير مقبول من الناخبين المستقلين في الانتخابات العامة اذا حاز على الترشح. 

يظهر آخر استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي. إن. إن" أن ترامب يتقدم على ديسانتس بحوالي ضعف أصوات الجمهوريين (53% مقابل 26%)، ومع أن المراهنين عليه يركزون على مواصفاته "الجذابة" تكمن مشكلته الأولى في المرحلة التمهيدية أن ترامب ليس مرشحًا عاديًا وان الكتلة الصلبة في الحزب الجمهوري تؤيده لشخصه ولا تهتم لبرنامجه أو سلوكه أو متاعبه القانونية وبالتالي تنتفي أهمية المواصفات.

    




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها