الإثنين 2023/05/01

آخر تحديث: 08:41 (بيروت)

الرجل الأقوى لم يعد قوياً

الإثنين 2023/05/01
الرجل الأقوى لم يعد قوياً
increase حجم الخط decrease

على بعد أقل من 3 أسابيع على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية، والصراع المحتدم للفوز فيها، ظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على عكس الصورة التي حاول ترويجها خلال العقدين الماضيين من حكمه كرئيس للحكومة ورئيس للجمهورية، بصفته رجل تركيا القوي. بدا في مقابلة تلفزيونية على الهواء، متوعكاً واعتذر عن اصابته بـ"انفلونزا المعدة"، وتحدث عن راحته بالمنزل لأيام رغم تخطيطه لخطابات وسط الأناضول. الرجل في سن الـ69 فقط لكنه يظهر بفعل تدهور صحته أكبر بكثير من سنه، ومن منافسه الرئيسي كمال كليشدار أوغلو الذي يكبره بخمس سنوات.

بغض النظر عن صحة الادعاء بالاصابة بالانفلونزا وغيرها، الظهور بهذا الضعف على التلفزيون لن يُساعد أردوغان وسط تنافس شديد، لا بل هو تقدم لكليشدار أوغلو الذي يقود تحالفاً لستة أحزاب معارضة. استطلاعات الرأي تُشير أيضاً الى احتمال خسارة حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وحلفائه اليمينيين الانتخابات التشريعية أيضاً سيما بعدما مُني أخيراً بخسارات في الانتخابات المحلية في اسطنبول.

من الصعب الاقتناع بأن كليشدار أوغلو زعيم "حزب الشعب الجمهوري" (أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة)، سيفوز بالانتخابات الرئاسية، أكان بالجولة الأولى أو الثانية، لأن أردوغان زعيم شعبوي ولا دليل في سنوات حكمه الـ21 على استعداده للتنحي جانباً في انتخابات، وخصوصاً أن كل استحقاق يستبطن لغة تخوينية غالباً تجاه الآخر.

والأزمة الصحية هي ربما أقل مشكلات أردوغان، إذ تُواجه بلاده أزمة اقتصادية حادة مع تجاوز التضخم نسبة الـ80 بالمئة العام الماضي وانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، وتعيش تداعيات زلزال شباط (فبراير) الماضي الذي قضى فيه أكثر من خمسين ألفاً، وما زالت مناطق واسعة في الجنوب التركي مُدمرة.

صحيح أن لا مسؤولية سياسية وراء الزلزال، لكن عدم التدقيق في عمليات الاعمار وغياب الاستعدادات لمثل هذا الحدث، رفعت من مستوى الغضب على الرئيس التركي وحزبه. كما يُعد أردوغان مسؤولاً عن حالة تخبط في إدارة الملف المالي، نتيجة تدخلاته في عمل المصرف المركزي. وهذه نقطة ضعف أمام الرأي استغلتها أحزاب المعارضة بوضوح، إذ أنها تعهدت باستعادة استقلال البنك المركزي، علاوة على عكس التعديلات الدستورية لحزب أردوغان، بما يُتيح العودة للنظام البرلماني، بعيداً عن الرئاسي الذي يتربع الرئيس التركي فوقه.

أردوغان أيضاً يُحاول منافسة خصومه في الانتخابات عبر البدء بعملية التطبيع مع النظام السوري، بهدف إعادة اللاجئين السوريين وبشكل تدريجي الى بلادهم بالمرحلة المقبلة. منافس أردوغان، كليشدار أوغلو، كان وعد بإعادة اللاجئين الى سوريا في غضون سنتين فحسب، بعد التطبيع الشامل للعلاقات بين أنقرة ودمشق. لكن الرئيس التركي، وعلى عكس خصومه، لن يكون قادراً لا على إعادة اللاجئين السوريين، ولا على تطبيع سريع للعلاقات مع النظام السوري. لهذا السبب ضاعف الحد الأدنى للأجور في سياق إجراءات ستسمح كذلك بالتقاعد المبكر لأكثر من مليوني عامل.

المنطق اليوم يُفيد بخسارة مدوية لأردوغان في الانتخابات المقبلة، لكن الرجل الذي لم يخسر عملية اقتراعية بعد، وتمكن من الاستمرار في سدة الحكم، قد يبقى إما بفعل التدخل أو نتيجة تبدل خطابه بالمرحلة المقبلة.

بغض النظر عن الفوز أو عدمه، يبقى أن "أردوغان الأقوى" لم يعد قوياً، وبات هو وحزبه أكثر عرضة للتحدي من أي وقت مضى.





increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها