السبت 2023/04/01

آخر تحديث: 06:19 (بيروت)

نتنياهو بالغ في تقدير وزنه السياسي

السبت 2023/04/01
نتنياهو بالغ في تقدير وزنه السياسي
increase حجم الخط decrease

مع نهاية آذار/مارس ينتهي الشهر الثالث على الإحتجاجات الإسرائيلية بوجه نتنياهو، وهو لا يزال يبحث عن الأرنب في قبعته ولا يجده. فكما تصفه ال"نيويورك تايمز" إعتاد الرجل في مساره السياسي الطويل على دور الساحر الذي يجد دائماً أرنب الخروج من الأزمات ليخرجه إلى الإسرائيليين من قبعته. 

تعددت توقعات المحللين السياسيين من مختلف المشارب حول نهاية الإستعصاء الإسرائيلي الراهن وإلى اين سيؤدي بإسرائيل ونتنياهو. وتراوحت بين اعتبار الإحتجاجات تهديداً وجودياً للدولة العبرية وإندلاع حرب أهلية، وبين توقع نهاية مسار نتنياهو السياسي. وذهب البعض إلى إحتمال إستغلال لحظة الضغف الإسرائيلي من الأعداء الكثر في المنطقة وتوجيه ضربة إليها، أو إشعال حرب معها. لكن كل التوقعات تجمع على أن الإحتجاجات هي الأوسع والأطول في تاريخ إسرائيل، وعلى إصرار نتنياهو على موقفه ووصوله إلى رفض إقتراح الرئيس الأميركي التخلي عن الإصلاحات القضائية. 

في ظل الصمت الرسمي الروسي في التعليق على الإحتجاجات الإسرائيلية، والذي لا يخلو من الإرتباك في إتخاذ موقف محدد من أزمة صديق بوتين الشخصي نتنياهو، لم يتخلف الإعلام الروسي عن سواه في متابعة الحدث الإسرائيلي. وكان شديد الدلالة التعليق الوحيد  المقتضب على الحدث الإسرائيلي للممثل الخاص للرئيس الروسي ي الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، حيث قال بما معناه "دعهم يتدبرون الأمر بأنفسهم". وقال موقع  business الروسي الذي نقله بأن موسكو تتابع بقلق الوضع في إسرائيل، "لكنها لا تتدخل".

بعض الإعلام الروسي شبه الإحتجاجات الإسرائيلية بإحتجاجات موسكو الشهيرة العام 2011. أما الإعلام الروسي الدائر في فلك الكرملين، فقد تميزت متابعته للحدث الإسرائيلي بما إعتاد عليه من وصف كل إنتفاضة شعبية ب"الميدان" ( الوصف الذي أطلقه الكرملين وإعلامه على الثورة الأوكرانية العام 2014 ضد الرئيس الأوكراني التابع للكرملين آنذاك). كما تميزت المتابعة بالشماتة المكشوفة بالمهاجرين الروس إلى إسرائيل، خاصة بأولئك الذين هاجروا منذ العام الماضي إحتجاجاً على حرب بوتين على أوكرانيا، وهم من أبرز فناني وكتاب وإعلاميي روسيا، وليس آخرهم أشهر مغنيي روسيا آللا Alla بوغاتشوفا.

في هذا السياق نشرت الصحيفة الروسية المخضرمة MK  (موسكوفسكي كومسومولسك) مقابلة مع أحد هؤلاء الروس المقيم في تل أبيب. قالت الصحيفة في تقديم المقابلة الموجزة "تابعنا الإحتجاجات الإسرائيلية بعين أولئك الذين بذلوا جهوداً كثيرة لينتهي بهم المطاف في أرض الميعاد". ونقل عن الرجل قوله ""نحن لا نعلم ما الذي ننتظره من الغد"، و"لم يكن الحال يوماً على هذا القدر من السوء". 

موقع الأسبوعية الروسية afisha نقل عن روسية هاجرت إلى إسرائيل العام 2021 قولها بأنها حين كانت في روسيا، لم تكن المشاركة في الإحتجاجات آمنة، وفي حالات ما "لم تكن ذات معنى". وتنسب للإشاعات التأكيد بأنها تقيم بجوار منزل نتنياهو، وتشير إلى أن الشارع قد أقفل أثناء الإحتجاجات، لكن إلى اليسار واليمين منه "كان يجري كل الصخب". وتقول بأنها لم تشارك في الإحتجاجات قبل 26 الشهر الماضي، وكانت واثقة من أن "الديموقراطية ستنتصر"، وأن المحتجين "يتدبرون أمرهم من دوني". لكن في اليوم التالي 27 الشهر إجتاح الناس الحواجز واندفعوا عبر الشارع (حيث يقيم نتنياهو، على قولها)، ونزلت حينها وكان "أكثر القرارات صواباً التي اتخذتها في الفترة الأخيرة". 

ونقل الموقع عن المستشرق ألكسندر كارغين قوله بأن نتنياهو، وفي حال تخلى عن الإصلاحات التي وعد بها إئتلافه قبل الإنتخابات، "يخصي نفسه عملياً" على الصعيد السياسي. ويرى أن مستقبله السياسي يصبح بعد ذلك "ضبابياً، حيث تنتظره دعاوى جنائية. ويعتقد أن النظام القضائي الذي تطاول عليه، والذي يحكم إسرائيل عملياً، لن يغفر له.

كما نقل عن البوليتولوغ أركادي دوبنوف قوله بأن "وحش" السياسة الإسرائيلية نتانياهو بالغ في تقدير جاذبيته واستخف بالقوة الهائلة لمقاومة المجتمع، والذي احتج في البداية على الإصلاح القضائي، لكنه الآن مستعد للتخلص من نتنياهو نفسه. وقد يصعب تقدير نتائج ذلك، حيث أن إسرائيل تقرأ الآن الصفحة الأكثر دراماتيكية في تاريخها، ليس العسكرية، بل المدنية. قسم من الإسرائيليين يسمي ما يجري نضالاً من أجل الديموقراطية، وقسم يهول على الدولة بفقدان هويتها اليهودية، حسب البوليتولوغ.

في مقابلة مع الخدمة الروسية في "الحرة" قال رئيس تحرير المطبوعة الإسرائيلية الناطقة بالروسيةDetaly أميل شلايموفيتش بأن إسرائيل ليست قريبة من حرب أهلية، بل تمر بأزمة دستورية. وشبّه الإحتجاجات الحالية بتلك التي إنفجرت العام 2005 إثر الإنسحاب من قطاع غزة.   

موقع اليومية الأوكرانية الإلكترونية dsnews نشر لأحد كتابه السياسيين نصاً وضع له عنواناً لافتاً "نتنياهو يتفوق على الجميع، بما فيه على نفسه. كيف ستنتهي محاولة إصلاح القضاء الإسرائيلي". يصف الكاتب ما يشيعه التحالف الإسرائيلي الحاكم من أن غالبية الإسرائيليين تؤيد قانون إصلاح القضاء بأنه "محض ديماغوجية". وليس من غالبية مؤيدة للإصلاح، بل هي نتاج تواطؤ بين نتنياهو والمتدينيين، حيث كل طرف يعمل لصالحه. ويسخر من تأكيد التحالف الحاكم بأن الغالبية الضئيلة في الكنيست التي أتاحت له تشكيل الحكومة، تعني أن غالبية الإسرائيليين تؤيد الإصلاح القضائي. ويعلق على ذلك بالقول "بعبارة أخرى، الإسرائيليون يتعرضون للخداع من قبل مجموعة من السياسيين المتآمرين، وقسم كبير من المواطنين يتفهم ذلك ويشعر بالغضب". 

يعلق الكاتب على "شائعات" عزم نتنياهو تعليق الإصلاحات بالقول أن رئيس الوزراء يتردد ويماطل بالوقت، حيث أنه لا بستطيع التراجع دفعة واحدة، بل بوسعه القيام بذلك تدريجياً. فالتحالف الذي تم تجميعه من قطع غير متجانسة اصطف منذ البداية حول الإصلاح. وفي حين كان رئيس الهستدروت يعلن عن إضراب عام في البلاد "إذا لم يقم مجلس الوزراء حتى آخر النهار بإلغاء الإصلاحات وإعادة وزير الدفاع إلى منصبه"، كان بن غفير يعلن أن تعليق الإصلاح يؤدي إلى إنفراط عقد الإئتلاف. 

ويقول بأنه حتى لو تم إلغاء الإصلاح وأعيد وزير الدفاع إلى منصبه، لن تتوقف الإحتجاجات فوراً. ويرد ذلك إلى مشاركة أطراف مختلفة بأجندات مصالح لم يتم التوافق عليها بعد، إلا في حال أظهر نتنياهو المزيد من المرونة. ويرى أن الوضع قد يتطور نحو إنتخابات جديدة "سيخسرها نتنياهو على الأغلب". 

يشير الكاتب إلى أن ياريف ليفين، الكاتب الرئيسي لمشروع قانون الإصلاح، أعلن إبتعاده عن الجدال حوله "إحتراماً لأي قرار يتخذه نتنياهو بشأنه". ورداً على دعوته من قبل مجموعة من كبار أعضاء "الليكود" لسحب المشروع والإستقالة بعد إعلانه تحمل مسؤولية "الضرر الفادح الذي ألحقه بالبلاد"، حذر من أن الفوضى الناشئة قد تؤدي إلى إستقالة الحكومة وإنتخابات جديدة مجهولة النتائج.

ويقول بأن عدداً من واضعي قانون الإصلاح دعا مؤيديه إلى "إحتجاجات مضادة" في الشارع. فالوضع يتجه نحو "جدار مقابل جدار"، وهذه ليست حرباً أهلية بعد، "لكن ما يقرب منها". ويشير إلى أن 350 من كبار أعضاء اللجنة المركزية لحزب اللبكود وحوالي 2000 ناشط من مؤيدي الإصلاح وقعوا على رسالة إلى أعضاء الكنيست  يصرون فيها على إجراء الإصلاح. ويستنتج بأن لا شيء إنتهى، بل بالعكس، كل شيء قد بدأ. وتوقعات تطور الوضع متنوعة، إلا أنها جميعها سابقة لأوانها. ومن المحتمل أن يتضح الوضع في الأيام 5 ــــ 10 القادمة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها