الإثنين 2023/03/06

آخر تحديث: 08:09 (بيروت)

فرنجية سيأتي مكبلاً

الإثنين 2023/03/06
فرنجية سيأتي مكبلاً
increase حجم الخط decrease

في خضم صراع المحاور على الانتخابات الرئاسية، يبرز حجم المجهود وراء ترشيح الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية. طبعاً الرجل معروف كونه مرشحاً لـ"حزب الله"، لكن اختزاله فقط كذلك يُعتم على بقية المشهد. فرنجية مرشح منظومة ما بعد الحرب الأهلية بكل أجزائها، بدءاً طبعاً من النظام السوري ورأسه صديق طفولته بشار الأسد، ومروراً بالقطبين رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق وليد جنبلاط، وانتهاء بالقطاع المصرفي الذي بُني على أساسه الاقتصاد اللبناني. رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري كان تبنى ترشيح فرنجية، وبنى علاقة وثيقة به، ولا بد أن الرجل ما زال مرشحاً مفضلاً لديه.

علاوة على المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وآخرون في جعبته طبعاً، هناك رجال أعمال كبار في الاغتراب والداخل اللبناني ممن امتهنوا الصفقات، يرون في فرنجية رئيساً مقبلاً، ويُمثلون خلية نحل تعمل في عواصم غربية وعربية على التخفيف من الاعتراض على اسمه. لماذا؟ لأن مثل هذا الرئيس سيُسهل انتقالاً سلساً لما بعد الأزمة بضمان مصلحة القطاع المصرفي على حساب الدولة اللبنانية، علاوة على تأمين استمرار اقتصاد المتعهدين المحظيين ضمن نظام تقاسم الحصص المتعارف عليه لبنانياً.

فرنجية مرشح تقاطعات متعددة، وليس إصلاحياً على الإطلاق، بل هو ربما يُمثل عودة "سلفية" لحقبة التسعينات. حتى الرئيس السابق اميل لحود يبدو أكثر جُرأة منه واستعداداً وقدرة على صناعة الخصوم، بل ربط اسمه بمشروع إصلاحي بإمكانه الادعاء بأن "لم يُكتب له النجاح".

فرنجية لا يملك هذه السمة، ليس ثائراً أو لاعباً خارج النادي. هو وُلد في النظام، وحصل على مناصبه فيه، ولن يثور عليه، ولا رغبة له في ذلك. وإن كان له دور في حال حطت عليه الرئاسة، فهو إعادة احياء المنظومة وترميمها بعد الضربات المتتالية التي تتعرض لها. 

لكن كيف سيُحاول تعويم نفسه في حال الوصول لبعبدا؟

أولاً، يعرف فرنجية بأن انتخابه سيأتي ضمن صفقة إقليمية أو تفاهم، وبالتالي، قد يُحاول البناء عليه لبناء علاقات بالمنطقة بعيداً عن العزلة العونية، إما من خلال النظام السوري وعلاقاته المستجدة، أو عبر انفتاح محدود مُباشرة بعد التسوية. حالياً، لا مؤشرات نحو تسوية، سوى بعض التصريحات وآخرها حديث عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق عن أن "المستجدات الأخيرة عزّزت فرص التوافق والأصوات الداعمة للتوافق، وهناك أصوات دولية ونواب وأحزاب وقوى في لبنان غيرت موقفها لمصلحة مشروع التوافق".

ثانياً، في حال انتخابه، لدى فرنجية القدرة على ربط عهده بإعادة أو ترحيل قسم من اللاجئين عبر النظام السوري. وهذه عملية ثمنها علاقات أمتن مع النظام السوري يملكها فرنجية قبل وصوله للقصر، بل ربما هي بعض ما يُسهل الانتخاب. وهناك ماكينة سياسية-إعلامية تعمل على ربط اللجوء السوري بالأزمات المختلفة، بدءاً من الاقتصاد والوضع المالي، وانتهاء بالجريمة وارتفاع نسب البطالة. وهذا عامل مساعد حتى لو كان خصوم فرنجية في "التيار الوطني الحر" وراءه.

ثالثاً، باستبعاد "الوطني الحر"، وفي ظل بعض التوافق الإقليمي، من الطبيعي أن تستغرق الاستحقاقات الدستورية كتكليف رئيس الحكومة وتشكيلها، وقتاً أقل من السابق، وهذا سيُسوق كإنجاز للعهد الجديد.

يبقى أن هذه الخطوات، أكانت عودة جزئية للاجئين، أو تسوية إقليمية موقتة، أو حكومة سريعة، لن تنتشل البلاد من واقعها، بل تُمثل في أحسن الأحوال مادة دعائية جيدة. 

المشكلة الأساس هي في أن مثل فرنجية لو وصل الى بعبدا سيأتي مكبلاً بشروط ورغبات تتراوح بين تطبيع مؤذٍ ومكلف مع الأسد، وبين قافلة طويلة من رجال الأعمال في حملته الانتخابية، ممن ينتظرون عائدات على استثمارهم في هذا الخيار على مدى السنوات الماضية. 

سيكون عهداً ثقيلاً قبل أن يبدأ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها