الأربعاء 2023/03/29

آخر تحديث: 15:39 (بيروت)

في صيرورة إسرائيل الراهنة

الأربعاء 2023/03/29
في صيرورة إسرائيل الراهنة
© Getty
increase حجم الخط decrease
واضح لكُثر أن ما يسعى إليه اليمين الإسرائيلي الحاكم الآن والذي يوصف بحق بأنه "يمين إسرائيليّ جديد" (بخلاف اليمين التقليدي الذي تبنى فكر زئيف جابوتنسكي) هو تحقيق ثلاث غايات: 1. اقتصاد حرّ؛ 2. حوكمة؛ 3. تطرّف قومي. وهو سعي لم يبدأ من الآن بل منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية في عام 2009.
ومثل هذه الغاية هي ديدن نتنياهو وحزبه الليكود منذ أعوام طويلة، تحت غطاء تمجيد ما يسمى بـ"مبدأ الحوكمة"، وكأن مهمة الدولة الرئيسة هي الحكم، بأي ثمن ومهما يحصل، في حين أنه من بين السلطات الثلاث التي تتكون منها الدولة ـ السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ـ يشكل القانون مهمة السلطتين الأولى والثانية، وليس الأمر صدفة أو عبثًا، فنظام القانون هو الذي ينظم إدارة الدولة وهو الذي يسبغ الشرعية على أعمالها ونشاطاتها. ومثلما سبق لأحد كبار أساتذة العلوم السياسية في إسرائيل أن أشار، فإن مصدر كلمة "شرعية" هو من كلمة "Lex" اللاتينية التي تعني "قانون"، في حين أن أولئك الذين يتحدثون باسم "مبدأ الحوكمة" يدّعون عمليًا بأن السلطتين اللتين تحفظان نظام القانون يجب أن تكونا في خدمة السلطة الثالثة، التنفيذية، وهو مبدأ مشوّه، ويتكئ عليه أي نظام دكتاتوري. كما يدّعي هؤلاء أن المحكمة العليا تهيمن على الكنيست (البرلمان) واستولت على "إرادة الشعب". 

فقط للتذكير: إن من يقود خطة إضعاف المنظومة القضائية أو الانقلاب القضائي هو وزير العدل الحالي ياريف ليفين (الليكود). وليفين نفسه كان حدّد في سياق مقابلة صحافية مطوّلة مع صحيفة "معاريف" في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 أن غاية مثل هذه الحملة التشريعية تتمثل بالأساس في إصابة ثلاثة أهداف على المستوى الإسرائيلي الداخلي.
وهذه الأهداف هي: 
أولًا، المحكمة الإسرائيلية العليا التي وصفها ليفين بأنها "تيار يساري لنخبة ضئيلة من حي رحافيا الأشكنازي (في القدس الغربية) تتبنى جدول أعمال ما بعد صهيوني".
ثانيًا، وسائل الإعلام التي وصفها بأنها "تمارس حرية التشهيـر والتحقير".
ثالثًا، منظمات المجتمع المدني اليسارية وأساسًا منظمات حقوق الإنسان التي قال إنها "تلحق أضرارًا فادحة بالسيادة الإسرائيلية".
ومنذ ذلك العام قيل تعقيبًا على هذا الوضع إنه "تزداد يومًا بعد يوم الإشارات الميدانية التي تُظهر مفهومًا مدنيًا جديدًا لدى الإسرائيليين فحواه أن الأفكار السياسية التي تتجاوز الإجماع (القومي) تشكل خطرًا، ومن يجرؤ على توجيه النقد إلى السلطة يتم النظر إليه على أنه يشكل تهديدًا".

غالبية التحليلات الإسرائيلية المناهضة لخطة ليفين هذه أكدت، حتى قبل انطلاق حملة الاحتجاجات العاصفة عليها، أنها ستلحق أضرارًا بـ"الديمقراطية الإسرائيلية" (للسكان اليهود) وبحقوق الإنسان، وأنها ستحوّل إسرائيل من دولة ديمقراطية (كما يعتقدون ويدعون) إلى دولة أخرى... وهناك استخدامات وصفية عديدة لهذه الدولة المتحولة: ديموكتاتورية؛ كلبتوقراطية (حكم الفاسدين)؛ كاكي- ستوقراطية (الحكم السيء)... وغيرها.
وإذا كان اليمين في إسرائيل يعتقد أن المحكمة العليا تعتدي على حقوق السلطتين التنفيذية والتشريعية المُنتخبتين، فهذا لا يعني بأي حال أنها كذلك في كل ما يتعلق بالقضايا التي تندرج تحت مُسمّى "الأمن".
شهدنا في الفترة القليلة الفائتة، وخصوصًا بعد ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، إعلان بعض كتاب الأعمدة الصحافية اليهود اعتزال الكتابة على خلفيات عديدة أبرزها يأسهم من الإيمان بأن الكلمة يمكنها أن تحدث أي تغيير في الواقع الإسرائيلي الآخذ بالتغوّل والتوحش. وبرز من بينهم الكاتب الروائي يتسحاق بن نير الذي دأب على مدار العقد الفائت على كتابة مقال أسبوعي في صحيفة "معاريف". وسبق لبن نير أن نشر، في عام 1986، رواية تندرج ضمن أدب الديستوبيا بعنوان "ملائكة قادمون" توقع فيها بأن تخضع إسرائيل، في قادم الأيام، إلى سيطرة اليهود الحريديم المتشددين دينيًا، وأن يقوم هؤلاء باتخاذ إجراءات مناهضة لكل مظاهر الحداثة والتطوّر التقني، وأن يخضعوا كل مجالات الحياة إلى نمط تفكيرهم الدينيّ الأصولي. واستذكر بن نير، في سياق مقاله الوداعي لقرائه الذي نشره مؤخرًا، من ضمن أمور أخرى، أن نتائج الانتخابات العامة التي جرت في إسرائيل عام 1977 وأسفرت عن سقوط حزب المعراخ، وهو سليل حزب مباي المؤسس لإسرائيل، والذي حمل لاحقًا اسم حزب العمل وما زال يحمله إلى الآن، وصعود حزب الليكود إلى سدّة الحكم، انطوت على أول مؤشرات ما يصفه بأنه "تغيير جماهير الشعب في إسرائيل" بعد نحو ثلاثة عقود على إقامتها، وأعاد إلى الأذهان مقولة أحد قادة الحزب المؤسس والتي جاء فيها: "إذا كان الشعب صوّت في الانتخابات على هذا النحو، فينبغي لنا أن نستبدل الشعب". ويؤكد بن نير أنه منذ ذلك العام، قبل أكثر من 45 عامًا، انضافت على تغيرّ جماهير الشعب تغيّرات أخرى أوصلت إسرائيل إلى صيرورتها الحالية التي يصفها بأنها قومية متطرّفة أقرب إلى الفاشية.
بطبيعة الحال يتوقف بن نير، باعتباره كاتبًا علمانيًا وليبراليًا، عند احتلال 1967 فيقرأ كيفية تأثيره في تلك التغيّرات، إنما من دون أن يعود إلى ما سبقه من تمهيدٍ له يرتبط بالحركة الصهيونية ومشروعها الأساسي. ولن يستصعب قارئه استشعار مبلغ حنقه على ما يمكن نعته بـ "سرقة" هذا المشروع ولا سيما من طرف قوى لم تقف، قبل احتلال 1967 وقبل انتخابات 1977، في صلبه، بل بقيت على هامشه، سواء أكان ذلك بقرارٍ مسبقٍ منها أو بالرغم عنها. 
عند هذا الحدّ ربما يتعيّن القول إن اعترافات بن نير هذه في ما يمكن اعتبارها بمثابة وثيقة اعتزال الكتابة الصحافية تشكّل دالًا بليغًا على تناقضات الصهيونية والتي فيها ما يفسّر أيضًا الصراع الداخلي الدائر حاليًا في إسرائيل منذ انتهاء الانتخابات وصار إلى تفاقم مع تأليف حكومة بنيامين نتنياهو السادسة في أواخر العام المنصرم. ولا شك في أنه صراع مُركّب وتتداخل فيه تصدعات إثنية وطبقية واجتماعية وأيديولوجية، وليس مبالغة القول إنه قد يكون مُرشّحًا للتصعيد. وحتى في حال هدوئه فإن دوافعه ستظلّ راسية في عمق المجتمع الإسرائيلي.

ولا بُدّ من أن نشير هنا إلى أن المفكر العربي عزمي بشارة توقف منذ عقود عند مجموعة من التناقضات الداخلية التي تعصف بإسرائيل والحركة الصهيونية وتوقّع صيرورتها الحاليّة ذات النزعة اليمينية الدينية الاستيطانية، والتي يعود سببها الرئيس إلى تحوّل الحركة الصهيونية إلى أسيرة مشروع ديني ينفي عنها صفتها التنويرية والعلمانية التي حملتها في خطابها، وذلك في ضوء استقرائه ما تشتمل عليه التغيّرات الديموغرافية والاجتماعية من تحوّلات بلغت المرحلة الحالية التي تتسم أكثر شيء بانتقال السلطة الإسرائيلية إلى فئات لم تكن جزءًا من النخبة المؤسسة، بل أكثر من ذلك كان بعضها إما مناهضًا للصهيونية كما هي حال اليهود الحريديم، أو عمل بعضها الآخر على هامشها على غرار الصهيونية الدينية، أو أن بعضها الثالث هاجر إلى إسرائيل بعد إقامتها من جانب تلك النخبة الصهيونية مثل اليهود العرب أو الشرقيين الذين باتوا يشكلون الغالبية العظمى من قاعدة حزب الليكود الحاكم.  
من المتوقع أن يستمر الجدل المحتدم داخل إسرائيل على خلفية تأليف الحكومة الأكثر تطرّفًا وتدينًا في تاريخ الدولة. وهو جدل يخصّ بالأساس قضايا داخلية مثلما أشير أعلاه، ولا ينطوي على خرق لتخوم شبه الإجماع حيال القضية الفلسطينية والموقف من الفلسطينيين في الداخل، والذي يسم الأغلبية الساحقة من الأحزاب الإسرائيلية التي حظيت بتمثيل في الكنيست الحاليّ. وربما من المفيد التنويه بأن قيام الكنيست الإسرائيلي بإقرار مشروع قانون تمديد العمل بأنظمة الطوارئ التي تطبّق القانون الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية (والمعروف باسم قانون الأبارتهايد)، كان بمثابة فرصةً لتأكيد شبه الإجماع المذكور. فقد صوّت 58 عضو كنيست مع تمديد أنظمة الطوارئ، بينهم أعضاء الائتلاف الحالي الذين عارضوا هذا التمديد خلال ولاية حكومة بينت- لبيد الماضية (من باب المناكفة وإحراج تلك الحكومة وتفكيك قاعدتها البرلمانية) وهو ما أدى، بالتزامن مع حدوث انشقاقات عنها، إلى سقوط تلك الحكومة. وصوّت 13 عضو كنيست ضد التمديد، هم أعضاء الكنيست من القائمتين العربيتين، ومن حزب العمل. وكان حزب العمل صوّت مع التمديد في الكنيست الماضي. وصوّت حزبا "يوجد مستقبل" و"المعسكر الرسمي" مع التمديد. 
لا بد أيضًا من إعادة التذكير بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق نفتالي بينت، وبالاتفاق مع خليفته في هذا المنصب كرئيس للحكومة الانتقالية يائير لبيد، هو من بادر إلى حلّ حكومتهما المشتركة ذات الرأسين على أرضية عدم نجاحها في تمديد أنظمة الطوارئ المذكورة. فقد كان من المفروض أن ينتهي سريان مفعول هذه الأنظمة من الناحية القانونيّة بعد أن فشلت الحكومة السابقة في تمريرها في الكنيست، في حزيران/يونيو الماضي (2022)، ولكن ما حدث هو أنه تمّ تمديدها بشكل أوتوماتيكي بسبب حلّ الكنيست قبل هذا الموعد المُحدّد (بموجب قانون الكنيست يؤدي حلّ الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة إلى تمديد أوتوماتيكي لمفعول أنظمة الطوارئ لفترة ثلاثة أشهر من تاريخ أداء الكنيست المنتخب اليمين القانونيّة).  وقالت مصادر مقربة من بينت إنه قرر التوجه إلى انتخابات مبكرة بسبب عدم نجاحه في تجنيد أغلبية تدعم هذه الأنظمة، وهو ما تماشى معه لبيد. وشدّدت هذه المصادر على أنه بالرغم من البيان المشترك لبينت ولبيد بشأن تبكير تلك الانتخابات، فإن القرار اتخذه بينت وحده، إذ فهم في الأيام الأخيرة أنه لا توجد وسيلة لتمديد العمل بأنظمة الطوارئ في الضفة الغربية إلا عن طريق حلّ الكنيست، وتخوّف من الفوضى في حال انتهى العمل بأنظمة الطوارئ، إذ سيصبح من الصعب تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات.
إن في مجرّد هذه الوقائع ما يفصح عن هموم متماثلة إزاء الاحتلال والاستيطان في الأراضي المحتلة خصوصًا كما إزاء القضية الفلسطينية عمومًا بين الائتلاف الحكومي الحالي وأغلبية المعارضة، مثل ما كانت الحال عليه بين أغلبية الائتلاف الحكومي السابق وأغلبية المعارضة في الكنيست الماضي. وهذا الكلام لا يعني بحال من الأحوال التخلّي عن مساءلة جوانب أخرى في هذا الجدل تتعلق بمُضي حكومة نتنياهو قدمًا بتكريس كل ما يتماشى مع سياسات اليمين المتطرّف والفاشي على الصعيد الداخلي والذي لا بُدّ أن ينعكس على كل الصعد الأخرى والقادرة في اجتماعها معًا على نسج صورة عامة لإسرائيل، وبالذات في ما هي مختلفة عليه، وفي ما يقف في صلب إجماعها. 

يبدو واضحًا منذ الآن أن حكومة نتنياهو السادسة ستواجه الكثير من الأزمات والضغوط، داخليًا وخارجيًا، على خلفية تركيبتها الإشكالية واتجاهها نحو إتباع سياسة يمينية أكثر تطرفًا وتدينًا عمومًا وأيضًا على الصعيد الاجتماعي وفي محور علاقة الدين والدولة. 
وفي مسعى استشراف ما يمكن أن ينتظرها في المستقبل نرى وجوب الإشارة إلى ما يلي:
أولًا، واضح أن سياسة الحكومة العامة حيال الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وحيال الأراضي المحتلة منذ 1967 والأماكن المقدسة تحظى بالاهتمام الأكبر ضمن نهج هذه الحكومة على المستوى الإقليمي، وكذلك على المستوى الدولي ولا سيما من جانب دول الغرب والولايات المتحدة مثلما انعكس الأمر في الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، واللقاء الذي عقده نتنياهو مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومثلما جرى التنويه حتى من طرف جهات إسرائيلية، فإن هذا النهج يمكن أن يؤدي إلى تدهور علاقات إسرائيل مع الغرب ومع الإدارة الأميركية، وهو "ما سيُلحق الضرر بأمن إسرائيل في المدى الزمني القريب"، وفقًا لتقديرات معهد أبحاث الأمن القومي.
ثانيًا، من شأن الخطوات التي تنوي هذه الحكومة القيام بها في مجال ما يوصف بأنه "مسّ بالديمقراطية" وإضعاف المنظومة القضائية أن تؤدي، بالإضافة إلى تداعياتها الداخلية على الصدام بينها وبين المعارضة وعلى الصعيد الاقتصادي، إلى إلحاق أضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة مثلما تبيّن إلى الآن.
ثالثًا، نصّت بعض اتفاقيات الائتلاف الحكومي على إعداد تشريع لتعديل "قانون العودة" الإسرائيلي الذي يحكم سياسة الهجرة، بغية جعل الحصول على حقوق هجرة تلقائية لأشخاص غير يهود أمرًا أكثر صعوبة. كما نصّت على تعديلات لرفض شرعية التحوّل إلى اليهودية بحسب إجراءات تيارات غير أرثوذكسية تتم في إسرائيل. وكلا هذين الأمرين يهدّدان بمس علاقات إسرائيل مع اليهود في الشتات الذين ينتمي ملايين منهم إلى تيارات غير أرثوذكسية داخل اليهودية، وبشكل خاص العلاقات مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
رابعًا، بالرغم من أن صعود قوة تيار "الصهيونية الدينية" يبدو أمرًا شبه حتميّ، مثلما أشرنا إلى ذلك مرارًا، فإن هذا الصعود سيكون مصدر توترات داخل حكومة نتنياهو السادسة على خلفية الملفات التي يحاول هذا التيار الدفع قدمًا بها داخليًا وخارجيًا، وبالذات فيما يرتبط بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.  وما يمكن توقعه بالرغم من ذلك هو أن نتنياهو سيكون متمسكًّا بهذا الائتلاف وسيسعى لعدم تفكيكه مع كونه إشكاليًا وعرضة لتوالي الأزمات على نحو متواتر، إلا في حال نشوء وضع يتيح له إمكان إقامة ائتلاف بديل يبقيه على رأس الحكومة، وهو احتمال ضئيل.
خامسًا، بالنسبة إلى المعارضة من المتوقع أن تستمر في خطواتها الاحتجاجية مثلما أعلن زعيمها يائير لبيد. ويبدو أن المعارضة، وفقًا لما يقوله لبيد، لا تتوقع أن تتراجع الحكومة كليًا عن خطتها لـ "إصلاح المنظومة القضائية" وأقصى ما تتطلع إليه هو أن تتم الخطة بمشاركتها ومن خلال أخذ تحفظاتها عليها بعين الاعتبار.

(نص مداخلة قدمها الكاتب في مؤتمر إطلاق التقرير الاستراتيجي حول إسرائيل الصادر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار، والذي عقد في رام الله مؤخرًا.)
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها