الجمعة 2023/03/24

آخر تحديث: 15:35 (بيروت)

هل إنفجار مجيدو بداية لمعادلة جديدة؟

الجمعة 2023/03/24
هل إنفجار مجيدو بداية لمعادلة جديدة؟
increase حجم الخط decrease

لافت تصريح الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله قبل يومين عن اعتباره صمت التنظيم في شأن "انفجار مجيدو" شمال إسرائيل، جزءاً من المعركة ضد "العدو". ذاك أن مثل هذا التصريح يفترض ضمناً مسألتين، الأولى أن التنظيم لعب دوراً في العملية التي أصابت أحد المواطنين العرب بجروح بليغة، وثانياً رغبة في التصعيد في بلد بات يفتقد الحد الأدنى من شبكات الأمان، وعلى شفير الانفجار.

وصف نصر الله مُنفّذ العملية بـ"المقاوم" و"المجاهد الشهيد"، وهو كلام متطابق مع أدبيات التنظيم، لكنه في هذا السياق يُعد تصعيداً، إذ أن المنطق يقضي بإبعاد الشبهات. "فليحقّق (الإسرائيلي) ويأخذ وقته، ويبحث ما إذا كان هذا المقاوم دخل من لبنان أو لم يدخل من لبنان، وإذا دخل من لبنان كيف دخل ومن أرسله (...) وحين يصل إلى نتائج، يُبنى على الشيء مقتضاه". صمت "حزب الله" هو "ضمن المعركة السياسية والإعلامية النفسية مع العدو"، بحسب نصر الله.

الشق الأولى مضمونه استمرار المعركة (أو استئنافها) دون إيضاح أي أهداف لهذه المواجهة أو أفق لها، عدا عن ارتباطها بالمواجهة الفلسطينية وتصاعد العمليات في الضفة الغربية المحتلة وفي الداخل الإسرائيلي أيضاً.

في إسرائيل، صراع سياسي حاد بات خارجاً عن المألوف في الخطاب والمقاربة، بل هناك. إسرائيليون يتعاطون مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بصفتها "سلطات احتلال" أو خطراً على هوية الدولة ومؤسساتها، سيما أن الرجل يأتي برفقة جيل جديد من الساسة الطموحين والآتين من هامش اليمين الاسرائيلي.

لكن أيضاً علينا التأمل في سياق سياسة أوسع للتنظيم انطلاقاً من لبنان. هل عبوة مجيدو ثمرة تطور العلاقة والتعاون بين "حزب الله" وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في لبنان؟ وهل هناك صحة للادعاء بأن منفذ العملية من عداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يُفسر استخدامه لعبوة مختلفة عن المألوف؟ إذا كانت الإجابة نعم، وهذا بات محتملاً، فإننا أمام مرحلة جديدة تفتح جروحاً وتُعيد طرح أسئلة ستينات وسبعينات القرن الماضي في هذا البلد المُنقسم على نفسه. كيف بإمكان الحزب المشاركة في هذا المجهود وتحييد لبنان عن تبعاته؟

لهذا السبب، يُريد نصر الله إعادة تصميم المعادلة مع الجانب الإسرائيلي على المدى البعيد، لتجنب أي تبعات على الوضع الأمني العام. كلام الأمين العام عن الرد " على أي اعتداء ضد أي إنسان موجود على الأراضي اللبنانية، سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى" يعني أن التنظيم يرغب في إرساء معادلة تحول لبنان ليس فقط ملاذاً آمناً للفصائل والقيادات الفلسطينية، ولكن أيضاً منطلقاً لعمليات، مع فصل كامل للجبهات. وهذا الفرض لمعادلة جديدة لا يكون طبعاً سوى بالتهديد بالرد "القاطع والسريع، وهذا يجب أن يكون مفهوماً"، كما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله، في حال قررت إسرائيل استهداف فلسطينيين على الأراضي اللبنانية.

ولكن على أي أساس يحظى التنظيم بهذه الثقة العالية حيال الوضع الإسرائيلي؟ الإجابة المُرجحة هي أن التنظيم يرى في الانقسامات الداخلية الإسرائيلية تحولاً استراتيجياً يُتيح فرض معادلات خارجية جديدة عليها. لم يعد النظام الإسرائيلي بالمنعة ذاتها، في مقابل ذوبان أغلب الدولة اللبنانية وتحولها ومؤسساتها الى ظلال، يعتمد وجودها على رغبات الخارج بذلك، ما يُعطي التنظيم هامشاً أوسع على الأراضي اللبنانية.

لو افترضنا أن الوضع الداخلي الإسرائيلي سيحول الآن دون تصعيد خارجي الآن، هل هذا واقع دائم أم يتبدل مع الديناميات الداخلية ويُؤدي بالتالي الى مواجهة؟ من الصعب الابتعاد عن شبح هذه المواجهة، سيما أن عناصرها باتت أكثر تعقيداً وتشابكاً مما سبق. 







increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها