الإثنين 2023/03/20

آخر تحديث: 08:16 (بيروت)

ستورمي دانيلز وأشباح 90 ثانية تطارد ترامب منذ 2006

الإثنين 2023/03/20
ستورمي دانيلز وأشباح 90 ثانية تطارد ترامب منذ 2006
الممثلة ستورمي دانيلز في حفل جوائز الأفلام الإباحية 2020
increase حجم الخط decrease

ملياردير ونجم تلفزيوني شهير في الستين، يلتقي بنجمة أفلام إباحية عمرها 27 سنة، في مسابقة بلعبة الغولف بين مجموعة من المشاهير. يبدي اهتمامه بها ولاحقاً يرسل حارسه الشخصي ليدعوها إلى العشاء في الليلة نفسها. حين تصل إلى فندقه بثياب السهرة، يطلب منها الحارس أن توافي النجم في جناحه. تصعد إليه وتجده بانتظارها بالبيجاما. تستغرب وتطلب منه أن يبدل ثيابه فيختفي ليعود مرتدياً بزته الرسمية. بدلاً من المغادرة إلى العشاء، يتبادلان حديثاً دافئاً ويبدي اهتماماً بمهنتها، ويسألها ما إذا كان هناك نقابة للممثلات في صناعة الأفلام الإباحية، ثم يقترح عليها أن تشارك كمتسابقة في برنامج تلفزيون الواقع الناجح الذي يقدمه. حين تشكك بحظوظها في أن تقبل في البرنامج، يؤكد لها أنه يكفل انضمامها ووصولها إلى التصفيات. يمارسان الجنس لنحو 90 ثانية، (أسوأ 90 ثانية في حياتها بحسب وصفها لاحقا). توقّع على ورقة بأنها لن تعلن ما حدث بينهما، وتغادر ستورمي دانيلز الجناح، من دون دونالد ترامب، الذي عدل على ما يبدو عن الموعد على العشاء. هذه روايتها للقاء. كان ذلك في العام 2006.

بعدها، يذهب كل في طريقه، ما عدا لقاء عرضي وبضعة اتصالات هاتفية كان آخرها حين أخبرها بوضوح أنها لن تشارك في برنامجه. بعد خمس سنوات، يعلن ترامب نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في وجه باراك أوباما الذي كان يستعد لخوض انتخابات فترته الثانية. ستورمي دانيلز، التي ما زالت تشعر بالمرارة بسبب وعدين أخل بهما، العشاء والمشاركة في البرنامج، قررت أن تروي قصتها لإحدى المجلات لقاء 15 ألف دولار. علم مايكل كوهين، محامي ترامب ومخلّصه من المآزق، فهدد بالادعاء على المجلة التي سحبت عرضها لستورمي.

لم يكن ترشح ترامب جدياً في العام 2011. في العام 2016، كان الانطباع العام بأن ترشحه لن يكون جدياً أيضاً، كما عادته في كل موسم، لكن ما حدث بعدها بات الآن في التاريخ.
مع إعلان ترشحه، سعت سيدتان ممن كان لرجل العقارات النيويوركي ذكريات معهما، لبيع هذه الذكريات للصحافة. الأولى هي دانيلز التي طلبت 200 ألف دولار ثمناً لقصتها، والثانية كارين ماكدوغال، عارضة سابقة لمجلة بلاي بوي. لم يشتر أحد عرض ستورمي، أما ماكدوغال، فقد نالت 150 ألف دولار من مجلة إنكوايرر لقاء حصرية نشر قصتها، وعدم تكرارها مطلقاً في أي وسيلة إعلامية بعد ذلك. المجلة التي يملكها صديق ترامب الشخصي لم تنشر القصة بالطبع. قتلتها. محامي ستورمي دانيلز سيحاول مع المجلة ذاتها ولا ينجح في بيع قصتها. يتواصل مع مايكل كوهين، يتفاوضان، وبعد أخذ ورد، وقبل شهر واحد من موعد الانتخابات الرئاسية، يدفع مايكل كوهين من ماله الخاص 130 ألف دولار لستورمي مقابل توقيعها على تعهد بعدم التحدث عن العلاقة بينها وبين ترامب، وبشرط دفع عشرين مليون دولار إذا أخلت ببنود العقد.

يغلق ترامب الملفين ويمضي في خطته كي يجعل "أميركا عظيمة مجدداً" ويفوز ويصير الرئيس الخامس والأربعين، وعلى الأرجح الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة التي دخلت، لحظة تسلمه البيت الأبيض مرحلة ضوضاء لا سابق لها، على وقع تغريدات الرئيس اليومية التي لا ينجو منها أحد.

الديموقراطيون ومعهم الإعلام الليبرالي تفرغوا تماماً لهذه الحرب القاسية مع الرئيس الجديد. وقع محاميه الشخصي، منقذه من الورطات، مايكل كوهين في قبضة الادعاء الفدرالي، في العام 2018. اعترف كوهين بالتهم المنسوبة إليه ومنها دفع المال لستورمي دانيلز مقابل سكوتها، في ما يبدو تدخلاً لاقانونياً في نزاهة الانتخابات لمصلحة أحد المرشحين، واشار إلى أن ترامب كان على علم. ترامب استمر على نفيه إقامته علاقة مع ستورمي، كما نفى إيعازه لكوهين بدفع المال لها. "نيويورك تايمز" ستنشر صور 11 شيكاً مصرفياً عبارة عن دفعات شهرية لشركة وهمية تصب في آخر المطاف جيب كوهين. والشكيات مسجلة في دفاتر ترامب بصفتها لقاء خدمات قانونية. حكم الأخير بالسجن وانتهى عمل الادعاء الفدرالي في حينها، بينما بقي الملف مفتوحاً أمام الادعاء العام في نيويورك. خمس سنوات من التحقيقات وصلت قبل أيام إلى اقتراح مدعي عام مانهاتن ألفين براغ على محامي ترامب إدلاءه بشهادته أمام لجنة المحلفين العليا في نيويورك. وهو إجراء يسبق في العادة توجيه الاتهام إلى الشخص المعني. الرئيس السابق رد على تسريب اقتراح براغ (العنصري اليساري الراديكالي بحسب وصف ترامب) للصحافة بالصراخ عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشال": المرشح الجمهوري الأقوى والرئيس السابق للولايات المتحدة، سيعتقل الثلاثاء المقبل (21 آذار\مارس). تظاهروا. استرجعوا أمتنا".

مع أن لا شيء أعلن رسمياً حول ماهية هذه التهم الجنائية التي من شأنها إذا وجهت إليه أن تكون الأولى في تاريخ الرؤساء السابقين، إلا أن مايكل كوهين شاهد رئيسي في جلسات استماع لجنة المحلفين وللقضية علاقة بالمال الذي دفع مقابل صمت ستورمي دانيلز.

ما التهمة التي قد توجه إلى ترامب؟ تحويل ترامب أمواله لشركة وهمية والاحتيال بشأن تسجيلها كأتعاب لقاء خدمات قانونية قد تحسب جنحة في قوانين نيويورك. في المقابل، فالمال الذي دفعه كوهين من جيبه لإسكات ستورمي دانيلز، كان بهدف تعزيز حظوظ المرشح دونالد ترامب بالفوز في الانتخابات. ومعرفة ترامب بهذا الأمر موافقته عليه، يعتبر تبرعاً غير قانوني لحملة ترامب ويخرق قوانين نيويورك الانتخابية، وبالتالي فهو جريمة جنائية.

إذا وجه المدعي العام هذه الاتهامات، أو غيرها، لترامب، فعليه المثول إما طوعاً أو مخفوراً. لن يسجن بطبيعة الحال، بل سيدفع كفالة ويخرج بعد ساعات، بعد التقاط صوره وأخذ بصماته وغيرها من الإجراءات.

القصة التي بدأت وانتهت بتسعين ثانية، ما زالت أشباحها تطارد دونالد ترامب منذ أكثر من 16 سنة. تتداخل فيها عوالم عديدة، المال والشهرة والسياسة والجشع وشراهة الإعلام وفساد المحامين، وانتقام هوليوود الواقع في أنقى صورها. في تغريداته المتتالية على منصته، يبدو أن دونالد ترامب لن يلين أمام العاصفة التي قد تمر به. هذه فرصة ذهبية ليؤكد المؤامرة التي تحاك ضده، وليشد عصب جمهوره الوفي، الذي يفضل أخذ حقه بيده كما حاول أن يفعل في 6 كانون الثاني قبل عامين حين اجتاح الكونغرس. كما أن الخبر الجديد سيضخ الدم في عروق حملته الانتخابية التي يبدو أنها ليست في أحسن حالاتها. دونالد ترامب، يبدو أنه أكثر حماسة حتى من المدعي العام لاعتقاله وتوجيه تهم إليه، خاصة إذا كان يؤمن بتنبؤات إيلون ماسك الذي بشّر بنصر كاسح لترامب في الانتخابات المقبلة في حال اعتقل الرئيس السابق، المرشح الحالي، الرجل الذي لا يستطيع الابتعاد عن الأضواء، ولا تستطيع الأضواء الابتعاد عنه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها