الثلاثاء 2022/09/27

آخر تحديث: 07:05 (بيروت)

روسيا تتوجس من إصلاح مجلس الأمن الدولي

الثلاثاء 2022/09/27
روسيا تتوجس من إصلاح مجلس الأمن الدولي
increase حجم الخط decrease

مجلس الأمن الدولي، أو حكومة العالم، كما يسميه البعض، أوجدته الحرب العالمية الثانية، وتثير الحرب الروسية على أوكرانيا وسط أوروبا شكوكاً جدية حول إستمراره في الوجود وفعاليته. فمسألة إعادة تشكيله أو "إصلاحه" كانت المسألة الرئيسية التي طرحها العديد من زعماء الدول في الدورة السنوية الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأبرز من طرح المسألة كان الرئيس الأميركي جو بايدن بمطالبته شمول عضوية المجلس الدائمة كلاً من اليابان وألمانيا. وأيدت روسيا فكرة توسيع العضوية الدائمة، بل أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنها تطرح منذ زمن بعيد فكرة توسيع عضوية مجلس الأمن. لكن وزير الخارجية سيرغي لافروف، وفي كلمته أمام الجمعية العامة، رفض فكرة منح اليابان وألمانيا العضوية الدائمة، ورأى أن توسيع المجلس يجب أن يكون فقط من دول آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. وسبق للصحيفة الرسمية للحكومة الروسية RG أن نقلت عن الرئيس الروسي الأسبق دمتري ميدفيديف توقعه أن تلقى منظمة الأمم المتحدة  مصير"عصبة الأمم التي أفلست"، في حال "الإفتئات على صلاحيات الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي". وكانت الصحيفة قد نقلت أيضاً في 9 من الجاري عن المندوبة الدائمة للولايات المتحدة في المنظمة الأممية ليندا توماس غريفيلد قولها بأن الرئيس الأميركي ووزير خارجيته سيطرحان في أسبوع دورة الجمعية العامة للمنظمة موضوع إصلاح مجلس الأمن الدولي. وأضافت غرينفيلد حينها أن على الدول ألا تدافع عن الوضع الراهن للمجلس، بل ينبغي عليها إظهار الإستعداد للحلول الوسط.

ترى روسيا في طرح فكرة توسيع العضوية الدائمة في مجلس الأمن محاولة لإنتزاع  حق الفيتو منها. فقد نقلت الصحيفة المذكورة عن النائب الأول للمندوب الدائم لروسيا في الأمم المتحدة دمتري بوليانسكي قوله لقناة التلفزة الروسية الرئيسية "روسيا ـــــ 1" بأن دعوات الولايات المتحدة لإنتزاع حق الفيتو من روسيا في مجلس الأمن الدولي لا تستند إلى أسس قانونية. ومثل هذه الآلية ليست متوفرة في إطار المنظمة، لأن من شأن ذلك أن يقوض الأساس الذي تقوم عليه المنظمة. ورأى الدبلوماسي الروسي أن الولايات المتحدة كانت في ما سبق أقل كلاماً بشأن إعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي، لكنها قررت إستغلال اللحظة الراهنة في الظروف الحالية. 

موقع صوت بروباغندا الكرملين الدولي الرئيسي RT نشر في 21 الجاري نصاً يوجز الموقف الروسي من دعوات إصلاح محلس الأمن الدولي، إذ إعتبر أنهم ""يبحثون عن ثغرة لإزاحة روسيا": لماذا يطرح عدد من الدول إعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي". قال نص هيئة تحرير الموقع بأن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء الياباني رأوا ضرورة إعادة تشكيل مجلس الأمن الدولي. وأكد هؤلاء الساسة في كلماتهم بالجمعية العامة أن مثل هذا الإصلاح ضروري بسبب أعمال روسيا في أوكرانيا، والتي تهدد النظام العالمي برمته. ويعتقد الخبراء، برأي الموقع، بأن رؤساء الدول هؤلاء منحازون في الوضع الراهن،  ويستهدفون في طرحهم الحد من نفوذ روسيا في المنظمة الدولية. وإذا جرى الإصلاح وفقاً لهذه المواقف، فهو لن يؤدي سوى إلى تشويش هيكلية المنظمة والمساهمة في زيادة ضغط الغرب عليها. 

ينقل الموقع عن خبير روسي بأن مسألة إصلاح مجلس الأمن نضجت منذ زمن بعيد، "منذ قصف الناتو ليوغوسلافيا، والحرب في العراق، وفي أفغانستان، وليبيا وتدخل الولايات المتحدة في الشؤون السورية". وفي كل مرة تُطرح المسألة حين يقع حدثٌ جديٌ في العالم ويختلف بشأنه أعضاء مجلس الأمن. وهي ستطرح مجدداً، إلا أنه لا يبدو أن هناك حلاً لها، وذلك لأنه يفترض إعادة النظر في مبدأ تشكل مجلس الأمن. ويقول بأن عدداً كبيراً من الدول يطمح لمكان في المجلس، ولكل منها أسبابه وحججه الوجيهة. ويرى أن من المتعذر بلورة هيكلية جديدة للمجلس من دون المساس بمشاعر طرف ما. وفي حال التطرق إلى توسيع العضوية الدائمة فيه، فالأمر يتطلب إجماع الأعضاء الدائمين الحاليين و"أشك في أنهم سيتوصلون سريعاً إلى توافق في هذا الشأن، على الأقل الآن". فالولايات المتحدة سوف تحاول الدفع بتلك البلدان التي، إذا لم تكن تدور في فلكها، فهي شريكة مقربة منها. فهي تقترح ضم الهند واليابان إلى عضوية المجلس الدائمة، وتنتظر من الأولى الإعتراف بالجميل على إقتراحها، والثانية ليست دولة مستقلة برأيه. وبمساعدة هذين البلدين سوف تحاول الولايات المتحدة إضعاف دور روسيا في الأمم المتحدة، حسب الخبير. 

ويتوافق آخر مع رأي هذا الخبير، ويرى أن التغييرات المقترحة لا علاقة لها بخطط تحسين عمل الأمم المتحدة ورفع فعاليته، بل ترمي إلى حل الصراع السياسي بين الغرب وروسيا. الإصلاحات تم إقتراحها من قبل، حين كانت الولايات المتحدة تتدخل في شؤون الدول الأخرى متجاهلة الأمم المتحدة. وهي تبحث الآن عن ثغرة لإزاحة روسيا، البلد المؤسس للمنظمة ويمتلك حق الفيتو، "لكن روسيا لن تقدم أبداً على مثل هذه الإصلاحات". 

وفي اليوم عينه نشر الموقع نصاً لخبير روسي عنونه بالقول"المنظمة تحتاجها الولايات المتحدة لا حية ولا ميتة". ورأى أن الرئيس الأميركي خصص القسم الأعظم من كلمته في الجمعية العامة لإدانة روسيا، بعد "الخطاب القوي" لفلاديمير بوتين في 21 الجاري. واضطره هذا الأمر ليزيح إلى الظل فكرته الرئيسية التي جاء من أجلها إلى الجمعية العام’،إلا أن محيطه حرص على تسويقها بأمانة. والفكرة تقوم على المطالبة بإصلاح مجلس الأمن الدولي على نحو يحرم روسيا ليس فقط حق الفيتو، بل ومن أي نفوذ لها في هذه المؤسسة التي كانت حتى وقت قريب تعتبر المؤسسة الدولية الأهم. والأمم المتحدة تمر بأزمة عميقة واضحة للجميع، إلا أنها لم تصبح كذلك في شباط/فبراير 2022، بل اتضحت منذ آب/أغسطس 2008، حين تحاشت المنظمة المشاركة في تسوية الأزمة السياسية التي أعقبت هجوم نظام ساكاشفيلي (رئيس جورجيا حينها) على قوات حفظ السلام الروسية في أسيتيا الجنوبية. بعد تلك الفترة، الأمم المتحدة كأداة لحفظ السلام العالمي، أصبحت "ليس ميتة، بل بالتأكيد ليس على قيد الحياة". 

موقع zona.media الذي أطلقته إثنان من الثلاثي الشهير Pussy Riot نشر في تموز/يوليو المنصرم نصاً مترجماً للروسية، لكاتب سياسي في The Atlantic بعنوان "إصلاحه، لا يمكن حله. هل بوسع مجلس الأمن أن يصبح مجدداً مؤسسة فعالة لدرء الصراعات المسلحة؟". قال الكاتب بأنه، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، كان مجلس الأمن محط الأنظار، لكن من المستبعد أن كان أحد ينتظر منه عملاً جديا لتسوية الصراع، بل كان الجميع يتابع مواقف وحجج مندوبي أطراف الصراع. لقد فقد مجلس الأمن اليوم عملياً كل أدوات التحكم بالأمن العالمي، وأخذت تتردد آراء بضرورة إصلاحه. 

ينقل الكاتب عن محلل سياسي آخر تصوره "منصة إستثنائية" تعمل بموازاة مجلس الأمن، وتوحد بلداناً أعضاء في المنظمة الدولية والمؤسسات والوكالات المالية الدولية التي بإمكانها المساعدة في تجاوز مختلف أنواع الأزمات في الإقتصاد العالمي ومنظومة العلاقات الدولية. 

ويرى هذا المحلل أن التعاون الدولي سيتحقق، على الأغلب، في مجموعات غير شكلية تتكون وفقا للمتطلبات الظرفية الجارية. وللأسف سوف تظهر هذه المجموعات بسبب وجود أزمة، والمؤسسات الموجودة عاجزة عن معالجتها. 

 

 

 

 

 

 

 

 




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها