الجمعة 2022/08/12

آخر تحديث: 16:43 (بيروت)

زعامة "القاعدة" بعد اغتيال الظواهري

الجمعة 2022/08/12
زعامة "القاعدة" بعد اغتيال الظواهري
increase حجم الخط decrease

ترك اغتيال زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري نهاية الشهر الماضي تساؤلات كثيرة حيال تنظيم تختلف الآراء حيال قدرة بقاياه على النهوض به بعد نكستين، الأولى عسكرية-أمنية على وقع الاغتيالات والاعتقالات المتكررة، والثانية داخل العالم الجهادي مع صعود تنظيم "الدولة الإسلامية" المنافس.

ذاك أن عودة التنظيم وقدرته على تنفيذ عمليات، رهن عوامل ومتغيرات عديدة، أولها تنظيمي-داخلي، على ارتباط ببقايا التنظيم الكهل وغير القادر على تنفيذ عمليات كما في سابق عهده. 

من هم المرشحون الأساسيون لتولي زعامة "القاعدة"؟ الإسمان الأكثر تداولاً هما مسؤول العمليات في التنظيم محمد صلاح الدين زيدان المعروف باسم "سيف العدل"، وعمره 62 عاماً، ومحمد أباطاي، المعروف بـ"عبد الرحمن المغربي"، وكلاهما مقيمٌ في ايران. 

في رسائل مؤسس "القاعدة"، رأى أسامة بن لادن أن "سيف العدل" غير مؤهل لهذا المنصب، كون قدراته محصورة بالجانب العسكري والأمني. "المغربي" أكثر قدرة ولديه إلمام بجوانب مختلفة. لكن اختيار زعيم جديد لـ"القاعدة" من إيران، كذلك محفوف بالمخاطر، أكان لجهة السماح له بمغادرة الأراضي الإيرانية، أو محاولة التأثير عليه بوسائل مختلفة بما أن الرجل كان مقيماً فيها كل تلك الفترة.

في سلسلة مقالات خصصتها "سي تي سي سينتينيل"، مجلة مكافحة الإرهاب في أكاديمية "وست بوينت" العسكرية الأميركية عن السنة الأولى لحركة "طالبان" في الحكم وخلافة الظواهري، مجموعة من النقاط المهمة في موضوعين مترابطين. 

أولاً، أوردت مقالة لدان رسلي ومحمد العبيدي في المجلة عينها اسم السعودي الشيخ أواب بن حسن الحسني، وهو أحد الكوادر إما المقيمة في الحدود الأفغانية الباكستانية أو ممن يقدر على الانتقال اليها، ولفتت الى أن الرجل ينتمي لخانة الشباب المتحدثين القادرين على إعادة تنشيط "القاعدة" ومخاطبة جيل الشباب. لكن الكاتبين اعتمدا فقط على ما نشره الشيخ أواب من مقالات مطولة، وليس على فيديوهات أو تسجيلات للرجل، وهو غير معروف لدى أجهزة الاستخبارات، كما يوضحان. انضم للتنظيم بين عامي 2007 و2008، أي أن لديه خبرة 15 عاماً فيه بما يجعله وسيطاً بين جيلين جديد وقديم غير فاعل أو منفي في "القاعدة". لكن طرح مثل هذا الاسم يندرج ضمن التأويلات عن بعد، في ظل غياب معطيات عن ديناميات التنظيم على الحدود الأفغانية الباكستانية، وعلاقته بالفروع المختلفة وبالمجموعة المنفية في ايران.

ثانياً، السؤال عن التحولات داخل حركة "طالبان" بعد عام على استلامها السلطة بأفغانستان، على ارتباط كذلك بقدرة "القاعدة" على النهوض. وتحديداً، من الضروري هنا النظر الى الصراع بين أجنحة الحركة، سيما بين القادة المهتمين بعلاقة طبيعية مع المجتمع الدولي، وأولئك الأقل تقبلاً لتنازلات في هذا المجال.  في مقابلة معه بالمجلة، يتحدث ادموند فيتون براون منسق فريق مراقبة التنظيمات الجهادية في الأمم المتحدة عن صعود جديد لمن يتبنى القضية الوطنية البشتونية (جنوبيون) داخل الحركة، ما يُثير حساسيات وصراعات مع اثنيات أخرى، وعن استئثار أمير طالبان هبة الله أخوند زاده بالسلطة.

هذا الاستئثار بالسلطة يُستدل عليه من خلال قرار الأمير حرمان الفتيات من التعليم، وهو بذلك خالف رأي نوابه وهم عبد الغني برادار نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية سراج الدين حقاني ووزير الدفاع محمد يعقوب. حقاني يُشار اليه بصفته الأكثر براغماتية واستعداداً للانتقال لحقبة جديدة في علاقة طالبان مع العالم، لهذا ربما كان مؤيداً للسماح بتعليم الفتيات.

ثالثاً، تتركز المخاوف الغربية في مجال مكافحة الارهاب على انعكاسات محتملة لالتقاء أو تسوية أو تحالف بين القاعدة والدولة الإسلامية بعد اغتيال مجموعة من قادتهم خلال عام واحد. هل تفتح قيادة جديدة للتنظيمين مجالاً للتعاون بينهما وطي صفحة الماضي؟ 

اللافت في المجلة والتقويمات الغربية، أن عاملاً أساسياً في صعود مثل هذه التنظيمات كان غائباً عنها، ألا وهو الوضع في العالم العربي بعد سقوط الانتفاضات وعودة أنظمة الحكم القديمة وأساليبها الفاشلة في إدارة البلاد.

في خضم أزمات اقتصادية مستفحلة وانغلاق الفضاء السياسي، قد تكون هناك كوة لعودة التنظيمات الجهادية، بصفتها ليس فقط المعارضة الوحيدة القادرة على خرق الجدار الأمني، بل لأنها كذلك الخصم المفضل للأنظمة السياسية في منطقتنا وفقاً لمعادلة "إما الحاكم الأبدي أو الإرهاب". بغض النظر عن هوية الزعيم المقبل للقاعدة، قد يجد الرجل منطقة أكثر خصوبة مما كانت أيام أسلافه، وفيها زعماء بعضهم يختزن الشوق لنشاط تنظيمه، ليعود كما كان، أرجوان الأنظمة الذي يُلون كل المعارضات والبدائل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها