السبت 2022/07/02

آخر تحديث: 08:29 (بيروت)

بوتين يجب أن يُهزَم لا أن يُفاوَض

السبت 2022/07/02
بوتين يجب أن يُهزَم لا أن يُفاوَض
increase حجم الخط decrease

في يوم إفتتاح قمة الناتو في مدريد 29 من الشهر المنصرم، نشر موقع  Meduza الروسي المعارض نصاً بعنوان "لا معنى للتفاوض مع بوتين. ينبغي الإنتصار عليه". إستخلص الموقع عنوان النص من مقالة نشرها كاتب أميركي في الصحيفة إلإيطالية Corriere della Serra، وستنشر هذا الأسبوع في  مواقع إعلامية أوروبية، حسب الموقع الروسي. الكاتب الأميركي من أصول فرنسية يبدو أنه يولي إهتماماً كبيراً لجرائم الأنظمة الدموية، حيث يذكر الموقع بأنه وضع رواية عن جرائم النازية وكتاباً عن نظام رمضان قاديروف في السنة الثالثة من قبضه على السلطة في الشيشان. ومع أن الكاتب لم يصرح بأنه تقصد نشر مقالته في يوم إفتتاح قمة الناتو، إلا أنه لا يخفي في نصه إنتقاده اللاذع لسياسة الزعماء المجتمعين في مدريد حيال روسيا وتخاذلهم أمام بوتين وحربه في أوكرانيا. 

ينتقد الكاتب الأصوات التي ترتفع في الأيام الأخيرة، وتردد نغمة رتيبة عن مبالغة الأوكران في تصوير وضعهم، ذهاب الناتو بعيداً في أوكرانيا، إرتفاع معدلات التضخم، التروي في التعامل مع بوتين وإلخ. ويعتبر هذه الأصوات دلالة عجز يتمثل في غياب الرؤية الإستراتيجية التي لن يتوانى بوتين عن إستغلالها. ويستشهد بكلام صحافية بريطانية نقلته عن بوتين من أنه مقتنع بأن الغرب سوف يضعف ولن يربح على المدى الطويل. وللتعجيل بإستسلام الغرب يستخدم كافة الوسائل المتاحة: تخفيض إمدادات النفط والغاز، زعزعة الوضع في البلقان، إبتزاز النقص في المواد الغذائية لإستثارة موجة هجرة جديدة إلى أوروبا والتهديد بالسلاح النووي. 

يرى الكاتب أن بوتين، كما وزير خارجيته، تدرب على الكذب، والنفاق أداته الطبيعية. الحوار بالنسبة له، ليس سوى طريقة للحصول على أفضلية لتحريك أحجاره قبل أن يعود مجدداً للجوء إلى الأدوات العسكرية حين يتطلب الأمر.

وفي معرض إنتقاده لكلام كيسنجر في دافوس، يقول بأن المفاوضات للإتفاق على غرار إتفاقيات مينسك التي كان يجب أن تضع حداً للحرب، ليست سوى فرصة لبوتين لتعزيز نجاحاته، ريثما تسنح فرصة لتحقيق أخرى جديدة. والتفكير بأنه يمكن إجبار بوتين على إجراء مفاوضات بصورة نزيهة، وبأنه سوف يحترم شروط الإتفاقيات، "هو ببساطة تفكير مضحك". 

ويرى الكاتب أن بوتين هو إنسان في القرن الحادي والعشرين يخوض حرب القرن العشرين لتحقق أهداف من القرن التاسع عشر. وهو لا يخضع سوى لمنطق القوة، وأي حل توافقي معه في الوضع الراهن يعني إنهيار المثل الآوروبية، ويصب الزيت على طموحات بوتين الإمبراطورية. والكاتب مقتنع بأن الإستسلام غير المشروط للقوات العسكرية الروسية في أوكرانيا فقط، هو الكفيل بإستعادة الأمن إلى أوروبا.

في اليوم عينه من إنطلاق قمة الناتو، افتتحت أعمالها "قمة قزوين" السادسة للدول المجاورة لبحر قزوين: روسيا، إيران، تركمانيا، أذربيجان وكازاخستان. وفي لقاء مع الصحافيين الروس المنتدبين لتغطية القمة، إستعرض بوتين معظم قضايا النزاع مع الغرب، وذلك في رد غير معلن على معظم القضايا المطروحة على جدول أعمال قمة الناتو. وقد نشرت نوفوستي في 29 الشهر المنصرم مقاطع موجزة من حديث بوتين، والذي يستعرض فيه آراءه في توسع الناتو شرقاً، وفي "العملية الخاصة" في أوكرانيا، وفي تهجمات زعماء الدول السبع الكبار G7. 

عن توسع الناتو  يقول بوتين بأنه ليس لدى روسيا ما يقلقها من إنضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، على عكس ما هو مع أوكرانيا. ونفى ما كان يصر على تأكيده دائماً من أن روسيا تريد إبعاد قوات حلف الأطلسي عن حدودها، ووصف هذه المقولة بأنها خاطئة و"لا تمت إلى الحقيقة بصلة". ورأى أن مقولة رفض روسيا توسع الناتو إلى حدودها يهدف إلى إيهام الرأي العام بأن روسيا التي ترفض إنضمام أوكرانيا إلى الناتو، قد تلقت الضربة مزدوجة برضوخها وعدم إعتراضها على إنضمام السويد وفنلندا. 

كرر بوتين موقفه المعروف من حربه على أوكرانيا وأهدافها ب"تحرير" منطقة الدونباس وضمان أمن روسيا. وقال بأن روسيا لن تسمح لنفسها أن تبقى تحت التهديد المستمر، بل ستتخذ الإجراءات الكفيلة بخلق تهديد مقابل. وكعادته بإتهام الأوكران بقتل أنفسهم وارتكاب المجازر بحق مواطنيهم، نفى بوتين أية علاقة للقوات الروسية بقصف المتجر وسط أوكرانيا. وفي حين تصف نوفوستي مجزرة المتجر في المدينة  الأوكرانية ب"حادثة كريمنتشوك"، أعلنت كييف عن تقديم دعوى إلى المحكمة الأوروبية تتهم روسيا بالقتل الجماعي المتعمد في المتجر. 

موقع الخدمة الروسية في "الحرة" نشر آخر الشهر المنصرم نصاً بعنوان "بوتين يعيد الزمن إلى الوراء. قمة الناتو دعمت أوكرانيا". يقول الموقع بأن قمة الناتو أقرت إستراتيجية جديدة "خريطة طريق" للعقود القريبة القادمة، وهي تهدف إلى تعزيز أمن بلدان الحلف ضد "التهديد الروسي المتصاعد". ويشير إلى أن مناقشة الوضع الناشئ في أوروبا نتيجة الإجتياح الروسي لأوكرانيا إحتلت المكان الرئيسي في القمة. وترى الوثيقة النهائية للقمة بأن العديد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية شعرت بعد غزو أوكرانيا بأن أمنها مهدد. وروسيا متهمة بخرق المبادئ والقواعد التي يقوم عليها الأمن الأوروبي، وبتصميم أنظمة اسلحة جديدة لا تراعي الضوابط التي تلحظها الإتفاقات الدولية، وبالتدخل في الشؤون الداخلية لبلدان حلف الناتو، وبحملات التضليل والضغط على الدول التي تعتمد على صادراتها من مصادر الطاقة. 

الوثيقة النهائية للقمة تصف روسيا بأنها "التهديد الأهم والمباشر" للعالم وللأمن في المنطقة الأوروبية للحلف. وهي متهمة  في محاولة "إقامة مناطق نفوذها وسيطرتها المباشرة" على أراضي الغير، بواسطة الإكراه، الأعمال التخريبية، العدوان والضم. ويرى الموقع أن هذه الصياغة تشير إلى التغير الجذري في علاقات الحلف بروسيا. في الإستراتيجية السابقة للعام 2010 كانت روسيا تعتبر بمثابة الشريك في بناء "فضاء عام للسلام والإستقرار والأمن". 

موقع 24saat الأذري المعارض الناطق بالروسية والأذرية والإنجليزية نشر في 29 المنصرم  نصاً بعنوان ""الحرب عادت إلى أوروبا". هل يوقف الناتو بوتين؟". عنوان نص الموقع تكرار جزئي لكلمة الملك الإسباني في حفل العشاء التكريمي الذي أقامه عشية إفتتاح قمة الناتو في مدريد، وقال فيها بأن الحرب عادت إلى أوروبا. 

يستضيف الموقع محللاعسكرياً سياسياً وإقتصادياً روسيين، ناقشا الأبعاد السياسية الإقتصادية لدعوة الناتو فنلندا والسويد إلى حضور قمته في مدريد، وردة فعل روسيا على هذا التوسع للناتو.  المحلل العسكري يتحدث عن إتقاق تركيا مع فنلندا والسويد، والذي مهد طريق الدولتين للإنضمام إلى الناتو. ويطيل في تقييم الإتفاق والحديث عن الأكراد ووضعهم في تركيا، ويتوسع في تفاصيل رفع القدرات العسكرية الأميركية "بشكل جدي"وسط أوروبا وشرقها"، مما سيؤدي، برأيه، إلى سباق تسلح جديد. 

وعن الوصف الجديد للناتو روسيا بأنها التهديد المباشر الأهم للأمن، وما إن كان سيؤدي إلى عسكرة الإقتصاد الأوروبي والعالمي، يقول الإقتصادي بأن العسكرة تجري منذ سنوات، وعلى الرغم من جائحة كورونا، شهد العالم رقماً قياسياً السنة الماضية في الإنفاق العسكري الذي تخطى 2 تريليون دولار. 

وعن سيناريوهات إنتهاء الحرب في أوكرانيا بهزيمة روسيا، يوافق العسكري على إحتمال تحقق السيناريو. ويقول الإقتصادي بأن نهاية هذه الحرب سوف تكون شبيهة بالحرب الروسية اليابانية مطلع القرن الماضي وهزيمة روسيا فيها. ويرى أن فترة الحرب وآثارها سوف ترافق حكم بوتين حتى نهايته، وسوف تبقى الظل الذي يرافقه مهما طالت مدة هذه النهاية.







increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها