الثلاثاء 2022/06/28

آخر تحديث: 08:32 (بيروت)

غذاء العالم رهينة حرب بوتين

الثلاثاء 2022/06/28
غذاء العالم رهينة حرب بوتين
increase حجم الخط decrease

في الوقت الذي تعلن منظمة التغذية العالمية عن مجاعة "توراتية" تهدد العالم، خاصة إفريقيا والشرق الأوسط، تحاصر روسيا ملايين الأطنان من الحبوب في الموانئ الأوكرانية. وترفض روسيا إتهامها بمنع أوكرانيا من تصدير الحبوب، وترد بإتهام أوكرانيا بتصدير الحبوب إلى أوروبا تسديداً لثمن السلاح. وتؤكد أنها أعلنت عن فتح ممر بحري أمام السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب، لكن أوكرانيا ترفض نزع الألغام حول موانئها، متذرعة بالخشية من إنزال بحري روسي. 

الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس صرح الإثنين بأن العالم لا يمكنه الإستغناء عن الحبوب والأسمدة الروسية. وأشار إلى أن إتصالات مكثفة تجري بين روسيا، أوكرانيا، تركيا، الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن تصدير المنتجات الأوكرانية عبر البحر الأسود، وكذلك بشأن تصدير الحبوب والأسمدة الروسية. وسبق له أن صرح الشهر المنصرم بأن أزمة الغذاء العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا قد تمتد لسنوات، كما نقل موقع أوكراني.

موقع RBK الروسي الذي نقل كلام الأمين العام أشار إلى أن بوتين صرح بأن موسكو مستعدة للمساعدة في حل أزمة الغذاء العالمية، وإقترح رفع حجم صادرات الأسمدة والسلع الزراعية مقابل رفع العقوبات الغربية عن روسيا. ورأى أن الوضع الراهن في سوق المواد الغذائية تسببت به السياسة الإقتصادية والمالية الخاطئة لبلدان الغرب وعقوباتها ضد روسيا.

وسبق للموقع عينه أن أشار في 25 الجاري إلى إعلان مشترك بين بوتين والرئيس البيلوروسي لوكاشنكو بأنهما على إستعداد لإشباع الأسواق بالسماد، وبأنهما مصدران كبيران لهذه السلعة إلى الأسواق العالمية. 

وكان موقع وكالة الأنباء الإلكترونية الروسية REGNUM قد نشر في 3 الجاري تصريحاً للرئيس الروسي قال فيه بأن صادرات الحبوب من أوكرانيا ليست بالأهمية التي يتحدثون عنها في الغرب لغايات سياسية. وأشار إلى أن صادرات القمح الأوكرانية السنوية تشكل 0,5% من حجم إنتاج العالم السنوي ــــــ 800 مليون طن. وذكّر بأن روسيا ستصدر في موسم العام   21/22، 37 مليون طن، وترفع هذا الحجم السنة القادمة إلى 50 مليون طن. 

في إجتماع البرلمان الأوروبي في 23 الجاري، إتهم النواب الأوروبيون روسيا بإبتزاز العالم بالجوع من أجل رفع العقوبات الغربية عنها. ويقول موقع الخدمة الروسية في دويتشيه فيله DW أن جميع الموانئ البحرية الأوكرانية مغلقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. ويبقى حوالي 25 مليون طن من الحبوب الأوكرانية في عنابر الموانئ البحرية لايمكن شحنها، وفقاً لعقود تصديرها، إلى بلدان إفريقيا والشرق الأوسط  بصورة رئيسية. وإذا لم يتم العثور على حل للمشكلة الناشئة، فهي ستتطور حتماً إلى كارثة غذاء عالمية. ودعا النواب الأوروبيون إلى إصدار قرار من الأمم المتحدة بإنشاء ممر إنساني لتصدير الحبوب الأوكرانية. 

وينقل الموقع عن نائب سويسري قوله بأن بوتين يستخدم القمح كسلاح للضغط على الغرب لإجباره على رفع العقوبات التي فرضت على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا. ويرى النائب أن الحصار الروسي للبحر الأسود، وكذلك تلغيم أوكرانيا موانئها،خاصة أوديسا، يعني أن تصدير الحبوب الأوكرانية متعذر في المدى القريب. ويعتبر أن مرافقة المدمرات الغربية لسفن شحن الحبوب الأوكرانية أمر خطير قد يؤدي إلى "تصعيد كارثي". ويقول أن "بوسعنا" محاولة الإتفاق مع الروس حول هذه المسألة، "لكننا نعرف أنه لا يمكن الثقة بالروس". 

وينقل عن نائب فرنسي قوله بأن لبنان يعتمد بنسبة حوالي 80 % على القمح الأوكراني. وبين البلدان الأكثر إعتماداً على صادرات الحبوب الأوكرانية يذكر النائب كلاً من مصر، باكستان، اليمن، بنغلاديش، قطر وسواها. 

ويقول نائب أوكراني عضو وفد بلاده إلى إجتماع البرلمان الأوروبي تأكيده بأن البلدان النامية ليست وحدها التي تعاني من حصار الموانئ الأوكرانية. فمنذ بداية حرب روسيا على أوكرانيا إرتفعت أسعار السلع الإستهلاكية في الإتحاد الأوروبي بنسبة 8%، وارتفعت أسعار تلك السلع الأساسية التي يستهلكها المواطن العادي. فثمن الخبز المصنوع من القمح الأوكراني تضاعف مرتين بالنسبة للمواطن الألماني، كما إرتفع ثمن وجبة السمك مع البطاطا بنسبة 20% للمواطن البريطاني، وذلك بسب إستخدام زيت دوار الشمس الأوكراني لقلي السمك والبطاطا. 

أوكرانيا تتهم روسيا بسرقة حبوب المناطق المحتلة، وهذه لا تنفي ذلك. فقد نشرت الصحيفة الرسمية للحكومة الروسية RG آخر الشهر المنصرم نصاً بعنوان "منطقة خيرسون(المحتلة) بدأت تصدير الحبوب إلى روسيا"، والمنطقة تناقش تصدير دوار الشمس أيضاً. وبعد أن ذكرت أن كميات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية تبلغ 4,5 مليون طن، قالت بأن النقص في صادرات الحبوب الروسية والأوكرانية إلى السوق العالمية بسبب العقوبات، يفاقم مشكلة أزمة الغذاء في العالم. ورأت أن عدم تصدير الحبوب يفتح أمام روسيا آفاقاً جديدة، حيث بوسعها تحويل الحبوب "الفائضة" إلى طحين أو مادة النشا، وتستغني عن الإستيراد وتكسب من تصديرها.  

في توجهه إلى إجتماع مكتب برلمان الإتحاد الإفريقي في 20 الجاري، قال الرئيس الأوكراني بأنه، لتجنب خطر المجاعة، يجب أن تتوقف محاولات روسيا العودة إلى سياسة الإستعمار العدوانية. ونقل موقع الرئاسة الأوكرانية كلمة زيلينسكي بالروسية الذي توجه إلى المجتمعين بالقول أن إفريقيا، في هذه الظروف الإستثنائية للعالم بأسره، هي رهينة أولئك الذين فجروا الحرب ضد "دولتنا". "نعم، إنها حرب روسيا ضد أوكرانيا، ليست أزمة، ليست صراعاً، كما يصفوها أحياناً حتى الآن، بل هي الحرب". قد تبدو الحرب للبعض بأنها بعيدة عنه وبلاده، لكن أسعار المواد الغذائية التي إرتفعت بصورة كارثية، أتت بالحرب إلى بيوت ملايين الأسر الإفريقية، كما إلى بيوت أسر كثيرة في بلدان آسيا، أوروبا، أميركا اللاتينية وأميركا. 

يضيف زيلينسكي بأنه لم يكن من مشكلة نقص غذاء في 23 شباط/فبراير، لكنه برز في اليوم التالي، حين حاصر الأسطول الحربي الروسي الموانيئ الأوكرانية في البحرين الأسود وآزوف. ويقول بأنه وفق تقديرات الخبراء، تعتمد على الحبوب الأوكرانية حياة حوالي 400 مليون أنسان في مختلف بلدان العالم. الوضع الراهن يثبت أن كل شيئ في العالم مرتبط ببعضه البعض. ومحاولة روسيا إحتلال "ارضنا" وتحويل أوكرانيا إلى مستعمرة، غدت السبب ليصبح صعباً في كل مكان الحصول على الغذاء، وليتصاعد خطر المجاعة. 

في حين يقول بوتين أن صادرات الحبوب الأوكرانية ليست بالأهمية التي يتحدث عنها الغرب بغية  إبتزاز روسيا، يقول زيلينسكي بأن حياة مئات ملايين البشر تعتمد على الحبوب الأوكرانية. وفي حين تذكر صحيفة الحكومة الروسية أن كمية الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية تبلغ 4,5 مليون طن، يذكر موقع Meduza الروسي المعارض بأن كييف تقدر حجم هذه الحبوب بنحو 20 مليون طن. وجاء كلام الموقع في نص نشره في 21 الجاري بعنوان "العالم جدياً يخشى المجاعة بسبب بقاء ملايين الأطنان من الحبوب غير مصدرة  في موانئ أوكرانيا الملغمة؟ ما مدى واقعية الخطر". ويرى الموقع أن غياب إمدادات الحبوب الأوكرانية قد يؤدي إلى مجاعة في بعض مناطق العالم، وإلى إرتفاع حاد في أسعار الغذاء في العالم بأسره. وقال بأن تركيا إقترحت بإسم الأمم المتحدة خطة جديدة لإخراج الحبوب من أوكرانيا، حيث فشلت خطتها السابقة التي كانت تفترض نزع الألغام في مداخل الموانئ الأوكرانية، مما جعل كييف ترفضها لخشيتها من إنزال روسي، خاصة في منطقة أوديسا.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها