الجمعة 2022/05/06

آخر تحديث: 07:04 (بيروت)

الحملة الانتخابية أيضاً سياسة

الجمعة 2022/05/06
الحملة الانتخابية أيضاً سياسة
© Getty
increase حجم الخط decrease

لم تكن في الحملات الانتخابية لدى قوى المعارضة وشخصياتها، نشاطات مُلهمة أو جاذبة أو خطاب متماسك على المستوى السياسي والاقتصادي-الاجتماعي، بما يتناسب مع الوضع العام بالبلاد. وهنا بالإمكان تحديد مستويين من الإخفاق، الأول في الخطاب والثاني في صنف التواصل مع الناس.

على مستوى الخطاب، من الواضح أن البرامج غالباً لا تقترن برؤية عملية وواضحة للمشكلات، بل غالباً شعارات فضفاضة غير مرتبطة بأي دراسة أو رؤية للحلول ولو كانت غير مكتملة المعالم وخطوط عريضة. على سبيل المثال، هل سمعنا مثلاً طرحاً على مستوى الكهرباء؟ أي أفكار لتشريعات جديدة تُتيح إدارة مختلفة لقطاع الطاقة والمياه؟

مواضيع كثيرة ينسحب عليها هذا الخلل الخطابي، بدءاً بفشل القطاع المالي، وإعادة توزيع الخسائر بشكل عادل من خلال مقاربة مختلفة حيال المصارف وأصحابها وثرواتهم التي تضاعفت خلال السنوات الماضية، ومحاولة تعويض أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة. ومروراً بقطاع النقل وضرورة معالجة مشكلة تتفاقم يومياً، ولو بشكل تدريجي وطويل الأمد، وانتهاء بإدارة النفايات ومعالجة مشكلة التلوث التي تضاعفت بعد الانهيار نتيجة اللجوء الكامل للمولدات، وبعضها غير صالح للعمل في المناطق السكنية. (من الأمثلة القليلة التي يُحتذى بها في هذا المجال، المرشح في بيروت الأولى زياد أبي شاكر الذي أظهر فهماً لمشكلات مستدامة منها النفايات والمياه، وقدم حلولاً وافكاراً). 

النائب وحده غير قادر على معالجة كل هذه الأزمات، وهذا صحيح، ولكن من الضروري إيضاح معالم مسارات مختلفة في إدارة البلاد، تشريعياً وكذلك على مستوى الوزارات والإدارات العامة. ذاك أننا أمام اخفاق شامل وطبقة سياسية لا تُجيد سوى نهب المال العام، وبات لديها سجل حافل بذلك في كل الإدارات.

وفي الخطاب كذلك، يُسجل أيضاً إخفاق على مستوى مراقبة أداء الحكومة، والتدقيق فيها، وإظهار مكامن الخلل في عملها قبل أسابيع من الانتخابات. لم تُظهر المعارضة قدرة على التدقيق في العمل الحكومي، ولا على نشر الفضائح والتعاون مع وسائل الاعلام في ذلك.

الواضح أن تركيز المعارضة كان منصباً على إظهار شخصيات المرشحين وسيرهم الذاتية في الاعلام بعيداً عن بذل المجهود المطلوب في صياغة خطاب موحد ومجموعة سياسات على مستوى إدارة البلد ونقد الأداء الحكومي خلال السنوات والعقود الماضية. ربما الأمل هنا هو في الفوز بالصوت الاعتراضي أو الانتقامي، لكنه ليس حافزاً كافياً كي ينزل الناخبون بكثافة الى صناديق الاقتراع. 

المطلوب اليوم هو اظهار وعي لا تتسم به السلطة ومقاربتها، وكذلك قدرة على الابتكار والتفكير الخلاق في معالجة الأزمات العديدة والمتفاقمة، بما يجعل الناخبة أو الناخب يقتنع بضرورة التصويت لهذا الخيار، ويتحفز لذلك.

على مستوى الإخفاق في التواصل مع الناس، هناك تركيز واضح للمرشحين على شبكات التلفزيون، وهي غالباً وسيلة مكلفة مع ارتفاع ثمن الظهور، في مقابل تجنب للاجتماع المباشر بفئات اجتماعية سقطت ضحية الانهيار خلال السنوات الماضية. هل رأينا فيديوهات لاجتماعات مع فئات موظفي الدولة الصغار، المياومين أو المتقاعدين غير المثبتين، أو معلمي المدارس أو المتقاعدين أو المصابين بالأمراض المزمنة؟ مع أصحاب الودائع وممثليهم؟ مع عائلات ضحايا هذه الطبقة السياسية من أهالي مفقودي الحرب الأهلية اللبنانية الى عائلات ضحايا انفجار المرفأ وغيرهم؟

مخاطبة هذه الفئات والاستماع الى همومها ومشكلاتها ضروري، ويخترق قواعد السلطة، وبإمكانه الوصول الى قطاعات واسعة من الناس من خلال وسائل التواصل، وليس الاعلام الذي بات بوابة لمن يملك المال، وهم غالباً المستفيدون من الانهيار والسنوات السابقة له. 

وحين نصل الى موعد الانتخابات، علينا قراءة أي ضعف في مستوى المشاركة بالاقتراع، ليس فقط من منظار غياب الثقة في السلطة السياسية بكافة مكوناتها، بل كذلك نتيجة عدم قدرة المرشحات والمرشحين على تحفيز الناخبين واقناعهم.  

 



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها