الإثنين 2022/05/30

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

معارك ما بعد الانتخابات..من سيصرخ أولاً؟

الإثنين 2022/05/30
معارك ما بعد الانتخابات..من سيصرخ أولاً؟
increase حجم الخط decrease

إعتباراً من هذا الاسبوع تبدأ عملية ترميم السلطة ورموزها الرئيسية التي صدعتها الأزمة الاقتصادية_المالية الخانقة، لكن الانتخابات النيابية أعادت بعثها وتمكينها، بلا منازع، سوى النواب "الانتحاريين" التغييريين ال13، وهي عملية يرجح ان تستغرق في الحد الادنى ستة أشهر، ولن تكون نتائجها مضمونة، إلا إذا حصل الانقلاب السياسي في رئاسة الجمهورية وظهر الرئيس المقبل من خارج نوادي السلطة ومرابعها التقليدية.

هذا الاسبوع سيشهد بداية الاعتراف الواجب بالهزيمة، أو على الاقل بان الانتخابات كانت نكسة فعلية في مسار البحث عن حلول للازمة، جرى تمويهها بالتفاؤل المفرط في الاختراقات المفاجئة، والمتواضعة التي حققها مرشحو التغيير، والتي كانت أكبر بكثير من التوقعات السابقة ليوم الاقتراع، لكنها أقل بكثير من أن تحدث فارقاً ملموساً..عدا نيل وسام شرف المحاولة، المحكومة في النهاية بالفشل، حسب ابسط تقدير لموازين القوى المحلية.

في البدء، لا بد من القول أن الغالبية الانتخابية اللبنانية لم تصوت تحت وطأة الازمة المدمِّرة، بل هي لم تعبر عن الاعتراض او حتى التذمر من الانهيار الاقتصادي والمالي، بل سجلت اندماجها الحماسي في الصراعات اللاسياسية بين أهل السلطة، من دون أن تشعر أنها مدعوة أو معنية بمعاقبة أحد منهم، أو بمحاسبته. كان المنبوذون الوحيدون في هذه الدورة الانتخابية، هم بعض أبرز حلفاء سوريا الاسد، الذين أدمنوا النبذ أصلاً، وكانوا بمثابة فلول نسيهم الجيش السوري عندما إنسحب من لبنان قبل 17 سنة.

نتيجة الانتخابات كانت مخيبة، وهي ستظل محبطة طوال السنوات الاربع المقبلة، مهما كانت جهود التغييريين صاخبة: لم يكن تراجع التيار العوني بالقدر المتوقع ، ولا كان تقدم القوات اللبنانية بالقدر المرتقب، ولا كان تماسك التمثيل الشيعي محسوباً، ولا أيضا تفتت التمثيل السني، ولا طبعاً صمود التمثيل الدرزي. وهو ما يعني بالضرورة ان الكلام السابق للانتخابات عن المأزق الوطني، وهمي، وبلا أي اساس. القوى الحاكمة ما زالت في مواقعها بتعديلات طفيفة، لا تقدم ولا تؤثر في المشهد الوطني العام، الذي يبدو فوز نواب التغيير ال13 أشبه بصدى للهجمات العفوية التي شنها الثوار في الماضي على رموز السلطة لدى ظهورهم في الاماكن العامة. وهو ما لن يتكرر على الارجح.

البلد في مأزق فعلي، عمقته نتيجة الانتخابات، وستزيده عمقاً المعارك السياسية المقبلة بين رموز السلطة، الذين لم تتح لهم صناديق الاقتراع تصفية الحسابات الكاملة في ما بينهم.. وسيلجأون مجدداً الى اسلحتهم التقليدية الفتاكة، التي تضمن إحتفاظهم بعامة اللبنانيين رهائن بأيديهم. وحرب الدولار التي إشتعلت الاسبوع الماضي وأحرقت مستوى المعيشة لغالبية المواطنين، لم تكن سوى مثالٍ بسيطٍ لما يمكن ان يكون عليه القتال في الاشهر الستة المقبلة.

وللتذكير فقط بأن الانتخابات كانت مجرد إستراحة محاربين لا يتورعون عن إستخدام أشد أنواع الاسلحة المحرمة فتكاً، وقد حصلوا جميعاً، على تفويض جديد بمواصلة السعي حتى تحطيم وتشويه بعضهم البعض مهما كلف الامر من خسائر واضرار ومخاطر على البلد.. هي في الاصل ليست منظورة لدى جميع الذين زحفوا الى صناديق الاقتراع للتصويت لهم، وكأن شيئا لم يكن من الازمة ومصادرها ومسبباتها.

إعتبارا من هذا الاسبوع سيتجدد الاستنتاج أن البلد، أو أكثر من نصفه، يحتمل الازمة، ويستعد للتعايش معها لأكثر من ستة أشهر، ويتأهب لتقديم المزيد من التضحيات لكي يصفي الخصوم السياسيين، الذين مدد لهم ناخبوهم بلا تردد ولا تفكير، إستناداً فقط الى الرغبة السادية بأن يعرفوا من سيصرخ أولاً ، ومن سيرفع الاعلام البيضاء، في نهاية المعركة المستمرة منذ إختتام الحرب الاهلية، قبل 32 عاماً.. والمرشحة للإستمرار أكثر بكثير من السنوات الاربع المقبلة من ولاية المجلس النيابي الحالي، التي سيكون النواب ال13 علامتها الوحيدة المشرقة.  

     

  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها