الأحد 2022/05/22

آخر تحديث: 20:43 (بيروت)

السلاح والزواج المدني..كخدعة انتخابية فاضحة

الأحد 2022/05/22
السلاح والزواج المدني..كخدعة انتخابية فاضحة
© Getty
increase حجم الخط decrease

ما بين الزواج المدني (والمثلي)، وبين نزع سلاح حزب الله، ثمة خيط رفيع، يربط بين رموز وشعارات المعركة الانتخابية التي إنتهت للتو، ويحيلها الى جدول أعمال سياسي وهمي، يفقد نتائج الانتخابات بعضاً من الجدية التي إتسمت بها، ويعطل جهود تحويل لبنان الى بلد طبيعي، بدلاً من أن يظل سيركاً بمهرجين كثر.

هذان الشعاران بالذات، هما ما بقي من أسلحة المعركة، وما يمكن ان يصبح ذريعة للمزيد من المعارك السياسية المقبلة، بين المسلمين المدعوين الى الجهر بتوجهاتهم الدينية-الاجتماعية، وبالتالي الكشف عن صدق إيمانهم بالتقرب من العلمنة، وبين المسيحيين  المدعوين الى الافصاح عن هوياتهم السياسية، التي بات يختزلها الموقف من سلاح حزب الله تحديداً.

المعركة بهذه الاسلحة كانت مفتعلة الى حد بعيد، بل لعلها كانت مخادعة. ولا حاجة الى القول ان لبنان مهدد اليوم بما هو أكثر بكثير من الخلاف القديم حول الزواج المدني الاختياري وحقوق المثليين، وبما هو أخطر بكثير من سلاح حزب الله الذي لم يظهر في الانتخابات أصلاً، مثلما ظهر مثلاً في التحولات الاخيرة التي تشهدها جبهات الحرب السورية.

لكن طبيعة المعركة ودينامياتها فرضت هذا القدر من الافتعال، الذي يموه إشكاليات حقيقية في التخاطب بين المسلمين أنفسهم، لا سيما السنة منهم، بإعتبار أنهم كانوا تحت المجهر أكثر من بقية الطوائف، برغم أن مؤسستهم الدينية هي الاقل حضوراً وتأثيراً في اللعبة السياسية المحلية، وبرغم أن خيارهم الانتخابي، في بيروت خاصة، كان متقدماً جداً جداً على خيارات الطوائف الاخرى كافة. وهم اليوم، للاسف الشديد، يمكن ان يقعوا أسرى سجال حول الزواج المدني..هو آخر ما يعرقل انتفاضتهم الانتخابية الاخيرة على زعاماتهم السياسية التقليدية على إختلافها.

مثل هذه الانتفاضة لا يمكن أن يحلم الشيعة بمثلها ضد زعاماتهم التقليدية الراهنة، قبل مرور دروتين او ثلاث دورات انتخابية مقبلة، إذا ما صمدت وتطورت بعض الظواهر الواعدة في البيئة الشيعية، وإذا ما أعيد سلاح حزب الله، الى حجمه ودوره، اللذين لا يستويان مع تضخم وظائفه واستثماراته السياسية، وتوسعها خارج الحدود اللبنانية، لاسيما في سوريا.. الذي لم يؤتَ على ذكره أبداً في المعركة الانتخابية الاخيرة.

ما يخفف من وطأة الجدل المستمر حول الزواج المدني ونزع سلاح حزب الله، هو أن أحداً من الكتل او النواب لن يجرؤ على تحويلهما الى مشاريع قوانين او قرارات في البرلمان الجديد. لاسيما ما يتعلق بسلاح الحزب الذي أجمع حلف شمال الاطلسي نفسه على الحاجة الى استبداله بسلاح الدولة اللبنانية وحدها، لكنه لم يفلح، لاسباب داخلية وخارجية لا يمكن تجاوزها، وترك الامر للبنانيين لكي يتدبروا أمورهم بأنفسهم.  

 الضرر الحاصل حتى الآن من ذلك الاشتباك المزدوج حول الزواج المدني وسلاح حزب الله، لا يعوض، حتى ولو كانت التحديات المطروحة على المشرّعين اللبنانيين الجدد، تدور الآن حول مسائل الخلافة والوراثة في الرئاسات الثلاث معا، التي أصابتها سهام الانتخابات الاخيرة بجروح لا تندمل. وهي نتيجة طبيعية، وضرورية للمعركة الانتخابية، لكنها لا يمكن ان تصبح مخرجاً من مواجهة القضايا المصيرية الأكثر إلحاحاً، مثل توفير الغذاء والدواء والكهرباء والنفط للبنانيين، من دون أي تأخير.

تصريف الاعمال في الشهور الثلاثة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية، في مطلع أيلول المقبل، لن يفسح المجال لأحد في البلد بأن يتلهى بالاعضاء التناسلية للبنانيين واللبنانيات، ولا بالأسلحة الحربية المتوافرة لدى فريق منه..لأن الخطيئة ستكون واحدة، مهما كان شكل التزاوج، المدني والعسكري.                  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها