الخميس 2022/05/19

آخر تحديث: 17:42 (بيروت)

أوهام واشنطن والضاحية:شللُ ما بعد الانتخابات!

الخميس 2022/05/19
أوهام واشنطن والضاحية:شللُ ما بعد الانتخابات!
© Getty
increase حجم الخط decrease

عندما يتوافق المعاون السابق لوزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط، والسفير السابق في لبنان ديفيد هيل، ضمناً، مع "حزب الله" على فكرة ان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ستؤدي الى شلل الدولة اللبنانية ومؤسساتها، يصبح الشبه لافتاً بين الضاحية وبين واشنطن، والخطر مزدوجاً على البلد، الذي يصارع اليوم للحفاظ على  ما أفرزته صناديق الاقتراع من مؤشرات واعدة.

وللتوضيح، لا بد من الاشارة أولاً الى ان هيل هو، بلا أدنى شك، أكثر جدية وأشد دراية بالشأن اللبناني من الدبلوماسي السابق ديفيد شنكر، الذي حوّله الفراغ الاميركي الى نجم "تلفزيون الواقع" في لبنان..وبالتالي فإن ما ذهب اليه هيل، في تقريره الاخير المنشور قبل يومين على موقع "مركز ويلسون"، عن أن حزب الله لم يخسر الانتخابات وما زال قادراً على شل الدولة اللبنانية، يستدعي تصويباً من الحزب نفسه، أوضح من ذلك الذي أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله، في خطابه مساء الاربعاء، عندما قال أنه لم تعد أكثرية للحزب، ولا لأحد في البرلمان الجديد.

لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن "الشلل"الذي يتوقعه هيل ويخشاه الحزب نفسه فور معرفته بنتائج فرز الاصوات، باتت رائجة وثابتة أكثر من الحقائق الاخرى التي أفرزتها صناديق الاقتراع، برغم أنها تدخل، كما يبدو، في باب التمنيات، لا في باب المخاوف والمخاطر الفعلية، في بلد كانت مراحل شلله، ولا تزال أطول بكثير من مراحل الحراك، او حتى العرَج والسير الدؤوب على حافة السقوط.

الشلل، إذا حصل، كما يتوقع هيل ويخشى الحزب، لن يكون جديداً ولا مفاجئاً بالنظر الى السنوات الثلاث الماضية وما شهدته، ولا تزال، من سباق مع الزمن حول سبل تفادي الارتطام الأخير.. الذي يكاد يصبح من مسلمات اللبنانيين جميعاً ، من دون استثناء. وما كانت الانتخابات الاخيرة سوى حجر عثرة في ذلك السباق البائس، أحيت الأمل بأن لبنان "المشلول أصلا"، ليس محكوماً بالموت. والنتائج نفسها لمن يدقق بها، تقدم أدلة كافية على ذلك الاستنتاج، ووعوداً صادقة بتغيير المسار اللبناني المدمِّر ولو ببطء شديد.

قراءة النتائج، بتسرع، توحي طبعا، بأن لبنان مقبل على معارك سياسية طاحنة على إعادة تشكيل السلطة والرئاسات الثلاث. وهي معارك تترقبها غالبية اللبنانيين، وترجو احتدامها فعلا، ليس فقط لأنها من علامات الحياة في لبنان، بل لأنها أيضا من علامات النهاية لطبقة سياسية هدّامة.. وربما أيضا من بشارات الاصلاح المنشود للنظام اللبناني العليل، لاسيما مع تمكن قوى التغيير من اقتحام المشهد السياسي عنوة، في واحدة من أهم مفاجآت الحياة السياسية اللبنانية منذ اتفاق الطائف في ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم.

الصراع على الرئاسات الثلاث دليل عافية. وهو يمكن، بل يرجح أن يكون تمهيداً لتبديل جذري في الاسماء والرموز والانتماءات. واذا ما بقي أحد من الرؤساء الثلاثة في منصبه بعد إنتهاء ولايته او تكليفه، وهذا مستبعد أصلاً، فإنه سيكون في موقع ضعف استثنائي، وفي موقع تصريف الاعمال حتى 31 تشرين الاول /اكتوبر المقبل، عندما يكون لبنان قد خاض معركة رئاسية جدية هذه المرة، حسب ما تفرضه نتائج الانتخابات النيابية التي أسقطت مرشحَين لرئاسة الجمهورية، أو حتى أكثر، وجعلت البحث عن مرشحين للمنصب من خارج "الصندوق" إلزامياً. والاسماء السياسية والاقتصادية معروفة ومحددة وجاهزة..ولا تستدعي اللجوء الى الخيار العسكري الاخير، بوصفه خياراً وحيداً.

أمام قوى التغيير، باعتبارها كتلة مانعة، ما زالت في مرحلة التشكل الاولى، فرصة تأجيج هذا الصراع السياسي داخل السلطة، حسب مشيئة الناخبين الذين رفضوا منح الاكثرية المطلقة لأحد، لكنهم أصابوا جميع أهل السلطة بجروح موجعة، تمنع تحويل الشلل الوطني الى قدرٍ مقيم..حسب التوقعات الصادرة من واشنطن ومن الضاحية على حد سواء.  

 

 

 

   

   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها