الأحد 2022/12/18

آخر تحديث: 07:39 (بيروت)

الاهتمام الاميركي بلبنان..يفيد نتنياهو

الأحد 2022/12/18
الاهتمام الاميركي بلبنان..يفيد نتنياهو
increase حجم الخط decrease

اثارت عودة لبنان الى دائرة الاهتمام الإعلامي والسياسي في أميركا المخاوف من أن تكون مقدمة لخطوات تصعيدية يمكن لبنيامين نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفًا التي تستعد لتسلم مقاليد الأمور إستغلالها ميدانيًا لزيادة الإرباك والفوضى في ظل الفراغ الدستوري "المقنّع" والإنقسام السياسي الداخلي الحاد والأزمة المعيشية والإقتصادية الطاحنة التي تعمق الهاوية التي رمته فيها الطبقة السياسية.

ثلاثة عناوين دفعت لبنان مجددًا الى الواجهة الإعلامية، الإعتداء على قوات اليونيفيل ومقتل جندي ايرلندي من قوات حفظ السلام الدولية، تهديدات إسرائيل بقصف مطار بيروت الدولي، ورسالة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ المطالبة بوضع اطار لعقوبات على لبنان لإجبار الطبقة السياسية على انتخاب رئيس جديدة والشروع في الإصلاحات المالية والإقتصادية. واذا كان الإعتداء على اليونيفيل "حدثاً محلياً" حظي بتغطية واسعة النطاق في الإعلام الأميركي وكان مناسبة للحديث عن أوضاع لبنان العامة، بعد خفوت طويل لم يخرقه سوى التوصل الى اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن مصدر العنوانين الآخرين، تل أبيب وواشنطن، يشير الى ما هو أبعد من حدث آني وينذر بعواقب سياسية وعسكرية. 

اللافت في التهديد الإسرائيلي أنه ورد أولًا، في الثاني عشر من الشهر الجاري، في تقرير مطوّل لإريك ستاكلبيك مراسل شبكة" ترينيتي" التلفزيونية الدينية (TBN) ذات النفوذ الواسع في أوساط المسيحيين التبشيريين، ثم في تقرير مماثل لشبكة (CBN) الدينية التابعة لكنيسة القس المعروف بولائه لإسرائيل بات روبرتسون، قبل أن تتناوله وسائل الإعلام الأخرى (ومنها الصحف الإسرائيلية)، وينسب الى مصادر في أجهزة الأمن الإسرائيلية قولها انها قلقة من "محاولات ايران تهريب أسلحة الى حزب الله عبر مطار بيروت الدولي من خلال رحلات مدنية لشركة "معراج" الإيرانية بعد قصف الطيران الإسرائيلي لمطاري دمشق وحلب الدوليين! وأن إسرائيل حذرت لبنان من أن مطار بيروت سيصبح هدفًا، لكنه لم يوضح كيف تم ارسال التحذير.

في واشنطن وجه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي بوب مانينديز والرئيس الرديف السيناتور الجمهوري جيم ريتش الى وزير الخارجية انتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين رسالة مفصلة طالبا فيها إدارة الرئيس جوزيف بايدن فرض عقوبات على النخب السياسية والإقتصادية اللبنانية المتورطة بالفسادـ على نسق الإطار الذي وضعه الإتحاد الأوروبي وبالتنسيق الكامل معه. وإذ جددت الرسالة تأييدها للعقوبات المفروضة على جبران باسيل وجهاد العرب وداني خوري وجميل السيد، دعت الى عقوبات إضافية على من يسعون لتقويض سيادة لبنان ومؤسساته وسلطة القانون.

وأعربت الرسالة عن تخوفها من أن يتم هدر أي مردود مالي ينتج عن اتفاق الترسيم البحري ومن عدم استخدامه لمصلحة الشعب، واتهمت حزب الله وحركة أمل (الرئيس نبيه بري بالإسم) بعرقلة انتخاب رئيس جديد من خلال تطيير النصاب والالاعيب الشكلية، كما اتهمتهم بعرقلة التحقيق في انفجار المرفأ والتحقيق في اغتيال لقمان سليم ورفض تطبيق قانون "الكابيتال كونترول" واصلاحات صندوق النقد الدولي، وعرقلة وظائف الدولة الأساسية. وحثت الإدارة على عدم الإكتفاء بالإنتظار لأن لبنان يعيش أسوأ أوضاع تمر عليه خلال 150 سنة. وعلى دعم الجيش وقوى الأمن الداخلي.

الرابط بين الإعتداء والتهديد والرسالة هو عودة نتنياهو الى السلطة، والخشية من أن تلك العودة ستجلب معها زخمًا للتطرف الذي تنضح به حكومته المستعدة للمغامرة والتصعيد من أجل التمسك بالسلطة عبر "استدرار" المخاطر لتظهر وكأنها الأقدر على المواجهة والعنف، وهي لعبة ليست جديدة على نتنياهو الذي لن يجد ضيرًا في التخلي عن اتفاق الترسيم، الذي عارضه بشدة ولا يزال، والذي برهن أكثر من مرة أن أية اتفاقية تعقدها إسرائيل لا قيمة لها اذا لم تناسبه انتخابيًا، بالإضافة الى عدم حرصه على مشاعر إدارة بايدن التي لا يعتبرها "حليفة" بشكل كافٍ، وهذا ما ظهر من كلامه في مقابلة تلفزيونية قال فيها أن إسرائيل قامت بهجمات لم تبلغ عنها أميركا خشية "تسريب أخبارها أو التأثير عليها"، وهو في ذلك يستند الى دعم الكونغرس الثابت والمؤكد، وصداقة مانينديز نفسه الذي يمثل ولاية نيوجيرسي التي  للنفوذ الصهيوني فيها كبير الأثر.

لا يترك نتنياهو أي مجال للشك بقدرته التخريبية، وليس في سجله الطويل ما يوحي بأنه يقدم أية مصلحة على شبقه للسلطة، وفي ظل قدرته المحققة على تحدي أية إدارة أميركية في عقر دارها، كما فعل أيام باراك أوباما والقى أمام الكونغرس (وبهمة أعضائه من الحزبين) كلمة رفض فيها سياسة الإدارة على بعد خطوات من البيت الأبيض، يصبح الحذر واجبًا والقلق مشروعًا.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها