الأحد 2022/11/27

آخر تحديث: 07:33 (بيروت)

المخلب التركي يربك واشنطن

الأحد 2022/11/27
المخلب التركي يربك واشنطن
increase حجم الخط decrease

حظيت العملية العسكرية التركية ضد الفصائل الكردية في شمال شرق سوريا والتي تطلق عليها انقرة اسم "المخلب- السيف" باهتمام واسع في العاصمة الأميركية التي بدا التناقض واضحًا فيها بين تحفظ رسمي ملفت وبين اهتمام اعلامي واسع واكب العملية اخباريًا وتحليليًا وركز على مصير القوات الكردية المتحالفة مع أميركا ومستقبل دورها في مكافحة تنظيم "داعش" اذا نفذت تركيا هجومها البري لإنشاء شريط حدودي بعمق ثلاثين كيلومترًا كما اعلن رئيسها رجب طيب اردوغان (راجع المدن).

وفي حين تقارب الإدارة الأميركية التطورات بتحفظ، وأكتفت ببيانين مقتضبين صدرا عن وزارة الخارجية الأسبوع الماضي يعربان عن قلق واشنطن العميق من التطورات ويدعوان الى التخفيف من التصعيد والعنف من اجل حماية المدنيين ودعم الهدف المشترك المتمثل في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وأعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي عن قلقه من أن يؤدي الهجوم التركي الى الحد من قدرة "قسد" على مواجهة "داعش"، تشير التقارير الإعلامية الى أن مسؤولي الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي يجرون اتصالات مكثفة على أكثر من مستوى لإبقاء الوضع تحت السيطرة وعدم احداث تغييرات ميدانية تقلب الوضع القائم.

لم تتفق وسائل الإعلام الأميركية التي تابعت الموقف على مقاربة تحليلية متناسقة، وتراوحت تقديراتها بين قدرة واشنطن على ضبط الأوضاع وبين عدم قدرتها على التأثير على تركيا، مع انها أجمعت على التشكيك في مسؤولية الفصائل الكردية السورية عن انفجار إسطنبول الذي أودى بحياة ستة اشخاص وجرح 80 آخرين في الثالث عشر من هذا الشهر، وعلى مسارعة اردوغان الى التذرع به لتنفيذ حملته العسكرية الواسعة التي كانت مخططة في أواسط الشهر الماضي وتمكنت المساعي الأميركية من منعها في حينه. 

وقال موقع "بوليتيكو" في تحليل مطوّل ان الانفجار وفّر لأردوغان ذريعة للتوغل في عمق الشمال السوري كما كان يريد منذ وقت طويل، ونقل عن الخبير في معهد الشرق الأوسط والأستاذ في جامعة سان لورانس هاورد ايسنستات قوله أن "الموقف الآن يناسب فرضية تركيا حول مصالحها الأمنية في سوريا، وحاجة اردوغان نفسه للظهور قويًا عشية الانتخابات المقررة الصيف المقبل، وقدرة أميركا وروسيا على التأثير محدودة ولن تكون كافية لوقف العملية". وتوقع التحليل أن لا تقاوم واشنطن بحزم العملية التركية، "لأنها تحتاج الى موافقة انقرة على انضمام السويد وفنلندا الى حلف الناتو"، فيما تريد موسكو تعزيز موقع اردوغان على أمل قبوله ببشار الأسد كحاكم شرعي لسوريا مما يساعد في انهاء ما تبقى من الحرب، وهذا السيناريو سيعني انهما ستقفان جانبًا بينما تقوم تركيا بقتل المزيد من الأكراد، حلفاء أميركا".

وأورد الاعلام الأميركي اخبار القصف التركي القريب من المواقع الأميركية في قاعدة "شاموكا" عقب دعوة البنتاغون الى تخفيف التصعيد، وتزامن ذلك مع هجوم صاروخي على القاعدة الأميركية "غرين فيلج" في منطقة الشدادي ليل الجمعة حيث اطلقت قذيفتان لم تؤديا الى إصابات او اضرار، وقد ادان البنتاغون الهجوم وقال الناطق باسم القيادة المركزية العقيد جو بوتشينو أن هجمات من هذا النوع تعرض المدنيين وقوات التحالف للخطر و"تقوض الاستقرار والأمن الذي تم التوصل اليهما بعناء شديد في المنطقة". وكانت القاعدة نفسها تعرضت لهجوم بأربعة صواريخ في التاسع عشر من الشهر الماضي.

وفي حين ابرزت التقارير الاتهام التركي للقوات الأميركية بالتواطؤ مع منفذي الإنفجارـ لأن أميركا شريكة عسكرية للفصائل الكردية على حد تعبير وزير الداخلية سليمان صويلو الذي اعتبر التنديد الأميركي بالتفجير كـ "القاتل الذي يكون اول العائدين الى ساحة الجريمة"، افردت مساحة جيدة لقائد "قسد" الجنرال مظلوم عبدي الذي أجريت معه مقابلات عدة دعا فيها الرئيس جو بايدن لوقف الهجوم التركي معتبرًا ان الولايات المتحدة لا تقوم بكل ما يمكنها لمنع اردوغان من تنفيذ تهديداته مذكرًا بأن بايدن تعهد اثناء حملته الانتخابية بعدم التخلي عن الاكراد كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب! وقال ان مسؤولية واشنطن الأخلاقية والإنسانية حماية المدن والعائلات الكردية التي قدمت 12 الف شهيد لمواجهة "داعش" في سوريا. 

بين الإدارة المحرجة بحاجتها الى تركيا في أولوية الملف الأوكراني، وبين الإعلام المتوجس من التخلي عن الاكراد بعد سنوات تحالفهم الوثيق مع اميركا، يتابع الأميركيون وقائع أزمة متجددة تتداخل فيها عناصر التشويش التي تزيد منها المشاحنات الحزبية التي لم تعد تقف عند الشاطئ كما كانت في السابق عندما كان للإدارة اليد الطولى في تقرير السياسة الخارجية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها