الجمعة 2022/11/11

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

الاستيطان لم يعد يكفي

الجمعة 2022/11/11
الاستيطان لم يعد يكفي
increase حجم الخط decrease

من الواضح اليوم في طبيعة نقاشات السياسة الاسرائيلية أننا أمام تحول أكبر من فوز حزب أو طرف ايديولوجي وخسارة آخر. هناك شريحة واسعة في الداخل الإسرائيلي، تشعر بتهديد وجودي يتطلب تحركاً من نوع آخر، على مستوى طبيعة الائتلافات والارتقاء فوق خلافات تقليدية في الرؤية والسياسة، وكذلك لجهة استخدام أدوات مختلفة، مثل التظاهر ونشاطات احتجاجية.

كما بالإمكان القول إن طبيعة هذه الاحتجاجات باتت أكثر الحاحاً نظراً لنوعية التهديد الذي تراه هذه القوى أكانت على اليسار أو الوسط، أو في الجاليات اليهودية الليبيرالية واليسارية في الولايات المتحدة وأوروبا. ذاك أن الانقسامات الحادة في المجتمعات الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة، حيال صعود القوى الشعبوية وخطابها العنصري، تجد نظيراً لها في إسرائيل، أكان مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهو حليف وصديق للرئيس السابق دونالد ترامب، أو مع صعود نجم الزعيم اليميني الإسرائيلي إيتمار بن غفير. نشوء قوى وشبكات معادية لليمين الإسرائيلي، مثل لوبي "جاي ستريت" في الولايات المتحدة مثلاً، والذي حقق نسبة نجاح جيدة في الانتخابات النصفية الأخيرة مع فوز جيل جديد من الأعضاء اليهود في الكونغرس. بن صموئيل يُحدد في "هآرتس"، مجموعة أعضاء يهود جدد في الكونغرس الأميركي وفيهم أسماء قريبة من "جاي ستريت"، بما يشي بتحول في السياسة الأميركية.

وما يُخطط له نتنياهو من تعديل سريع في القضاء، لجهة منح الكنيست (البرلمان) القدرة على تجاوز قرارات المحكمة العليا في إسرائيل، سيُساعد في تعزيز هذا التوجه، داخلياً في إسرائيل، وخارجها كذلك. بيد أن تعزيز دور المستوطنين والتحدث عن تسليحهم، والدور المتصاعد للمتدينين الذين كانوا حتى وقت قريب على هامش السياسة الداخلية الإسرائيلية، جميعها عوامل ستُنتج المزيد من الانقسام الداخلي. 

والخطر الأكبر هنا على ارتباط بتسليح مجتمعي للاعتداء بشكل أوسع على الفلسطينيين وعلى رأسهم عرب 48. مثل هذا الخطر بات يُتداول على ألسنة المعنيين بهذا الصراع، بما أن التهجير هدف رئيسي لمجموعة مهمة من الائتلاف الحاكم، وبات الاستيطان وحده لا يكفي لقلب الموازين.

طبعاً، المشكلة الأساس هنا على ارتباط بالموقف الدولي والإقليمي، وهو بات نقدياً الى حد ما مع صعود بن غفير والحديث عن توليه أو أحد حلفائه وزارة الأمن الداخلي. إلا أن الأخير بات يتحدث بلغة مختلفة، ومواربة عن التهجير لتجنب التداعيات المحتملة داخلياً وخارجياً، فصار يطلب طرد المتورطين في أعمال العنف فحسب. في خطابه المقبل في حفل تكريمي للحاخام المتطرف مائير كاهانا، والذي نشرت الصحف الإسرائيلية مقتطفات منه، تحدث عن طرد "الإرهابيين من إسرائيل من أجل الطبيعة اليهودية لإسرائيل، ومن أجل الاستيطان، ومن أجل الهوية اليهودية". وحدد فئة واسعة من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهي "من يلقي الحجارة والقنابل على جنودنا ورجال الشرطة، وعلينا السماح لهم بالرد ... واذا كانت عائلة تخشى المشي إلى الجدار الغربي لأن الأمر خطر، فهذا يجب أن ينتهي".

التعريف الواسع للإرهابيين المطلوب إخراجهم، يعني غالباً عملية طرد بعد صدامات وأعمال شغب. لكن من المحتمل أيضاً أن تكون محاولات فاشلة وفاضحة، وتُنتج رد فعل مقابل أكثر قوة وتصميماً. يبقى السؤال هنا عن الدور الفلسطيني أكان في الضفة أو في الداخل الإسرائيلي نفسه، وعمّا اذا بالإمكان إيجاد قاعدة تحالفات أوسع وأشمل وأكثر انفتاحاً، لتحقيق نتيجة مختلفة عما رأيناه خلال العقود الماضية. ذلك أن من الصعب الوصول الى نتيجة مختلفة بالوسائل والطرق والأدوات ذاتها، ومن الضروري اليوم عدم تفويت أي فرصة سانحة لتحقيق خرق في الجدار الذي لا ينفك يعلو ويلتف حول الفلسطينيين.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها