الجمعة 2022/01/07

آخر تحديث: 06:12 (بيروت)

في أسباب الصدام مع اليونيفيل

الجمعة 2022/01/07
في أسباب الصدام مع اليونيفيل
increase حجم الخط decrease

لا تبدو المواجهة مع قوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، منعزلة عن سياق المنسوب الحالي للتوتر بين "حزب الله" واسرائيل. في صلب الحملة على اليونيفيل، ادعاء أنها بدلت من مهامها، أو لا تصطحب معها الجيش اللبناني في دوريات، إلا أن هذه القوة الدولية كمعظم قوات حفظ السلام في العالم، تلتزم أدواراً محدودة ولا تُقدم على مغامرات عسكرية. 

بالفعل، يُنتقد أداء قوات حفظ السلام دولياً لعجزها عن وقف جرائم حرب، أو فشلها في الحؤول دون وقوع مواجهات بين الأطراف المتنازعة. لا تنخرط هذه القوات إلى جانب طرف في أحد النزاعات. لهذا من الصعب أخذ رواية تبديل صلاحياتها أو مهامها المعتادة على محمل الجد لفهم حادثي اليونيفيل. هي ليست قوة مقاتلة، ومن الصعب أن تُقدم على تصعيد خارج المعتاد. 

لكن ما حصل بين "حزب الله" واليونيفيل الثلثاء الماضي في بنت جبيل وقبلها في شقرا في 22 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، يُؤشر الى مرحلة جديدة من التوتر. بحسب رواية القوة الدولية، في الحالتين، وقبل وصولها الى موقع الدورية، هاجمت مجموعة مدنية مُنظمة دورية لليونيفيل، وخرّبت آلياتها وأخذت منها بعض الوثائق أو الأوراق الثبوتية. 

بين الروايات المتداولة، أن دورية اليونيفيل كانت تُصور. لكن القوة تنفي الاتهامات الموجهة لها بالتصوير وتدعي أن الجانب الآخر، أي "المدنيين"، يلتقط صور دورياتها. لكن هل فعلاً بالإمكان استبعاد لجوء اليونيفيل الى التجسس؟ من الصعب ذلك، على المستويين، الأممي، والأوروبي المكون لهذه القوة. من مهام هذه القوة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، المساعدة في "اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلّحة" ومساعدة الحكومة اللبنانية، بناء على طلبها، في "تأمين حدودها وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة إلى لبنان دون موافقته".

مثل هذه المهمات تتطلب نشاطاً أمنياً مرافقاً للعمل العسكري، ولو كان محدوداً. وغياب الجيش اللبناني عن الصورة بشكل متزايد، يُتيح مساحات جديدة لقوة كانت تشعر بأنها مُقيدة، وتتعرض بشكل دوري للانتقاد من الجانبين الأميركي والإسرائيلي.


ومن جوانب هذه الأزمة أيضاً أن الجيش اللبناني الذي كان يحول دون صدام أو حساسيات، يخرج من المعادلة تدريجياً نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية. لم يعد يملك القدرات اللوجستية ذاتها لمرافقة دوريات القوات الدولية في دورياتها جنوب لبنان، وهو يُفضل بذل المجهود في مواقع أو مهمات أخرى. وبالتالي، تتلاشى صلة الوصل الضرورية، ويزداد احتمال وقوع احتكاكات كان يحول التنسيق على الجانب اللبناني من المهمة، دون وقوعها.

واحتمال التصعيد العسكري، أيضاً من العوامل المؤثرة. ذاك أن "حزب الله" وحلفاءه من حملة السلاح، لم يعد يرى النشاط المعتاد لليونيفيل في الجنوب، مناسباً لحجم الحركة المطلوبة في هذه المرحلة، وربما بات يُحاول تحريرها من أي عقبات. حدثا انفجار مخزن سلاح لحركة "حماس" واسقاط الجانب الاسرائيلي الطائرة المسيّرة القادمة من لبنان، مثّلا مؤشرين الى نشاط غير عادي جنوباً. وهذا يتطلب مساحة حركة لا تتوافق مع قوات دولية باتت تُنظم دورياتها من دون الشريك المحلي.

أسباب الصدام مع اليونيفيل تتقاطع بين الانهيار وأثره على الدولة، والتوترات الإقليمية. لكن العامل الأهم هنا هو وهن الدولة ومؤسساتها، إذ يفتح تراجعها الأخير أبواباً كانت مُوصدة، وتُخفي وراءها مخاطر كان بالإمكان تجنبها، لكنها صارت اليوم تتراكم من دون أي مكابح.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها