الخميس 2022/01/13

آخر تحديث: 14:53 (بيروت)

عن إيران..التي تترك حلفاءها في الظل

الخميس 2022/01/13
عن إيران..التي تترك حلفاءها في الظل
increase حجم الخط decrease

بدا لقاء "المعارضة في الجزيرة العربية" في الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس الأربعاء، الذي تحفظ مُنظمه،"حزب الله"، في تغطيته، كأنه هامش بسيط، غير مرئي، كتَم قيده السعودي، لكنه لم يخفِ وجهة خطابه العدائي، وطاف من "شبه الجزيرة العربية"، لكي يتفادى تقديم حزبٍ أو تنظيمٍ أو تيارٍ من "الجزيرة العربية".. أو ربما لكي لا يتسبب بالمزيد من الإستفزاز والتحدي للبنانيين الذين يستعدون للخروج الى حرب التحرير من "الاحتلال الايراني".

لم يكن الجو اللبناني الملبد بالأزمات هو السبب في حصر اللقاء في حيز ضيق، قد لا يستدعي من الخصوم اللبنانيين لحزب الله، سوى العمل على إختبار توازن الدولة اللبنانية وتاريخ لبنان وذاكرته ووظيفته السياسية، بتنظيم لقاء لأحد تنظيمات المعارضة الايرانية، حتى ولو كان حزب "توده" الشيوعي الايراني، وهو أحد أكبر الاحزاب الشيوعية السرية في العالم،  في إحدى الضواحي الشرقية او الشمالية لبيروت.

وهكذا فقط، يمكن أن تنفذ وصية-شريعة العلاّمة الكبير والعالِم الجليل، أبو نواس، في قوله الخالد: "خيرُ هذا بشرِّ ذا / فإذا الله قد عفا / فلقد فاز من محا / وذا بِذا عنه واكتفى /.. لأن الكأس قد إمتلأ وفاض، ولم يعد يتسع لمعارض لبناني أو سعودي أو جزيري أو إيراني، يمكن أن يدعي دوراً ليس له ولا هو بمقدوره.

الصراع في فيينا، لا في بيروت المكتومة الانفاس، المفتقدة لفتاوى النواسي وروائعه. وكل ما يجري في ضواحيها الجنوبية وما يمكن أن يجري في ضواحيها الشمالية أو الشرقية، ليس أكثر من صدى خافت لذلك المنعطف الحاد الذي تشهده مفاوضات النووي الايراني في مراحلها الاخيرة..والذي تترجمه أيضا وقائع الحرب اليمنية التي مالت في الاسابيع الاخيرة لغير مصلحة إيران وحلفائها الحوثيين.  

في فيينا، شهدت المفاوضات النووية، تغييراً في دور السعودية، التي إنتقلت من موقع المراقب من بعيد، مثلها مثل بقية الدول الخليجية والعربية، الى موقع المراقب المتنقل في كواليس التفاوض وفي الغرف الخلفية المغلقة، وأرسلت أكثر من مرة مبعوثين رسميين للقاء الوفد الاميركي والوفود الاوروبية، لتسجيل إعتراضها على العودة الى الاتفاق النووي، من دون قيود وضوابط إضافية على البرنامج وعلى السلوك الايراني في المجال العربي العام.

هذا الدور السعودي الذي إستحضره الاميركيون أخيراً الى فيينا، بات يوصف بأنه "تخريبي أو تعطيلي"، من قبل الجانب الايراني الذي يتوق الى التسوية مع أميركا ويجاهد لتحسين شروطها، ولا يريد أن يواجه أي عقبة لدى إقتراب المفاوضات من أيامها الحاسمة، التي تفترض من طهران أن تكشف أوراقها الكاملة، وتكشف الحدود الفاصلة بين المناورة وبين المساومة، على برنامجها النووي الذي بات ، لسؤ حظ القيادة الايرانية وسؤ إدارتها، يختصر مستقبل النظام وحدود طموحاته الخارجية التي كان يفترض أنها مجرد خطة دفاعية عن العمق الايراني.

ثمة أدلة ظاهرة على أن هذه الخطة بدأت تتهاوى في كل مكان توسعت فيه طهران، في السنوات السبع الماضية، أو هي على الاقل تختبر الحقائق التي لا مفر منها، سواء في اليمن أو العراق أو سوريا وصولا الى لبنان. وعليه، مدّت القيادة الايرانية مؤخراً يدها للحوار مع السعودية الذي سيستأنف قريبا في بغداد، وأبدت إستعدادها لإعادة العلاقات الدبوماسية مع الرياض، في أي وقت، وتركت حلفاءها الحوثيين يقاسون الامرّين على جبهات الحرب، وحلفائها اللبنانيين يتطرفون في ردح عالٍ النبرة، ليس له أساس ولا منطق، سواء صدر عن قيادة "حزب الله"،التي تسيء الى المعارضة السعودية بتطييفها، أو عن لقاء "المعارضة في الجزيرة العربية".

كأن إيران على حافة الاختيار بين أن تعقل وتتعقل، وبين أن تمضي قدماً في سلوك طريق التسوية والمصالحة مع محيطها العربي ومع جيرانها الاميركيين..من دون برنامج نووي متواضع أصلاً، تورطت القيادة الايرانية مع عملية تضخيمه حتى صار عبئاً على النظام والدولة والمجتمع الايراني، وخطراً مزعوماً على العالم أجمع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها