الأربعاء 2021/09/08

آخر تحديث: 07:52 (بيروت)

عودة خالد يوسف

الأربعاء 2021/09/08
عودة خالد يوسف
increase حجم الخط decrease
خالد يوسف هو مخرج الثلاثين من يونيو/حزيران، أو هكذا يحب أن ينعته خصومُه في صفوف المعارضة المصرية. يعود يوسف إلى القاهرة، بعد غياب تجاوز العامين في باريس. ليست هذه هي العودة الأولى. ففي مارس/آذار الماضي، عاد المخرج والبرلماني السابق في زيارة قصيرة، لحضور جنازة شقيقه. لكن العودة الأخيرة قبل أيام، تبدو من نوع مختلف، عودة دائمة بتسوية ما مع النظام. فيوسف يظهر مرة أخرى في شاشات التلفزيون، ويعلن تصوير فيلم جديد، سيتم العمل على بعض مشاهده في القاهرة بالإضافة إلى بيروت وباريس. وأكثر ما أثار الجدل، أو لنقُل الغضب، هي الصور التي نشرها يوسف للقائه مع عدد من الناشطين المعارضين، ودوائر اليسار على وجه التحديد، في ما بدا كمشهد استقبال احتفالي.

لاحق العار يوسف في مغادرته للقاهرة، وفي عودته إليها. الفضيحة التي فجرها تسريب شريط جنسي للمخرج الشهير، مع ممثلتين شابتين في العام 2019، كانت السبب في مغادرته المتعجلة خارج البلاد. فغير أن القضية تم تحويلها إلى النيابة العامة، فإن توقيت التسريب أشار بوضوح إلى عزم النظام على معاقبة يوسف على مواقفه السياسية. فهو عارض، بشكل علني وواضح، داخل البرلمان وخارجه، التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وبعدها اتخذ موقفاً رافضاً لتعديل الدستور، وعلى الأغلب فإن هذا الموقف على الأخص هو ما جلب عليه غضب النظام، لأنه بدا موجهاً إلى السيسي نفسه.

ومع إن هذه كلها دوافع كافية لتبرير مغادرته للبلاد، وعلى وجه السرعة، إلا أن نجاته هي جانب واحد من القصة. فالممثلتان الشابتان، منى فاروق وشيماء الحاج، اللتان ظهرتا في الفيديو المسرب، لم تُتح لهما فرصة الخروج مثله. وفيما كان يوسف في باريس مع أسرته الصغيرة آمناً، وقفت كل من الشابتين أمام النيابة العامة، وكانت الفضيحة من الاتساع بحيث دمرت حياتهما المهنية بلا رجعة على الأغلب، وصرحت واحدة منهما لاحقاً بأنها أقدمت على الانتحار، أو كادت، بسبب التبعات الفادحة للقضية على حياتها العائلية والشخصية.

حينها، تم تحميل يوسف وزرَ ما حدث للشابتين. أولاً، اتُّهم المخرج المشهور باستغلال نفوذه بشكل ضمني، أو على الأقل قيامه بتوظيف الفارق في موازين القوى بينه وبين الشابتين المبتدئتين في مجال التمثيل، لتحقيق مآرب جنسية. وثانياً، كان في نجاة يوسف السهلة، إدانة له، عند مقارنتها بما حدث لضحيتين تم التمثيل بحياتهما علناً في سبيل الانتقام منه.

أعادت رجعة يوسف الانتصارية، موجة اللوم الموجهة ضده، وأضافت إليها المزيد من المرارة. فحتى المنفى الباريسي، إن كان يصح اعتباره خسارة، تم تعويضه. يعود المخرج إلى مكتبه متباهياً محاطاً بالأصدقاء، ويعلن عبر شاشة التلفزيون مشاريع جديدة. فيلم ومسلسل، وعمل عن نصر أكتوبر، قبل أن يلقي باللوم على جماعة الإخوان، مدعياً إنها من وقف وراء الحملة ضده.

سيكون من غير المنصف، تحميل يوسف ذنب ما جرى للشابتين. يمكن لومه على خياراته السياسية، خياره أن يكون طرفاً في المنظومة الحاكمة، في المعارضة من داخلها، والمشاركة الضمنية في ما حدث بعد 30 يونيو. ربما يمكن لومه أيضاً على عودته، ووصفها بالانتهازية، لقبوله تسوية تتضمن تواطؤاً صريحاً، في مقابل العودة لممارسة نشاطه الفني في مصر. أو ربما يكون في هذا بعض التجني. لكن، ومرة أخرى، لا يمكن لومه على ما لحق بشريكتيه في الفيديو، فهذا سيكون بخساً لمأساتهما، عبر شخصنة الاتهام، وحصره في شخصه، في حين إن ما يلزم هو الإشارة بوضوح، إلى أن ما حدث لهما تقف وراءه منظومة ذكورية شاملة تتداخل مع منظومة القمع والفساد السياسيين. منظومة، في سياق مناوراتها الضحلة، وصراعاتها على إثبات النفوذ والولاء، لا ترى في النساء سوى أدوات ووسائل، والأسوأ مجرد خسائر جانبية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها