الإثنين 2021/09/20

آخر تحديث: 07:48 (بيروت)

عصا وجزرة المفاوضات مع ايران

الإثنين 2021/09/20
عصا وجزرة المفاوضات مع ايران
increase حجم الخط decrease

خلال أسبوعين، برزت تقارير عن ارتفاع مفاجئ في مبيعات النفط الإيراني (600 ألف برميل الى المليون يومياً)، وسط كلام شعبوي عن كسر الحصار والإرادة الأميركية وغير ذلك، في حين سربت مصادر أمنية غربية وإسرائيلية لصحيفة "نيويورك تايمز" أن الموساد اغتال العالم الإيراني فخري زاده بموافقة أميركية. كان هناك ضوء أخضر من واشنطن للاغتيال.

ما الرابط بين هذه الإعلانات كلها؟

أولاً، على مستوى المبيعات الإيرانية، ماذا تغير حتى تمكنت طهران من تحسين قدرتها على تصريف النفط والتغلب على جدار العقوبات الأميركية؟ المتغير الوحيد هو الإدارة الأميركية بعد فوز الرئيس جو بايدن العام الماضي على عرّاب موجة العقوبات الأخيرة، الرئيس السابق دونالد ترامب. 

ومن الواضح أن هناك تساهلاً أميركياً في ملف العقوبات، مرحلياً، سيما أن الارتفاع بالمبيعات الإيرانية حصل بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها. ولكن لماذا يحصل ذلك؟ تُريد الولايات المتحدة بعث بادرة حسن نية أولاً، وثانياً، ترغب في توسيع هامشها في الجولة المقبلة من التفاوض مع الجانب الإيراني. ذاك أن العقوبات المفرطة لإدارة الرئيس ترامب لم تترك مجالاً للضغط مستقبلاً، إذ كانت شاملة، ولم تترك أوراقاً (أو هامش مبيعات نفطية) لأي إدارة مقبلة لتُفاوض بها الجانب الإيراني. إذاً، المبيعات الإيرانية هي بعض الهامش الضروري للتفاوض، وإشارة لما ستكون عليه الأمور في حال نجاح المفاوضات وعودة طهران للاتفاق النووي.

هي عصا وجزرة في آن قبل الجولة المرتقبة للمفاوضات في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. الطرفان يُريدان الاتفاق النووي، رغم الشعارات الفارغة، وهناك مؤشرات الى أن الجولات المقبلة من التفاوض ستكون أكثر جدية، سيما بعد قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر. حتى تعيين الدبلوماسي علي باقري كني مكان عباس عراقجي ليتولى ملف التفاوض النووي مع الولايات المتحدة، هي إشارة بهذا الاتجاه، وليس عكسه. وكان باقري كني مساعداً للأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، وله ملاحظات كثيرة على طريقة ادارة المفاوضات السابقة. 

لكن هذا التعيين قد يكون مفيداً لجهة امتلاك باقري التفويض المطلوب من أعلى القيادة، لإدارة مفاوضات ناجحة. كانت تقارير إعلامية أشارت الى قرابة بين هذا المسؤول والمرشد الأعلى علي خامنئي. وفقاً لهذه التقارير، المفاوض النووي الإيراني الجديد هو شقيق كني مصباح الهدى باقري كني الذي تزوج من هدى خامنئي ابنة المرشد. يعني عملياً هو شقيق صهر المرشد.

المفاوضات الإيرانية-الأميركية تعود قريباً. وهنا يُطرح سؤال حول سبب محاولة طهران وحلفائها رسم مشهد مغاير، على أنها خرجت من المعركة منتصرة، وكسرت الحصار الأميركي وغير ذلك. وهناك من يرسم مشهداً من "الانتصارات" الدبلوماسية خلال الشهور الماضية، بدءاً من الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، وانتهاء بدخول ايران الى "منظمة شنغهاي للتعاون". من الصعب تخيل مثل هذه الخطوات خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بل جاءت بعد وفود بايدن للبيت الأبيض (منظمة شنغهاي تضم دولاً حليفة للولايات المتحدة)، في ظل رغبته في إعادة التهديد النووي الإيراني "الى الصندوق"، كما جاء على لسان مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان. لا تُريد الإدارة الأميركية أي تهديدات محتملة اليوم لنجاح المفاوضات، إذ أن هامش الوقت ضيق ليس فقط لجهة احتمال امتلاك ايران السلاح النووي أو القدرة على صنعه فحسب، بل أيضاً لأن هناك انتخابات نصفية للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) العام المقبل. كما أن هناك في الإدارة من يرى في اتفاق نووي جديد، فرصة للتغطية على الفشل بتنظيم الانسحاب من أفغانستان.

في المقابل، يحتاج الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لهذا الاتفاق لتحقيق إنجازات اقتصادية وإطلاق عهده. وما هذه الحفلات والتصريحات الاستعراضية سوى تمهيد لانجاز مهمة التفاوض والعودة للاتفاق ورفع العقوبات الأميركية أو بعضها بالمرحلة المقبلة. هي فترة سماح أميركية لا تخلو من استعراضات وتهديدات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها