الخميس 2021/09/16

آخر تحديث: 17:25 (بيروت)

حزب الله..تاجر النفط الصادق

الخميس 2021/09/16
حزب الله..تاجر النفط الصادق
increase حجم الخط decrease

قريباً، ستثبت الايام ان دخول المازوت الايراني- السوري الى لبنان، هو تحول استراتيجي في موازين القوى السياسية والاقتصادية (والنفطية) اللبنانية، لكنه حدثٌ تفصيليٌ عابرٌ حسب معايير التوازنات الاقليمية والدولية، لا يحقق إنتصاراً، ولا يفك حصاراً، ولا يكفُّ بلاءً.

وعدٌ صَدَق، فيما هي نادرةٌ الوعودُ اللبنانية التي تصدق. وهو يبعد كأساً مرّاً عن فم شريحة واسعة من اللبنانيين المهددين بالموت والجوع والبرد، من قبل سلطة الشر التي تحرمهم من أبسط حاجاتهم اليومية، ويمنح "حزب الله" براءة ذمّة من أزمة المحروقات ومن التورط في التهريب الى سوريا..وهي وثيقة تحتاج بالطبع الى المزيد من البراهين والتواقيع، التي لا تنفي الأدلة الدامغة على أنه كان وسيبقى شريكاً لهذه السلطة الشريرة وحامياً لها.

لكن الظروف التي فتحت الحدود اللبنانية، الشمالية الشرقية، أمام المازوت الايراني-السوري تفرغ الوعد الذي صدق، من بعض مضامينه ومن بعض معالم جرأته وتحديه لما يصفه الحزب بالحصار، غير الظاهر، والذي تدحضه مواكب الصهاريج والاعلام والشعارات، وتكشف ان تجارة النفط الايرانية والسورية، والآن اللبنانية، هي خارج نظام العقوبات الاميركية الجائر.. الذي بدأ منذ مطلع هذا العام يغض الطرف عن الصادرات الايرانية، وعن الواردات السورية، وعن الصفقة الاخيرة التي أبرمها حزب الله.

لا حصار ولا من يحزنون. ولا تحدي لمن لا يكترثون. وليس هناك دليلٌ على ان الاميركيين والاسرائيليين قرروا إلتزام الحياد لأنهم يحترمون الدوافع الانسانية لتلك الصفقة، أو لأنهم يقبلون بإرتفاع مكانة حزب الله في الداخل اللبناني، الذي شعر أغلبه بالحذر من الإعتماد على موانىء النظام السوري وصهاريجه وربما مازوته الخاص أيضاً.. من دون داعٍ أبداً.

كان، ولايزال، يتوقع أن تصل شحنات الوقود الايرانية الى ميناء لبناني ما، الى الزهراني مثلا الذي سبق لمنظمة التحرير الفلسطينية أن إستخدمته في الماضي مراراً لهذا الغرض بالذات، بل إنها إستخدمت أكثر من مرة مرفأ صور بالتحديد، لتهريب المشتقات النفطية والاسلحة والذخائر.والساحل اللبناني كله ما زال يحفظ تجارب التهريب ويحتفظ بموانئها غير الشرعية، التي لن يكون بمقدور بحرية اليونيفيل ضبطها. كان هذا هو التحدي: أن يصل الوقود الايراني الى شواطىء لبنان مباشرة، لا سيما وأن لا خطر جدياً يتهدد تلك الشحنات، ويبرر إعلان السفن الايرانية أرضاً لبنانية.

لكن الحزب أضاع فرصة ذهبية لكي يثبت أنه ماضٍ في التحدي حتى النهاية، ومهما كلف الأمر، وسيفعل المستحيل لكي يوفر الوقود للمستشفيات والأفران والمدارس..وأفسح في المجال لسيل لا ينتهي من الشائعات والتقديرات، منها ما يفيد بأنه لم يقدم على خطوة جبارة، بل أقدم على تجارة رابحة، أو حصل على مخصصاته المالية الإيرانية بالليرة اللبنانية، أو سحب من مخزونه الخاص من المشتقات النفطية الموجود داخل الاراضي السورية، أو حصل على شحنة مسبقة من مخزون النظام السوري بالذات، ووضع البلد كله على مسار الارتهان مجدداً لذلك النظام..

        وربما لهذا، لا تخلو تلك الخطوة من الجرأة، على المستوى اللبناني. فقد أُعذر الحزب لأنه أَنذر مراراً وتكراراً. جاء بالنفط من إيران، قبل ان ينفتح خط الغاز والكهرباء العربي، الذي بات يمكن أن ينتظر طويلاً، ويمكن أن يستدعي التفاوض كثيراً. المهم أن الحزب دخل تلك التجارة المحرمة، والمحصورة بكارتل شركات لبنانية تنظم الاحتكار وتديره وتستند الى قوانين لبنانية تحميه. تحدي تلك الشركات مكسبٌ لا شك فيه، ليس فقط للحزب بل لطائفته التي باتت تعتمد عليه أكثر بكثير مما تعتمد على الدولة اللبنانية لكي يوفر لها متطلبات الصمود والبقاء.. بغض النظر عما إذا صدق الكلام عن حصار أميركي أو تهديد إسرائيلي، يمنع الحزب من أن يتحول الى تاجرٍ شرعيٍ للنفط، لا يشكك أحد بقيمة هِباته الأولى، ولا بصدقية فواتيره اللاحقة.        

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها