الإثنين 2021/08/23

آخر تحديث: 20:46 (بيروت)

هل هناك انتخابات؟

الإثنين 2021/08/23
increase حجم الخط decrease

على هامش موجات التفاؤل والتشاؤم حيال تشكيل الحكومة اللبنانية، يتكاثر الحديث عن موسم الانتخابات العام المقبل، وهو يشمل قانوناً 3 استحقاقات: بلدية وبرلمانية ورئاسية. تُطرح أسئلة عديدة حيال هذه الاستحقاقات، إما لجهة إجرائها جميعاً في موعدها، أو لناحية النتائج المرتقبة أو المرجوة منها.

في الشق الأول من البحث، وهو احتمال حصولها، من الضروري أن يلتفت الواحد منّا إلى حقيقة أن الانتخابات الماضية حصلت بعد 5 سنوات من التأجيل الدوري لعملية الاقتراع نتيجة الصراعات الداخلية وعمليات الاغتيال والتفجير المرافقة لها، والتداعيات الأمنية للحرب السورية. الحرب السورية لم تنته بعد، وتداعياتها، وأيضاً الصراعات الداخلية زادت حدتها، في ظل الاحتجاجات وبعض أعمال العنف المرافقة لها.

بكلام آخر، تتكرر اليوم وبنسب مختلفة، حُجج تأجيل استحقاق عام 2013 لخمس سنوات متتالية، لا بل يُضاف اليها الانهيار الاقتصادي والمالي وتدهور قدرة مؤسسات الدولة على الاضطلاع بمثل هذه المهمة، ناهيك عن حفظ الأمن. إذن، لماذا لا تلجأ الطبقة السياسية الى تأجيل الانتخابات مرة واثنتين كما فعلت عام 2013؟ 

من يأمل بالانتخابات، يتحدث غالباً عن "متغيرين" اثنين، هما المجتمع الدولي أو تحديداً الدول والجهات المانحة التي ستشترط تنظيم الانتخابات في موعدها قبل المساعدة، وثانياً، احتجاج القوى البديلة الرافضة للتأجيل.

في الشق الأول، من الصعب تجاوب الطبقة السياسية مع أي مطلب سياسي للجهات المانحة، وتحديداً إذا كان من الصنف المؤذي لمصالحها ووجودها. شروط الطبقة السياسية لإجراء انتخابات، تشمل الآتي: 1. توافر المال لتوزيعه على الناخبين و2. تقديم رشوات جماعية كمثل توظيف الآلاف في القطاع العام كما حصل قبل انتخابات عام 2018 و3. القدرة على التجييش الطائفي.

كل هذه الشروط غير متوافرة اليوم. في حال تشكيل حكومة، ما زال استحقاق رفع الدعم، داهماً، ولم يُحسم بعد. حتى في حال حصول لبنان على مساعدات خارجية، واستثمارات في البنى التحتية، ولو وُضعت خطة انقاذية للخروج من الوضع الحالي، من الصعب أن ترى نتائجها النور خلال شهور فقط، بل يحتاج ذلك الى وقت أطول. إذاً، الوضع في أيار (مايو) المقبل سيكون مؤلماً أيضاً، ولن يخفت منسوب الغضب الحالي بشكل كاف.

وبما يتعلق بموضوع القوى البديلة وقدرتها على الاحتجاج، كان استحقاق الرابع من آب (أغسطس) الماضي، شاهداً على الفشل في اطلاق حركة احتجاج جديدة في الشارع. إذا كان ذلك غير ممكن للاعتراض على حرف مسار العدالة، من الصعب تحريك الشارع ضد تأجيل عملية الإقتراع. في الحقيقة، استحقاق الرابع من آب (أغسطس) الماضي، شكل بارقة أمل لدى السلطة السياسية في المستقبل، كون القوى البديلة أو المعارضة غير قادرة على الاعتراض على مسارات السلطة، أو على إعادة انتاج حراك 17 تشرين الأول. وهذا انجاز للسلطة. بكلام آخر، الفشل في انتاج حراك في الرابع من الشهر الجاري، أسهم أو سيُسهم في اتخاذ القرار بتأجيل الانتخابات.

إذاً، لماذا تُجري الطبقة السياسية الانتخابات في موعدها رغم أنها أجلتها لمرات؟ 

هناك من يرى أن السلطة قادرة على الفوز رغم الانهيارات السابقة. من الصعب الجزم بهذه النتيجة، سيما أن انتخابات عام 2018 أظهرت هشاشة الفائزين، وفي طليعتهم "حزب الله". تعامل "حزب الله" حينها مع الاستحقاق بصفته طارئاً، وتوجه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله شخصياً لجمهوره في البقاع لحضه على المشاركة بالانتخاب، مُقدماً وعوداً شخصية بمكافحة الفساد لم يتحقق منها شيء. بغض النظر عن النتيجة النهائية لانتخابات عام 2018، كان احتمال خرق قوائم الحزب في الجنوب والبقاع قائماً، لا بل هناك من تحدث عن تزوير لضمان عدم حصول ذلك. لذا، أفضل الاحتمالات لدى الحزب بالانتخابات المقبلة (لو حصلت) هو أن يتحقق هذا الخرق، وأن يكون هناك نائبان شيعيان معارضان فازا بأصوات شيعية، وهذه سابقة مؤذية للتنظيم. وفي الساحتين المسيحية والسنية، حتى لو انحسرت خسائر الحزب، سيفقد مع حلفائه الغالبية البرلمانية. لماذا يوافق التنظيم على اجراء انتخابات سيخسرها؟ ألم يعتبر انتفاضة عام 2019، مؤامرة ضد نتائج الانتخابات؟ لماذا حافظ خصومه على غالبيتهم لتسع سنوات، وعليه أن يفقدها بأربع؟

على الحزب أيضاً أن يُواجه استحقاقاً مصيرياً آخر قبل الانتخابات، هل يُبقي على تحالف الثنائي الشيعي؟ الإجابة على هذا السؤال في أيار (مايو) المقبل، خسارة مبكرة أيضاً، وهي خارج توقيتها المحسوب. لهذا بالنسبة للحزب وأيضاً حليفه الشيعي، التأجيل شبه محسوم.

في نهاية المطاف، يبقى الاستحقاق الانتخابي العام المقبل، بعيداً أو طويل الأمد، في بلد يتسارع فيه الانهيار، وتُخيم عليه الفوضى بشكل متزايد. ورغم أن الانتخابات اليوم تبدو بحكم المؤجلة، قد  تعود وتفرضها المتغيرات المتسارعة خلال الأسابيع والشهور المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها