الخميس 2021/04/01

آخر تحديث: 12:23 (بيروت)

أنه موسم تأجيل الانتخابات..ولبنان جاهز

الخميس 2021/04/01
أنه موسم تأجيل الانتخابات..ولبنان جاهز
increase حجم الخط decrease
إنه موسم الانتخابات، أو بالأحرى موسم تأجيل الانتخابات، المقررة هذا العام، في أكثر من بلد عربي، ما زال يحفظ في دساتيره وسجلاته الوطنية هذا الاجراء الرمزي، الذي كاد الربيع العربي قبل عشر سنوات أن يحوّله الى طقس سياسي راسخ ومقدس، لولا غدر الزمان.

السباق على أشده هذه الايام بين فلسطين وسوريا، اللتين تتنافسان الآن  للإقدام، بوعي وتصميم، على إلغاء الانتخابات النيابية والرئاسية المقررة الشهر المقبل في البلدين. وما هي إلا ساعات أو أيام على الأكثر حتى يصدر قرار التأجيل من رام الله ومن دمشق. أيهما ستسبق الأخرى في الإعلان عن إبقاء مراكز الاقتراع مقفلة، ووقف الحملات والمعارك الانتخابية العابثة، التي لا تتناسب مع خطورة المرحلة، ولا تحترم الحرص الشديد الذي تبديه السلطات على صحة المواطن الفلسطيني والسوري المهددة بجائحة كورونا.

 ولولا بعض الخصوصيات والحساسيات الوطنية، لأمكن التكهن بأن القرارين الفلسطيني والسوري بالتأجيل قد يصدرا في وقت واحد، ليكونا بداية موجة جديدة من الانقلاب المضاد، على ذلك الخيار الشكلي، البرتوكولي، بل الهامشي، تمتد آثارها الى مختلف أنحاء العالم العربي.. وإن إختلفت الحجج والذرائع، وتنوعت أشكال الحرج والتفلت، وتمايزت ردود الفعل الشعبية بين بلد وآخر، بحسب "قداسة" اللجؤ الى صناديق الاقتراع لقياس أصوات الناخبين والمقاطعين.

قوة الحجة الفلسطينية المحتملة للتأجيل لا شك فيها، ولا جدال: هل يمكن أن تجري أول إنتخابات فلسطينية منذ خمسة عشر عاماً، من دون القدس ومن دون أصوات المقدسيين؟.. بينما السؤال الملحّ هو: هل يمكن أن تجرى الانتخابات في ظل هذا التشظي بين "ديناصورات" حركة فتح، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس نفسه، التي ترفض التسليم بقوانين الطبيعة، وبين أجيالها الجديدة الباحثة عن وجوه جديدة، مختلفة، لقيادة المشروع الوطني ووقف تعثره، مثل الاسير مروان البرغوثي وناصر القدوة؟ وهل يمكن أن تجري إنتخابات في ظل هذا التربص المتبادل بين الفتحاويين وبين حركة حماس، ومن دون بناء جسور الثقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ما سمح لشخصيات مشبوهة باختراق صفوف الجانبين، مثل محمد دحلان وسواه؟

المعلومات الواردة من رام الله تفيد بان قرار التأجيل وإراحة القيادات الفلسطينية من عناء هذا الاختبار الصعب للشعبية والشرعية، سيصدر بين لحظة وأخرى.. وهو كما يبدو سيسبق قراراً مماثلاً منتظراً من دمشق، التي تعاملت ولا تزال مع "الاستحقاق الدستوري" على طريقتها التقليدية الحاسمة: لا إنتخابات ولا من يحزنون؟ ولا مرشح غير الرئيس، ولا منافس غير من يختاره الرئيس؟ ولا ولاية رئاسية لأحد غير الولاية الرابعة؟ وإذا ما فتحت مراكز الاقتراع، لسبب أو لآخر،  فإن النتائج معروفة بدقة، وهي تزيد على ستة ملايين صوت، حسب تقديرات رسمية منشورة فعلا منذ أسابيع، ينالها حتما بشار الاسد، إذا شاء، وإذا رغب الروس والايرانيون في إضافة هذا الرقم الى سجلاتهم ومذكراتهم عن الإحتلال المزدوج للاراضي السورية.

الوقت السوري يداهم الجميع أيضاً. تأخر إطلاق الحملة الانتخابية للرئيس نفسه. جائحة كورونا التي اصابته كانت حجة عابرة. الحجج الاخرى لا تقل أهمية، وأبرزها أن الاستحقاق يأتي هذه المرة في ظل مجاعة حقيقية، ونقص في السلع الغذائية والمشتقات النفطية التي يفترض ان توزع على الناخبين لكي يندفعوا نحو مراكز الاقتراع، من تلقاء أنفسهم، لكي يختاروا الرئيس الذي إنتصر على نفسه وعلى الوباء وعلى الدولار الاميركي وعلى المؤامرة الكونية.

العراق هو التالي؟ أم تونس؟ ليبيا؟ الجزائر؟ السودان؟ اللائحة طويلة للبلدان العربية التي تهاب فتح ذلك الصندوق الاسود وما يمكن أن يخرج منه من شياطين وأبالسة وسحرة، يهددون السكون الذي إستعيد بالقوة القاهرة، وبالثورة المضادة، التي أحالت نصف العرب تقريباً الى شهداء أو سجناء أو معوقين، أو منفيين في مختلف أنحاء الكون، في عشر سنوات فقط لا غير.

لم يدخل لبنان بعد في هذا السباق، لكنه جاهز طبعا، نظراً لخبرته الطويلة في التأجيل والتمديد والتشويه لأي "إستحقاق إنتخابي". ولن ينتظر لبنان حلول موعد "إستحقاقاته" النيابية والرئاسية العام المقبل، حتى يفاجىء العرب والعالم أجمع بإعلان التوقف عن سداد ديونه الانتخابية المتراكمة.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها