الأحد 2021/02/07

آخر تحديث: 06:52 (بيروت)

حسين مخلوف..المستثمر والوزير!

الأحد 2021/02/07
حسين مخلوف..المستثمر والوزير!
increase حجم الخط decrease

قد يكون "حسين مخلوف"، إحدى الشخصيات التي تجسد باختصار عقلية نظام الأسد، وكيف ينظر إلى مؤسسات "الدولة السورية". فهو رجل أعمال ينشط في مجال الإعمار والمقاولات، وفي  الوقت نفسه، هو وزير يتولى وزارة تُعنى بنفس القطاعات التي ينشط فيها بوصفه مستثمراً.


ذلك التضارب بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة لمسؤولي "الدولة"، والذي لا يحصل في أي دولة بالعالم تحترم نفسها، يمكن أن يتحقق، وبصورة علنية، في سوريا، حينما نعلم أن "حسين مخلوف"، هو ابن عم "رامي مخلوف"، حوت الفساد الأكبر في سوريا، حتى وقت قريب. 


وما يثير الاهتمام أكثر في شخص "حسين مخلوف"، وزير الإدارة المحلية بحكومة الأسد، أنه كان أحد الناجين من خلاف رامي مخلوف، ورأس النظام، بشار الأسد. وبعد أن كاد يدفع ثمن قرابته لـ رامي وقُربه منه، خرج "حسين مخلوف" من هذه الأزمة سالماً، وفق ما يظهر للمراقب الخارجي على الأقل، ليُسلّمه الأسد ملفاً مثيراً للحساسية، لدى الحليف الروسي تحديداً، وهو ملف إعادة اللاجئين السوريين في الخارج.


كانت تصريحات "حسين مخلوف" أمام مجلس الشعب التابع للنظام، يوم الخميس، وأرقامه الخُلبية عن أعداد اللاجئين السوريين العائدين إلى "حضن الوطن"، مناسبةً دفعتنا للوقوف عند سيرة هذا الرجل الذي تمكن حتى الآن، من الصعود بسلاسة ليصل قريباً من قبة هرم النظام، مدفوعاً بانحداره من "آل مخلوف"، من جهة، وقرابته من رامي تحديداً، من جهة أخرى، مما مهد له الطريق منذ تخرجه من كلية الهندسة المدنية بجامعة تشرين عام 1987، ليتبوأ عدداً من المناصب الحكومية، اندرجت جميعها ضمن قطاع الإنشاءات والإعمار والبنية التحتية. وفيما كان يتبوأ تلك المناصب، كان ينشط في الوقت نفسه، لحسابه الخاص، فأسس شركة في لبنان منذ العام 2005، حملت اسم "سوريانا"، تعمل في مجال المقاولات بسوريا، وذلك وفق ما كشف موقع "أخبار الآن"، منذ بضعة أشهر. إذ يشير سجل الشركات اللبنانية عبر الانترنت، إلى أن "حسين مخلوف" يمتلك 99,99٪ من أسهم الشركة ويشغل منصب رئيس مجلس الإدارة.


بدوره، يقدّم موقع "الاقتصادي – سورية"، دليلاً آخر على نشاط "حسين مخلوف" الاستثماري في قطاع الإنشاءات والإعمار بسوريا. ووفق الموقع المذكور، فإن "مخلوف" شريك مؤسس في شركة "مارت للتجارة والمقاولات"، بنسبة 50%. كما أنه شريك في شركة أخرى، تحمل اسمه الشخصي، "مجموعة حسين مخلوف وشركائه". والشركة الأخيرة، هي ذاتها "راماك الإنشائية"، التي كان "حسين مخلوف" شريكاً لابن عمه "رامي مخلوف"، فيها، والتي فُرضت عليها عقوبات دولية، دفعت الشريكين إلى تغيير اسم الشركة، بصورة تسمح برفع العقوبات عنها، قبل حوالي 10 سنوات.


وفي عام 2011، كان لافتاً تعيين "حسين مخلوف"، محافظاً لـ ريف دمشق، مع تطور أحداث الحراك الثوري حينها. وكما هو معلوم، فالريف الدمشقي كان مسرحاً لأكبر الاحتجاجات المناوئة للأسد، على أبواب العاصمة دمشق. مما يؤشر إلى مدى ثقة رأس النظام بـ "حسين مخلوف" حينها.


لكن هذه الثقة، تعرضت لهزة عنيفة، مع تفاقم الخلاف بين "رامي مخلوف"، و"بشار الأسد". وكان "حسين مخلوف" أحد أبرز المستهدفين من جانب "لجنة مكافحة الفساد" التابعة للقصر الجمهوري، والتي تديرها أسماء الأسد، منذ أيلول/سبتمبر 2019، في مسعى لـ "قص" أجنحة "آل مخلوف" المنافسين لها ولزوجها، في السيطرة على اقتصاد البلاد. 


ومن غير المعروف بعد، كيف خرج "حسين مخلوف" من هذا المأزق. لكن، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ظهر اسم "حسين مخلوف" إلى جانب شخصين بارزين، هما لونة الشبل، مستشارة الأسد المُقرّبة، وأيمن سوسان، معاون وزير الخارجية السابق، ضمن الوفد السوري الذي قاده بشار الأسد شخصياً، لاستقبال وفد روسي رفيع المستوى، بغرض الترتيب لمؤتمر إعادة اللاجئين السوريين بدمشق.   


ومنذ ذلك الحين، تصدر "حسين مخلوف" الحديث عن ملف إعادة اللاجئين السوريين، الأمر الذي يُظهر أن الرجل حظي بثقة الأسد مجدداً، خاصة أن لهذا الملف حساسية في العلاقة بين موسكو الراغبة بتسهيل عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين، وبين رأس النظام بشار الأسد، الذي يريد إدارة هذا الملف بصورة لا تشكل تهديداً لاستقرار سلطته في البلاد.


ومنذ ختام أعمال مؤتمر إعادة اللاجئين قبل شهرين ونيّف، تعوّد "حسين مخلوف" على إطلاق أرقام كبيرة لأعداد اللاجئين العائدين إلى سوريا، كان آخرها حديثه، يوم الخميس، أمام مجلس الشعب، عن عودة 1,1 مليون لاجئ، معظمهم عادوا من لبنان، وفق إدعائه. وهو رقم يتنافى مع تصريحات حديثة لمسؤولين لبنانيين تحدثوا عن بقاء أكثر من مليون لاجئ سوريّ على الأراضي اللبنانية، من أصل 1,5 مليون لاجئ سابقاً. 


أما الأكثر إثارة للاهتمام في حديث "حسين مخلوف" المطوّل أمام "مجلس الشعب"، فكان الإشارة إلى إنجازات وزارته في ما يتعلق بالمخططات التنظيمية ومعالجة السكن العشوائي، وإعادة الترميم والإعمار. وهي الملفات التي يتقن "مخلوف" العمل فيها، كمستثمر، لصالحه الخاص. 


ويبقى السؤال: ماذا قدّم "حسين مخلوف" للأسد وزوجته، كي يبقى على كرسي وزارته؟ تبقى الإجابة مجرد تكهنات حتى الآن، لكنها تصب جميعها في اتجاه واحد، أن "حسين مخلوف" تمكن من القفز من مركب "رامي مخلوف" الغارق، إلى مركب "الأسد وعقيلته"، ليكون ذراعاً لهما، في نهب ثروات البلاد.



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها