الجمعة 2021/02/26

آخر تحديث: 19:12 (بيروت)

متى يفلتون كلابهم؟

الجمعة 2021/02/26
متى يفلتون كلابهم؟
increase حجم الخط decrease
في المرحلة الحالية من الانهيار المالي والاقتصادي، فقدت بعض الأسئلة مشروعيتها، وأولها "متى تتحرك الطبقة السياسية للحؤول دون انفجار يُهدد مصالحها؟". ذاك أن هذا السؤال مبني على فرضية أن الطبقة السياسية برمتها، أو ربما بأركانها الأساسيين وعلى رأسهم "حزب الله"، لا ترغب في انهيار شامل بالبلاد، وأنها تُمارس اللعبة السياسية اللبنانية وقاعدتها الأولى هي "العرقلة حتى تنازل الطرف الآخر".

الحقيقة أن الطبقة السياسية لم تُظهر إلى الآن أي خوف حقيقي من الانهيار الكبير. السياسيون اللبنانيون غير معنيين بالانهيار، ولا يدقون نواقيس الخطر، بجدية، بل يتصرفون وكأن شيئاً لا يحدث. هم يعرفون مستويات الفقر وكمية المآسي من خلال الاتصالات التي يتلقونها. لكن من قال إن هذا أمر يُزعجهم، سيما أن السياسيين حوّلوا أموالهم للخارج في ظل غياب قانون الكابتال كونترول، وبات بإمكانهم تحويل دولارات للإفادة من انهيار سعر الصرف لتوسيع دائرة المستفيدين. وهذا يحصل على مستوى واسع. يشعر المريدون اليوم بوجود قوي للزعيم، إذ يُوزّع إعاشات دورية الى أناس لم يكونوا أصلاً من المستفيدين حوله. عجيب أننا وسط الانهيار نرى ارتفاعاً في شعبية بعض هؤلاء الزعماء.

هل هذا وضع يستدعي وقف الانهيار؟

قريباً جداً، مع تقدم سعر صرف الدولار، سنرى تدهوراً أسرع وأوسع للأمن في البلاد، ما يستدعي أيضاً أصنافاً من الأمن الذاتي، بدأت تطل برأسها. من يملك القدرة على توفير الأمن الذاتي؟ أليست أحزاب السلطة وميليشياتها؟ لهؤلاء القدرة على تجنيد المزيد من الميليشيويين والانفاق بالعملات الصعبة وشد العصب الديني من خلال أزلامهم في المؤسسات الدينية. والأمن في زمن الصعاب سلعة تُباع وتشترى. ألم يفعلها هؤلاء الزعماء عندما كانوا يقودون ميليشياتهم في زمن الانهيار الأول، في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي؟ لدى هؤلاء القادة الخبرة المناسبة للعودة الى زمن الخوات ومنح الأمن وسلبه.

بإمكان الساسة اللبنانيين أن ينتظروا تنازل الطرف الآخر عن مطالبه، أو ربما تبدل الوضع الإقليمي أو الدولي، فيما ينهار البلد وتُعاني الناس وتصطف أمام أبوابهم لتسول المساعدات. التبريرات موجودة وهي لوم الطرف الآخر على الفشل، وتبرئة النفس من خلال قول "لقد حذرنا مراراً" أو حياكة الكلام ذاته عن مؤامرات خارجية ضد لبنان. وبالإمكان الاستعانة بعمامة أو قبعة دينية من أجل توفير المبررات. هناك سيمفونية كاملة بالدين والسياسة والعسكر والعصبيات جاهزة للعزف متى أراد الزعيم.

مصدر الخوف الأساسي لدى السلطة وأركانها هو من الحراك المضاد على الأرض، ولهذا دواء معروف يمزج بين الاغتيال (واتهام إسرائيل به) وبين أحكام قاسية بالسجن على طريقة المثل الإنكليزي (اذبح الدجاجة لإخافة القرد). وفي لحظة الانهيار الكبير على كل المستويات، يُصيب الوهن الجميع عدا أركان السلطة، وتصير المشاركة في تظاهرة أو حركة احتجاجية نوعاً من الرفاهية لا يملكها الساعي الى لقمة عيش العائلة.

هذا الوضع يحتاج الى ضوابط مُحددة، إذ أن الفلتان الأمني والسياسي يجب أن يكون تحت السيطرة. ومع اقتراب هذه اللحظة، ربما علينا أن نسأل "متى يفلتون كلابهم؟". متى تكشف السلطة عن بقية أنيابها ونعود الى صورتها الأصلية في زمن الثمانينات، لتُراكم الجرائم مجدداً، طبعاً بانتظار قانون عفو جديد، كذلك الذي أزالوا فيه قبل 30 عاماً، آثار عشرات آلاف الضحايا في ليلة واحدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها