الجمعة 2021/12/03

آخر تحديث: 06:08 (بيروت)

نقابة المحررين..و"ألف ليلة وليلة"

الجمعة 2021/12/03
نقابة المحررين..و"ألف ليلة وليلة"
increase حجم الخط decrease

انتهت يوم الأربعاء الماضي انتخابات نقابة المحررين بفوز لائحة النقيب جوزف القصيفي المدعومة من أحزاب السلطة مضافاً اليها "القوات اللبنانية"، دون تسجيل أي خرق يُذكر، وبشكل كاسح، إذ حاز على 536  صوتاً من أصل 669 شاركوا في الانتخابات.

ماذا يعني أن تحصل سلطة الأمر الواقع المتحالفة مع الأحزاب، على أكثر من ثمانين بالمئة من أصوات المقترعين في وقت تشهد الانتخابات النقابية تنافساً يُحسم غالباً لمصلحة المستقلين الناقمين على واقع الحال؟

الاستنتاج الوحيد هو أن هناك خطباً في العملية الديموقراطية برمتها. لكن في حالة نقابة المحررين، لا تكمن المشكلة في عملية الاقتراع نفسها، بل في آلية الانتساب اليها، وتحديداً الاستنسابية في ذلك من أجل ضمان عملية اقتراع سلسة كل ثلاث سنوات.

ذاك أن فتح جدول نقابة المحررين أمام الصحافيين هو مثل الخسوف والكسوف، يحدث في حالات استثنائية، وغالباً بشكل استنسابي في ظل غياب معايير واضحة على ارتباط بنوعية المهنة (مرئي أو مسموع أو مكتوب). وهو غالباً مُغلق أمام كتلة الصحافيين. وهذه سياسة التزمتها النقابة منذ انتخاب الراحل ملحم كرم نقيباً عام 1961، واستمرت حتى وفاته في منصبه بعد نصف قرن (عام 2010)، ومن ثم بعدما استلمها اثنان من موظفيه السابقين، النقيبان السابق الياس عون والحالي جوزف القصيفي. خلال خمسين عاماً على رأس النقابة، لم يفتح النقيب الراحل كرم جدول الانتساب سوى نادراً وبشكل انتقائي من خلال ادخال موظفيه والمقرّبين والأقارب لضمان فوز سلس وغياب تام لأي تحدٍ ضمن النقابة، على حساب المهنة برمتها.

بالنسبة لكرم، لم يكن الدفاع عن الصحافيين وحقوقهم همّاً على الإطلاق، إذ أن الرجل رب عمل (مدير عام دار ألف ليلة وليلة وناشر صحف ومجلات عديدة)، ولا يجب أن يكون منتسباً لهذه النقابة أصلاً، وممثلاً لعاملين لا ينتمي الى فئتهم، بل الى الجهة المقابلة (أرباب العمل). ويُضاف الى هذا السجل الناصع في تمثيل أرباب العمل، وليس العاملين في مؤسساتهم، أرسى كرم تقليد زيارة المسؤولين السياسيين على اختلاف انتماءاتهم دورياً، والاشادة بهم. وهذا تقليد استمر من بعده، وما زال.

ومن تولى النقابة منذ 2010، وتحديداً الياس عون وجوزف القصيفي، كانا من موظفي دار ألف ليلة وليلة، وعلى صلة وثيقة بملحم كرم ومعرفة بجدول الأعضاء والموارد المالية. وهنا التقت مصلحتان، الأولى ثُلة صغيرة من الموظفين المغمورين ممن يريدون احتكار نقابة بأسرها كدكانة عائلية صغيرة بزبائنها ومريديها، والثانية هي السلطة المهتمة بتصفير كل النقابات بلا استثناء.

لهذا، تُشبه النقابة، بشكل جدولها الحالي، كل انتاج هذه السلطة على مدى العقود الماضية. ومن خلال مجرد تدقيق بسيط في أسماء المنتسبين اليها، تظهر أسماء أقارب النقيب (سابقاً وحالياً) ومن لا يمت الى المهنة بصلة، بل يُلبي معياراً واحداً هو: التصويت في الاتجاه المطلوب.

مبروك للنقيب هذا الانتصار الذي يأتي تتويجاً لمسيرة عمرها 60 عاماً من حرمان الصحافيين جسماً نقابياً يُدافع عنهم، ورحلات حج وترحال لا متناهية الى صالونات السياسيين، أرباب الانهيار اللبناني المتواصل.







increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها