الإثنين 2021/12/27

آخر تحديث: 15:52 (بيروت)

هذا الفخار لن يكسر بعضه

الإثنين 2021/12/27
هذا الفخار لن يكسر بعضه
© Getty
increase حجم الخط decrease
أمام هذا الانهيار المتمادي، لا تملك الطبقة السياسية سوى الحيل السخيفة والمُكررة في السياسة اللبنانية. بعد آلاف الكلمات السياسية التي تُحمّل بقية أركان السلطة، المسؤولية عن الانهيار، قرر التيار الوطني الحر أن المرحلة المقبلة تتطلب خطاباً لرئيس الجمهورية ميشال عون يُحمّل فيه مسؤولية الانهيار لخصومه. لا أسطوانة أخرى لدى التيار سوى التنصل من المسؤولية، والادعاء بأن الآخرين منعوا جهابذة التيار من تحقيق الانجازات والإصلاحات المنشودة. 

وهذه أسطوانة كل الأحزاب اللبنانية ومن ضمنها حليف التيار، أي "حزب الله". التنظيم يدّعي العفة في الشأن العام، ويحاول إبعاد كأس المسؤولية عنه من خلال الادعاء بأن ثمة مؤامرة أميركية وراء كل شيء. الأميركيون حوّلوا المال من المصارف للخارج وتسببوا بالافلاس، ولا علاقة للساسة اللبنانيين بما حصل. هم وراء أزمة العلاقات بين لبنان والعالم العربي، ولا علاقة للمشاركة اللبنانية في حرب اليمن، ولا للتقارب مع إيران ولا للانتقادات المتتالية للخليج على لسان مسؤولين وسياسيين ووسائل إعلام لبنانية. الولايات المتحدة مسؤولة عن الفساد بدعوى حمايتها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. تصويت الحكومات السابقة ومن ضمنها حلفاء "حزب الله" لمصلحة تجديد ولايات سلامة أكان إبان عهد الوصاية السورية أو بعدها، مجرد تفصيل. المهم أن أحداً في لبنان لا يتحمل المسؤولية، وهي عيب في قاموس تنظيم يُقارب شؤون الناس وحياتهم ومعيشتهم كهواية جانبية لا بد منها، وهي أقرب الى مهمات رفع العتب والفروض المنزلية.

والتنظيم مختلف عن نظرائه في السلطة اللبنانية، في كونه يرى أو يدعي رؤية الفشل الداخلي إمتداداً للصراع بين الأمم، وتمادي القوة الكبرى، أي الولايات المتحدة. بقية الأحزاب أكثر تواضعاً، إذ تتهم نظراءها وخصومها المفترضين وإن لم يكن هناك من خصوم، تصنع أحدهم للومه.

لكن يبقى التيار الوطني الحر متقدماً في هذا المجال، إذ تحول خطابه السياسي لما يُشبه مجالس العزاء أو اللطميات في اظهار المظلومية والعجز في المواجهة بين الحق العوني من جهة، والباطل بأشكاله المختلفة، من جهة ثانية. وقائمة الباطل غير محددة، وتُضاف دورياً أسماء جديدة اليها، والتهديد بكشفها جزء مؤجل وشيّق من هذه السيرة العونية. ذاك أننا نسمع غالباً بأن الرئيس ميشال عون "سيُصارح" اللبنانيين ويَبوح بالكلام المؤلم. وهذا "الإمساك" المديد عن البوح بالحقيقة المؤلمة، مُؤلم أيضاً بدوره، وله مضاعفات يتحملها الرئيس وحده، وهذا جزء من "درب الآلام" العوني.

هنا تقع أهمية خطاب الاثنين مساء، هي لحظة الذروة والمصارحة. لكن هناك من يتمنى على "القائد" أن لا يُنهي "إمساكه" الرئاسي. نهاية هذا "الإمساك" المؤلم لم تحن بعد. فليكن هذا الخطاب هو جزء من التصعيد الى الذروة ولتستمر مسيرة "التضحيات". 

هناك من يُعرقل وهناك حليف مشترك مع المعرقل، وهناك المصلحة العليا وعتب كبير. هذه عناصر حبكة غير منطقية ولن يفهمها العامة. والى أن يحين موعد إنهاء الامساك المديد، علينا تقدير أكثر من 12 عاماً في وزارة الطاقة في مواجهة قوى خفية، كان فيها صهره جبران باسيل بمثابة طارد الأشباح (ghostbusters) يُكافح عدواً مجهولاً. 

لن يكسر عون تحالفه مع حزب الله ولن يبوح بالكثير، لكنه سيقترب من اللاشيء الذي قدم لنا منه الكثير خلال السنوات الماضية ويواصل.




increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها