السبت 2021/12/18

آخر تحديث: 06:39 (بيروت)

طبول الحرب تقرع مجدداً في موسكو

السبت 2021/12/18
طبول الحرب تقرع مجدداً في موسكو
increase حجم الخط decrease

ينشغل الغرب منذ أكثر من شهر بالتساؤل عما إذا كان فلاديمير بوتين سيغزو أوكرانيا ومتى، بل ويؤكد بعض الإعلام الغربي ــــــ حسب قناة التلفزة الروسية المعارضة Dojd ـــــ أن الغزو سيتم في الشهرين الأولين من العام القادم، حين يجمد الصقيع طرقات السهوب. في أوكرانيا لا يمتلكون ترف التساؤل، فهم على معرفة عميقة بسلوك بوتين حيالهم منذ وصوله إلى السلطة،  وينهمكون الآن في الإعداد لخوض الحرب المحتملة معه. وتستقبل كييف في 20 الشهر الجاري رئيسي بولونيا وليتوانيا في زيارة "دعم وتضامن"، وذلك لمناقشة "وضع الأمن في منطقتنا" حسب تغريدة لديوان الرئاسة البولونية. كما كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون أورويا وأوراسيا كارين دونفريد قد قامت بجولة مطلع الأسبوع الجاري شملت كييف وموسكو وبروكسل، وناقشت في موسكو "قلق الولايات المتحدة بشأن تعزيز القوات الروسية قرب الحدود مع أوكرانيا"، وعادت وناقشت أمس الجمعة مع وزير الخارجية الأوكراني نتائج زيارتها لموسكو.

صحيفة NG الروسية نشرت في 14 من الجاري لمراسلتها في كييف نصاً بعنوان "في كييف يهيئون الملاجئ ونظام التحذير من الغارات الجوية"، وأرفقته بآخر ثانوي "رئيسا ليتوانيا وبولونيا سيأتيان لدعم زيلينسكي" (فلاديمير زيلينسكي ـــــــ الرئيس الأوكراني). تقول المراسلة بأن إدارة مدينة العاصمة كييف قامت الأسبوع الماضي بجولة تفقدية  لحال الملاجئ في العاصمة، والتي شيدت في العهد السوفياتي وأعدت في العام 2014 لإستقبال المواطنين أثناء الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم. وتنقل عن مسؤول في إدارة المدينة قوله بأنهم سيبدأون بعد أسبوعين إطلاق صفارات الإنذار، وتدريب المواطنين على التصرف وتحاشي نشر الذعر. 

تنقل المراسلة عن المسؤول الأوكراني قوله لمطبوعة المانية بأنه يدعو الغرب للتضامن مع بلاده، ويناشد الحكومة الألمانية الجديدة أن تتفهم بأن مساعدة أوكرانيا لم تكن يوماً على أهميتها اليوم. وقال بأن الأوكران لن يسمحوا لروسيا بإعادتهم إلى الإمبراطورية السوفياتية، وبأن أوكرانيا بلد أوروبي تحتاج للدعم الأوروبي "كما لم تحتاجه يوماً". 

وفي إتصال هاتفي مساء الإثنين المنصرم بين وزيري الخارجية الأوكراني والألماني، تحدثا عن الوضع على الحدود مع روسيا وبيلوروسيا، وعن ضرورة العودة إلى تفعيل عمل "منصة النورماندي" ( أوكرانيا، روسيا، ألمانيا وفرنسا). وتنقل المراسلة عن الوزير الأوكراني قوله بأنهم مصممون بشكل بناء على المضي قدماً في التسوية السلمية "التي ينبغي أن تبداً بمسألة الأمن". وهو واثق من أن التطبيق الكامل لمبدأ "الأمن أولا" سيسمح بإحراز مزيد من التقدم في الجزء السياسي من اتفاقيات مينسك. وتستنتج المراسلة من كلام الوزير الأوكراني أن كييف ليست عازمة على التخلي عن مطلب تقسيم الإتفاقيات إلى جزئين، وذلك من أجل تطبيق البنود المتعلقة بضمان الأمن في المرحلة الأولى، ومن ثم تطبيق البنود الأخرى السياسية. وترى كييف أن هذا يتيح إمكانية إزالة الجمهوريتين المعلنتين ذاتياً في شرق أوكرانيا وإستعادة سيادتها على المناطق غير الخاضعة لها حالياً. وهذا يعني أن أوكرانيا ليست عازمة على تلبية مطالبة هاتين الجمهوريتين كييف منحهما وضع حكم ذاتي خاص.

بعد الإتصال الهاتفي بين الرئيسين الأميركي والروسي، بعض الخبراء في كييف كانوا يتوقعون أن تعمد واشنطن إلى الضغط على الرئيس الأوكراني لتطبيق إتفاقيات مينسك بالترتيب الذي وردت فيه بنودها. لكن المراسلة تنقل عن الأوكرانيين نفيهم صدور "ولو تلميح" عن واشنطن إلى هذا الأمر. وتشير إلى لقاء وزير الخارجية الأوكراني مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي كارين دونفريد عشية زيارتها لموسكو، وتأكيد الأوكراني بأن الجانب الأميركي وافق على مبدأ "لا قرارات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا". 

في مقابلة أجرتها نوفوستي مع نائب وزير الخارجية الروسية لشؤون أميركا الشمالية والجنوبية سيرغي ريابكوف في 13 من الجاري، رأى أن تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو تدفع موسكو للإعتقاد أن الولايات المتحدة تستعد لتكرار أزمة الصواريخ التي دفعت العالم العام 1962 إلى حافة الحرب النووية. يشكو ريابكوف من عدم إنصات الولايات المتحدة وحلفائها إلى ما يقلق روسيا من إقتراب الناتو مع صواريخه النووية من حدودها الشرقية، ويقول بأن غياب التقدم في المجال السياسي الدبلوماسي في حل هذه المسألة يؤدي إلى أن يكون "ردنا عسكرياً وعسكرياً تقنياً، أي أنه سيكون صراع، ستكون جولة تالية وستظهر مثل هذه الوسائل ( الصواريخ الحديثة تكنولوجياً التي ينصبها الغرب قرب الحدود الروسية) في جانبنا". 

تحدث ريابكوف عن قرب صياغة مطالب روسية محددة من الغرب بشأن مسائل أمنها القومي وضرورة عقد إتفاقات ومعاهدات قانونية بشأنها، وليس الإكتفاء بتأكيدات الناتو عدم نيته الإقتراب من حدود روسيا. ثم رد على سؤاله بشأن تصريح بايدن للرئيس الأوكراني بأن الولايات المتحدة مستعدة لإتخاذ إجراءات جدية في حال حصول عدوان روسي، قائلا بأن الأميركيين يركزون يشكل غير مفهوم على فكرة أن ثمة خطراً "هجوماً روسياً" على أوكرانيا. يكرر الرجل الموقف الرسمي الروسي بأنه لا وجود لمثل هذا الخطر "ولا يمكن أن يوجد"، وما تقوم به روسيا على أراضيها(من حشد قواتها على حدود أوكرانيا) لا علاقة للأميركيين به، و "ليس لهم لا الحق الأخلاقي ولا السياسي لطرح المسألة في هذا الإطار". 

نجمة إنتفاضة الروس الكبرى ضد حكم بوتين في العامين 2011 ـــــــ 2012 ناتاليا بيليفينا، والتي تم فبركة قضيتين جنائيتين ضدها، وفي إطلالتها الأولى في "المدن" وردها على السؤال عن إحتمال قيام بوتين بغزو أوكرانيا، قالت بأن أوروبا في الشهر الأخير متوترة من جديد بسبب الديكتاتور الروسي. كان ثمة شبهات ولا تزال بأن بوتين يضمر جولة جديدة من الحرب مع أوكرانيا. منذ أيام زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي كييف وموسكو في محاولة لتقويم مستقبل تطور الأحداث، وذلك من أجل أن تتبلور لدى الولايات المتحدة "خطة معقولة".

وتقول بأنه حتى لو لم تقع حرب جديدة، فالحرب الدائرة الآن في الدونباس  قد دمرت علاقات روسيا بأوكرانيا أكثر مما دمرها إجتياح القرم.

وفي ردها على السؤال فيما إذا كانت حروب بوتين ضد الجمهوريات السوفياتية السابقة تجري ضمن محاولته إعادة إحياء "إتحاد سوفياتي ما"، قالت ناتاليا بأنه كثيراً ما ينسبون إلى بوتين محاولة إحياء أو تجميع الإتحاد السوفياتي كما يجمع البازل، لكن الأمر، برأيها،  أبسط من ذلك بكثير. ففي ظل غياب الأيديولوجيا، يصبح وجود أعداء ما وحرب تحريرة أبدية هو الرابط الرئيسي لنظام الديكتاتور، وبوتين يدرك ذلك ويستغله. لم تكن أي ديكتاتورية مسالمة، بل تحمل هذه الأنظمة الأذى لشعبها وللعالم بأسره، لكن الجيد أن ما من ديكتاتورية أبدية.

المراسل الخاص في الشرق الأوسط لصحيفة Novaya الليبرالية الروسية المعارضة وديع الحايك المقيم في موسكو، يقول ل"المدن" بأن ما يدور حول إحتمال غزو بوتين لأوكرانيا، ليس سوى "همروجة" يغذيها بوتين. ويرى أن لا إمكانيات مالية لدى روسيا للإقدام على هذا الأمر، وهي للإستهلاك الداخلي، ويريد بوتين من ورائها الحصول على موافقة الولايات المتحدة على لقاء ثنائي يقرر مصير أوكرانيا، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة رفضاً قاطعاً وتشترط حضور أوكرانيا أي لقاء من هذا القبيل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها