الإثنين 2021/11/29

آخر تحديث: 07:09 (بيروت)

مفاوضات غير واعدة في فيينا

الإثنين 2021/11/29
increase حجم الخط decrease

ليس هناك الكثير من التفاؤل في الجولة الأخيرة لمفاوضات فيينا، وهذا ينعكس سلباً على المنطقة بأسرها، ومنها لبنان المفتوح أمام التلاعب والمنازلة بالوكالة لمن أراد وقرر.

في فيينا حيث تجتمع وفود ايران والصين والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة، منسوب التفاؤل منخفض لأسباب أولها التقدم الحاصل في البرنامج النووي الإيراني، والتوتر الإسرائيلي المرافق له. وفقاً لما تنشره الصحافة العبرية، تحتاج إيران الى سنة أو سنة ونصف السنة للحصول على القدرات التقنية لاستكمال صنع قنبلة نووية. بعدها، سيكون على طهران إجراء تجربة نووية (إسرائيل لم تجر تجربة نووية علنية، لكن يتردد أن علماء إسرائيليين كانوا حاضرين في تجارب جنوب افريقية ابان نظام الفصل العنصري هناك).

ثاني أسباب عدم التفاؤل هو الشروط الجديدة. إيران باتت الآن تطلب تعويضات مالية من الولايات المتحدة عن عقوبات الإدارة السابقة رغم التزام إيران بجانبها من الاتفاق، علاوة على ضمانات منها بعدم الانسحاب مجدداً، كما حصل مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن الرئيس جو بايدن غير قادر دستورياً على توفير أي ضمانات تتجاوز الإدارة الحالية.

وهذه معضلة حقيقية. ماذا لو وافقت طهران على العودة للاتفاق، وأعادت برنامجها النووي للوراء، ومن ثم فازت إدارة أميركية جمهورية عام 2024؟ من المطلوب حالياً التوقيع على اتفاق مؤقت للجانب الأميركي ينتهي مع انتخاب رئيس جمهوري، لكنه دائم الآثار للجانب الإيراني (يعيد البرنامج النووي للوراء سنوات). إذاً، لماذا تعود ايران الى المفاوضات بكل هذه الشروط الجديدة، وفي ظل غياب التفاؤل؟

الإجابة هي الصين. بكين تشتري غالبية النفط الإيراني الذي ارتفعت مبيعاته أخيراً الى حوالى مليون ومئتي الف برميل (تضاعف ست مرات من مستوى مئتي ألف برميل في ظل إدارة ترامب). الصين هي مسؤولة عن فك الكماشة الأميركية على ايران، لكن ذلك يمنحها قدرة الضغط والحسم في حال أرادت ذلك. لهذا، فإن المقايضة الصينية-الأميركية تحظى بقدر مماثل من الأهمية. إذا أرادت الصين، بإمكانها الضغط على ايران للقبول بالعودة للاتفاق، أو العكس. وبالنسبة للمشاركين في هذه المفاوضات، والمراقبين الأميركيين، الموقف الصيني وحده الحكم والمؤشر الى مآلات الأمور. إلا أن سياسة هذه الإدارة حيال الصين، لا توحي بحلول أو صفقات من هذا النوع.

لهذا، علينا أن نفترض عدم نجاح الجولة الجديدة من المفاوضات، وأنها ستنتهي دون تحقيق أي نتائج. من الصعب عدم أخذ التهديدات الأميركية والإسرائيلية باللجوء الى خيار الضربة العسكرية، على محمل الجد. لكن في الوقت ذاته كذلك، من شأن تنفيذ ضربات جوية على المنشآت الإيرانية أن يستدعي رداً أو سلسلة ردود بعضها عسكري مباشر وآخرها أمني، ما قد يجر واشنطن مجدداً الى منطقة ترغب إدارة بايدن في الانسحاب منها. 

وهنا منطقة رمادية خطرة بالنسبة لساحة مفتوحة كلبنان. الحرب السيبرانية الدائرة بين إسرائيل وايران (استهداف محطات الوقود الإيرانية ورد طهران بكشف خصوصيات المشتركين في مواقع مواعدة مثلية إسرائيلية، كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز")، أو التصعيد الأخير في عمليات قصف سوريا، تُمثل مؤشرات الى البحث عن وسائل أخرى للضغط، قبل خيار الضربة المباشرة. الهدف المنطقي الآن هو لي ذراع ايران للعودة للاتفاق بشروط مقبولة، لكن هل يكون لبنان بوابة لذلك؟ 





 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها